في الصميم: رجاءً... لا علامات نصر
حتى الآن، وحسب علمنا، وبعد وقف ترامب للمذبحة الإسرائيلية ضد الغزيين، لم يرفع أحد من منفذي عملية 7 أكتوبر 2023 علامة النصر، ونرجو ألا يفعلها أحد لا منهم ولا من غيرهم، ولا ممن غرر بهم، فيكفينا علامات نصر مزيفة بعد كل هزيمة نكراء، وما أكثرها من هزائم!
لا يحق لكل مَنْ تسبب في الدمار والهلاك والتشريد رفع علامة النصر، لا في لبنان ولا في اليمن ولا في غزة، ولا حتى في طهران، لا نريد أن نسمع المزيد من الشعارات السقيمة العقيمة، لا يحق أن يرفع يده بعلامة النصر مَنْ تسبب تهوره في استشهاد نحو 70 ألف فلسطيني منهم 18 ألف طفل، فضلاً عن نحو 170 ألف جريح، ولا يزال العدد يزيد مع كل رفع للأنقاض، ولا مَن تسبب في تدمير نحو 90% من غزة التي كانت في يوم ما أجمل مدن فلسطين، وإتلاف نحو 94% من أراضيها الزراعية، إلى جانب تسببه في خسائر اقتصادية قُدِّرت بـ 70 مليار دولار، وبـ 80 ملياراً تكلفة مقدرة لإعادة الإعمار، وهذه أرقام أولية مرشحة للزيادة.
الوحيد الذي يحق له رفع علامة النصر هو السيد ترامب، فلهفته على الفوز بجائزة نوبل هي التي عجّلت بوقف المجزرة الإسرائيلية، ولكننا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يفتر حماسه ويتنصل من وعوده بعد أن أفلتت منه تلك الجائزة.
قول الحقيقة صعب، إنها أصعب من الكذب، فالكذب سهل، فليس هناك أسهل من تحويل الهزيمة إلى نصر كاذب، وقول الحقيقة المرّة مؤلم لأنها تجبر قائلها على التجرد من العواطف. إننا نعيش زمناً صعباً اختلطت فيه الأوراق، وتعارضت فيه المصالح بالشعارات، وتحوّل القومي العروبي إلى عميل إسرائيلي، والعميل للأجنبي تحوّل لبطل ومقاوم، وصار التهور وإلقاء الآخرين إلى التهلكة بطولة، ووُصم رافضوها بالخانعين الخائنين للقضية، حتى ولو كان هذا التهور متعمداً ولمصلحة العدو.
نقول، إنه لمن المؤسف أنه ورغم الكارثة التي عاناها الفلسطينيون، لا يزال المتسببون فيها من قادة «حماس» يصرّون على شكر إيران وإسماعيل قآني الذي أعلن رسمياً أنهم كانوا وراء ما حصل في 7 أكتوبر 2023، ويستنكفون عن شكر الخليجيين ومصر والأردن على دعمهم المباشر للشعب الفلسطيني.
ما حصل في غزة ليس حرباً، بل مذبحة من جانب واحد ضد غزيين لم تُتح لهم فرص النجاة تحت أنفاق لم تُحفر لأجلهم، وواجهوا وحدهم الجوع والمرض، لم يؤخذ رأيهم في كل ما حصل لهم، كانوا ضحية تهور، ووحشية إسرائيلية.
الآن وقد وضعت المجزرة أوزارها، فقد جاء وقت الحساب لكل مَنْ تسبب فيها، كما يجب إرجاع مئات الملايين من الدولارات التي دُفعت لـ «حماس» من أجل الغزيين.