خلُّوا عينكم على ماكرون

نشر في 22-09-2025
آخر تحديث 21-09-2025 | 18:52
 حمزة عليان

وضَع خريطة طريق بالتنسيق مع الأمير محمد بن سلمان منذ شهر يوليو 2025 من خلال مؤتمر دولي لتسوية سلمية، وبعدها أعلن عن قرار فرنسا اعترافها بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وهذا ما ينتظره العالم اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025.

قد يكون الاعتراف ذا رسمية اسمية، لكنه يعيد فتح نافذة من بوابة أوروبا وبزعامة فرنسا تجاه حل سلمي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

تدرك فرنسا قبل غيرها أن حل الدولتين لن يتحقق أو يلقى القبول من حكومة نتنياهو إذا لم تنخرط أميركا وفي عهد إدارة ترامب في المشروع، ولهذا يتطلب نجاحه رفع سقف الضغوط باتجاه واشنطن بالدرجة الأولى فلربما تحقق شيء على الأرض.

إذا لم تتفاهم فرنسا مع ترامب فسيكون عسيراً عليه أن يخترق الجدار اليميني المتعصب في إسرائيل، وقد استطاعت الدبلوماسية الفرنسية أن تثبت حق الفلسطينيين في دولة، ولم يعد ممكناً إلغاء هذا الحق أو تهميشه بعدما صوّتت 142 دولة على قيام دولة فلسطينية، من أبرز الداعمين لها الصين وروسيا ودول أوروبية أخرى.

وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية قد تكون مبادرة «ماكرون - بن سلمان» آخر فرصة دولية، قبل أن يصبح اقتراح حل الدولتين مستحيلاً تماماً، ماكرون أعلن بوضوح في تصريحاته الموجهة إلى نتنياهو وحكومته: إن كنتم تريدون عزل «حماس» والمقاومة فالسبيل المتاح لكم الآن هو الاعتراف بدولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل.

لم يشفع لماكرون ومشروعه السلمي نيل الرضا والقبول لزيارة كان يعتزم القيام بها إلى تل أبيب، فقد ناب «يائير» بن نتنياهو عن والده وقام بالدور المطلوب منه بتوجيه الانتقادات والشتائم والتشكيك في دور «فرنسا الإمبريالية»، خصوصاً في القارة الإفريقية.

لم تدخل فرنسا بعد في حرب مواجهة اقتصادية وعسكرية مع حكومة نتنياهو حتى الآن بل لوّحت بفرض عقوبات اقتصادية وإيقاف توريد الأسلحة وغيرها من المواقف، وبقيت بحدود التلويح بها واللجوء إليها إذا فرضت الحاجة.

لا يجوز التقليل من خطوة «ماكرون- بن سلمان»، فهذا الصوت له ثقله في العالم، ففرنسا دولة عضو في مجلس الأمن واللاعب الأكبر على مستوى القارة الأوروبية، والمملكة العربية السعودية أكبر قوة اقتصادية وسياسية في العالمين العربي والإسلامي، وبالتالي فموقفهما يمكن أن يتطور إلى دخول أعضاء آخرين في مجلس الأمن إلى ملعب فرنسا والسعودية.

ولتلك الأسباب ستحقق فرنسا مكسباً دبلوماسياً في الدول العربية والعالم أجمع سينعكس على سمعتها ويعيد التذكير بدور شارل ديغول، عندما فرض حظر توريد الأسلحة إلى إسرائيل على خلفية حرب 1967.

الرئيس ماكرون يمضي برسم سياسة مستقلة إلى حد كبير عن هيمنة واشنطن، سواء في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية، أو في ملف الشرق الأوسط، وهذا ما سيزيد من التباعد بينه وبين ترامب، حيث انعدمت بينهما الثقة.

في ظل هذا التوجه يُطرح السؤال: هل مازالت الأرض الفلسطينية في الضفة وغزة قابلة لقيام دولة؟ وهل مازال هناك ضوء بسيط في نهاية النفق المظلم بشأن قبول حكومة نتنياهو التعايش مع شبه دولة فلسطينية في ظل محو غزة عن الخريطة وضم الضفة وتهويد القدس؟! وأين ستقام هذه الدولة؟!

back to top