توثيق يحفظ الذاكرة
ما أقدم عليه الباحث محمد فهد الفرس من إنشاء أول متحف متخصص يوثّق تاريخ عائلة كاملة، يعد عملاً غير مسبوق، كما يقول ويؤكد في التعريف عنه، فقد تعددت الوثائق المعروضة فيه، وأقدمها وثيقة عدسانية للجد علي الفرس في بيته بالميدان عام 1915، وكذلك للجد صالح الفرس وملكيته لبوم الحصان.
جمع كل الوثائق والصور والسجلات والمقتنيات الأثرية ومكتبة ضخمة تضم أمهات الكتب، ونظراً لارتباط اسم الشيخ خزعل مع عائلة الفرس، لأنه هو من أطلق هذا اللقب على جدهم، فقد كان حرصه على اقتناء وثائق وكتب تاريخية له.
الكاتب وضع خط سير واضحاً بإصداراته ويكاد يكون المتخصص في كل ما يمتُّ بصِلة بتاريخ قبيلة بني كعب، إضافة إلى كونه واحداً من أصحاب المتاحف الخاصة والعائلية.
أحدث الإصدارات التي تلقيتها هدية منه كتاب «المعجم الكعبي... دراسة بالأنساب والفروع» مع أربع مؤلفات أخرى تصب في هذا الرافد الأساسي والوحيد الذي تفرّغ إليه وإعطائه ما يستحق من جهد ومتابعة.
رحلة طويلة امتدت لأكثر من عشرين عاماً قضاها في البحث، وصلت إلى عمل موسوعي عن بني كعب، وهي من القبائل المعروفة في الخليج والوطن العربي.
تتبّع انتشار بني كعب في العراق والخليج العربي والأحواز والجزيرة العربية وبلاد الشام، استعانةً بمئة مصدر موثوق، واعتمد في بحثه عن الأنساب والفروع والهجرات طريقة خاصة تبدأ بالعنوان أو الفخذ، ثم النسب الكامل والموطن الأصلي والتواجد الجغرافي، وأخيراً الفروع.
نصف الكتاب أراده موزعاً على جدول لأبرز الأحداث لقبيلة بني كعب منذ عام 400 ميلادي وحتى 2024، ثم ملحق للصور أبيض وأسود، وملحق الخرائط التاريخية ووثائق، وقائمة بالكتب النادرة التي يمتلكها والمصادر التي استند إليها.
في جعبته عدد من الإصدارات، منها «بني كعب في دليل الخليج الجغرافي والتاريخي» فقد جمع كل ما توافر لدى المعتمد البريطاني في الخليج، اللورد لوريمر، من الأرشيف البريطاني وما يخص قبيلة بني كعب من خلال ثلاثة فصول:
1- لوريمر ودليل الخليج، 2 - قبيلة بني كعب موطنها وتفرّعاتها العشائرية من الناحية التاريخية (1700 - 1905)، 3 - من الناحية الجغرافية.
أما كتاب شعراء بني كعب، فقد تتبّع هجرات القبيلة وشعرائها وأفرد لهم أبواباً واسعة بأسمائهم وأشعارهم من الشعر النبطي إلى الجزيرة العربية إلى الشعر الشعبي والأحوازي.
وفي الكتب ذات الشأن كتابه «مشجرات نسب قبائل بني كعب»، تناول فيه النسب وأهميته، ولمحة عن أنواع المشجرات والعرب وأنسابهم وبداية خلق آدم وهبوطه إلى الأرض، وصولاً إلى «بني كعب» وتفرّعاتها.
ولعل القارئ يجد ضالته في الكتاب الأول المعنون باسم «قبيلة بني كعب التاريخ السياسي والاجتماعي في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي»، وهو توثيق كامل ومختصر لتاريخ القبيلة، « العامرية - العدنانية»، التي هاجرت من موطنها في الحجاز، ثم سكنت نجد، ومنها إلى بلاد البحرين والرافدين، ثم حكموا الخليج العربي، ومنهم من سكن الجنوب، بلاد قطر وعمان والإمارات.
الحديث عن الأنساب والقبائل العربية ممتد من ابن السائب الكلبي إلى اليوم، وهو من أشهر المؤرخين الذين وثقوا تاريخ القبائل، كذلك الكتاب الأكثر شهرة معجم أعلام القبائل العربية بالأندلس، وكتاب جمهرة أنساب العرب لابن حزم، وكتاب الأنساب للحمداني، وموسوعة القبائل العربية، وهذا بحر طويل من الأبحاث لا ينتهي، وأي إضافة في هذا المضمار تعتبر رصيدا جديدا يضاف إلى المكتبة العربية عموما.