في الصميم: قانون حماية الأموال العامة
هناك حركة جادة لتفعيل «قانون حماية الأموال العامة»، وهو القانون رقم 1 لسنة 1993، فقد تمت إحالة وزراء ومتنفذين وموظفين عامين وأعضاء مجالس إدارات وموظفين في جمعيات أهلية إلى النيابة العامة، وهناك قضايا مرفوعة ضد أفراد بتهم متعددة تدور في معظمها حول الفساد، كالرشوة والتزوير ونهب الأموال العامة.
إنها حركة تصحيحية هدفها محاربة الفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة، والمتغلغل فيها منذ عدة عقود، ولكن العملية ليست بهذه السهولة، لأن الفساد لا يستشري إلا إذا بدأ من الأعلى، فهو الحامي له، وهو المتستر عليه، والقضاء عليه أو في أضعف الإيمان الحد منه يجب أن يبدأ من الأعلى، من متنفذين وذوي سلطة، تماماً كالسلم لا فائدة من تنظيفه من الأسفل، إنها سنن لا يمكن أن يُحاد عنها، أو الاستهانة بها.
فلابد أن الكثيرين قد لاحظوا، على مر عقود، كيف تحوّل أناس من خانة ذوي الحاجة أو الفاقة، إلى خانة الغنى الفاحش في زمن قصير لا يمكن أن يحصل أبداً من دون وسيلة أو طريقة تحوم حولها الأسئلة والشكوك، ولابد من وجود حيتان فساد قد مهّدوا لهم الطريق إلى الثراء السريع، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة في كثير من مؤسسات الدولة.
فرض قانون «من أين لك هذا؟»، وفرض «كشف الذمة المالية» على الجميع أحد أهم مفاتيح مكافحة الفساد بكل أشكاله، وهي مهمة سهلة في ظل توفر التكنولوجيا الحديثة، فلا أسهل من ملاحظة ومتابعة الأموال الواردة والخارجة من الحسابات، هذه المراقبة موجودة ولكن يبدو أنها بحدود، لأننا لم نسمع عن كشف للسارقين والفاسدين والمرتشين والراشين الكبار، ولم نسمع عن كشف القبيضة، ومنهم صاحب كبت أمه الشهير، فهم عاثوا فساداً في الحياة السياسية والقانونية بالكويت، ونحن نعلم علم اليقين تاريخهم المعيشي قبل ثرائهم الفاحش، فهم لا يزالون يرثعون أمام الجميع بالأموال الحرام من دون أن يُحاسَبوا.
لا يمكن إنكار إحالة متنفذين كبار إلى النيابة في قضايا كصندوق الجيش وضيافة الداخلية، وأن هناك أحكاماً قضائية صدرت ضد بعضهم، ولكن لا شك أيضاً في أن مهمة استكمال هذه المهمة الوطنية تحتاج إلى جهد وتكاتف كل شرفاء البلد.
المؤسف أنه رغم وجود عدة قوانين وجهات رقابية متعددة مهمتها الأساسية والوحيدة هي مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع كديوان المحاسبة والهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة)، لكن ما يثير الاستغراب والتساؤل هو ازدياد الفساد بكل أشكاله خلال السنوات السابقة، وبشكل وبائي، وهذا وضع لابد أن يُحقّق فيه، كما يجب ألا يفلت أحد من المحاسبة مهما تقادم الزمن عليه.