في الصميم: الغدر الثلاثي على قطر
تعرّضت الشقيقة قطر لقصف صاروخي من جارتها إيران، كان ذلك في 23 يونيو الماضي، لثأر مُتفَق على توقيته ومكانه ضد قاعدة أميركية في قطر حفظت به طهران ماء وجهها، وقتها قامت الدفاعات القطرية والأميركية بإسقاط الصواريخ من دون أي إصابات، وكانت نتيجة تلك التمثيلية السمجة إنهاء ما سُمّيت بحرب الأيام الـ 12 بين أميركا وإسرائيل ضد إيران، التي لم تُقدّر الجهد الذي بذلته الدوحة كوسيط مُعتبر مع أعدائها الذين يتزايدون يوماً بعد يوم.
وفي يوم 9 الجاري، غدرت إسرائيل عندما شنّت غارة على العاصمة القطرية الدوحة بِنيّة اغتيال قادة حركة حماس خلال اجتماع لهم، هذه المرّة، ويا للغرابة، فقد تغافلت الدفاعات الأميركية عن صدها!
إسرائيل هي الأخرى كان واضحاً عدم اهتمامها بنتائج عربدتها ضد دولة عربية مسالمة لم تشفع لها وساطاتها المُعقّدة والخطيرة، والمكلّفة، لا عند إسرائيل ولا إيران ولا حتى عند أميركا.
موقف أميركا المُحيّر من الهجومين ضد دولة ذات سيادة وثقت بها وبقاعدتها العسكرية المدججة بأحدث أنواع الأسلحة لحماية مصالحها في المنطقة، ولحماية الدولة المضيفة لها، كان واجباً صدّ الغارة الإسرائيلية كما صدّت صواريخ إيران، وإلّا فما فائدة قاعدة تصدُّ بانتقائية؟
القمة العربية الإسلامية في الدوحة أسفرت عن بيان واضح، وبكلمات شديدة اللهجة مساندة لقطر ضد العربدة الإسرائيلية، لكنها لن تنفع مع كيان غادر محمي بقنابله الذريّة، ومن كل القوى العظمى، وأولها أميركا، التي قالتها صريحة وجازمة بأنه مهما حصل فتأييدها ودعمها للدولة الغادرة لم يتغير ولن يتوقف، وكذلك العدوان على غزة لن يتوقف حتى تستكمل المؤامرة كل خيوطها.
نقول، لعل وعسى أن يكون التأثير المتاح والمستطاع في لجم عربدة الصهاينة هو في قطع كل العلاقات الدبلوماسية والتجارية والاستثمارية مع إسرائيل التي جهدت خلال عقود على إقامتها مع دول عربية وإسلامية، إلى جانب استغلال الزخم العالمي الحالي لفرض حل الدولتين.
ما حصل للشقيقة قطر يحتّم على العرب جميعاً أن يحذروا من الغدر، وأن يحافظوا على مسافات متوازنة مع كل الدول العظمى، وألّا يتهاونوا مع مَن انتهك أراضيهم، إن لم يكن بحرب، فليكن بمقاطعة كاملة شاملة، لا نريد أن نجد أنفسنا عرايا عندما يُرفع الغطاء الأميركي عنّا، فإسرائيل هي الأهم عند الأميركان، وصدق الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، يرحمه الله، في قوله: «اللي متغطي بالأميركان عريان».
***
هناك تصريح إسرائيلي لافت بأنهم كانوا يخططون لاغتيال قيادات حماسية، لكنهم بانتظار فرصة سانحة، هذه الفرصة قُدّمت لهم في 8 الجاري، من خلال الهجوم الذي أسفر عن قتلى في القدس، وهي تذكّرنا بـ «طوفان الأقصى»، الذي كان ذريعة لمحو غزة من الخريطة، وهناك تسريب صادم لقناة «كان» لحديث ولقطات لقائد هليكوبتر إسرائيلية عن عناصر لـ «حماس» داخل إسرائيل من دون قصفهم، كان ذلك في 7 أكتوبر 2023!