في الصميم: ما يحدث لأمتنا ليس بصدفة

نشر في 26-08-2025
آخر تحديث 25-08-2025 | 18:55
 طلال عبدالكريم العرب

قلناها، ونكرر قولها، إن المعارك والفتن الطائفية في منطقتنا أُشعلت لتدوم، فكل من الغرب وإسرائيل وإيران يعملون على تأجيجها واستدامتها، فلا تغرنكم وفود السلام من مراسيل أوروبا ومندوبي الأمم المتحدة، ولا تصدقوا التصريحات الأميركية المنادية بوقف المعارك والحروب الطائفية في منطقتنا، ولا تصدقوا دموع التماسيح على الجياع والمشردين. فكلما كادت أطراف النزاع تتوصل إلى حل ما سارع مشعلوه وعملاؤهم إلى إجهاضه مرة أخرى، أما المؤتمرات واللقاءات والحوارات فهي لا تعني إلا أمراً واحداً، وهو كيفية إطالة أمدها لإنهاك العالم العربي، والقضاء على أي ولاء قومي، وتدمير أي قوة محتملة لعقود قادمة. إنها صراعات طائفية لم تقم مصادفة، فقد خُطط لها منذ عقود لهدف تغيير خريطة منطقتنا العربية، بدأت بتدمير قوتها العسكرية، وزعزعة استقرارها ووحدتها الوطنية بنزع انتماء شعوبها القومي واستبداله بروح الولاء الطائفي، فهذا ما حصل ويحصل لكبح جماح العرب المتطلعين إلى تحرير كل أراضيهم المغتصبة، ومنها فلسطين.

وفكرة قيام «الهلال الشيعي الإيراني» قديمة، ليكون أداة تنفيذ لهذا المشروع الجهنمي، على أن يقابله حكم إخواني من مصر يقود الجانب السني العربي، فهيلاري كلينتون، وزيرة خارجية أميركا في عهد أوباما، ذكرت ذلك في مذكراتها «كلمة السر 360» عن نجاح تدخلهم المدمر في العراق وليبيا وسورية، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من نجاح مخططهم الشيطاني في مصر، ولكن ثورة الشعب والجيش أطاحت بحكم محمد مرسي الإخواني. هيلاري ذكرت أيضاً أنهم كانوا متفقين مع إخوان مصر على إعلان دولة إسلامية في سيناء يوم 5/7/2013، وتسليمها لـ «حماس»، وجزء منها لإسرائيل لتكون حامية لها، مع ترتيبات أخرى مع السودان وليبيا، وكانوا على اتفاق مع أوروبا للاعتراف بها فور قيامها، ولكن إسقاط حكم الإخوان أجهضها، ويبدو أن إعادة تنفيذ هذه المؤامرة قد بدأ مرة أخرى في 7/10/2023، إذ كانوا يريدون من حزب الإخوان السيطرة على مصر كأكبر وأقوى دولة عربية، ومن ثم تقسيمها كما فعلوا في السودان وما يفعلونه الآن في ليبيا والعراق وسورية واليمن. كان هناك تقدم حثيث ومتسارع لتحقيق هدف قيام وضع طائفي عربي مستدام تقوده وتهيمن على الجانب العربي الشيعي منه إيران.

ما يحدث لأمتنا ليس بمصادفة، والصراعات الدموية التي يبدو أنه لا نهاية لها لن تتوقف ما لم ينتفض من بقي من الوطنيين العرب، فدمار أمتنا يصب في مصلحة الجميع ما عدا العرب. ستبقى بلادنا منهكة ومنتهكة ما دام بيننا خونة ومرتزقة، باعوا شرفهم وأوطانهم من أجل مصالحهم.

back to top