هل المرض الهولندي وصل إلى الكويت؟

نشر في 04-08-2025
آخر تحديث 03-08-2025 | 18:10
 حمزة عليان

​لستُ خبيراً اقتصادياً، لكنني فهمت جيداً مصطلحات تُستخدم عند أصحاب الاختصاص، بعد قراءتي لكتاب الدكتور أحمد الكواز، مثل: الاقتصاد الريعي، والمرض الهولندي، والدولة الرخوة.

المؤلِّف أفرغ تجربته الاقتصادية وتخصصه العلمي في هذا الكتاب، ووصلت أنا كقارئ مهتم إلى قناعة بأن خيار تحويل النفط إلى نعمة مازال مُمكناً، أي بتحويل الاقتصاد الكويتي الريعي إلى اقتصاد متنوِّع ومستدام.

​أمامنا تجربتان ناجحتان يمكن الاستدلال بهما، وفي وضع يُشبه حالة الكويت، هما: النرويج وتشيلي. بلدان كانت فيهما الموارد الطبيعية بمنزلة النعمة، النفط في النرويج، والنحاس في تشيلي... هاتان الدولتان نجحتا في تنويع الاقتصاد مع وجود أجهزة مدنية غير قابلة للفساد.

​في المقابل، يستعرض الدكتور الكواز، المستشار الاقتصادي في عدد من المؤسسات والوزارات بالكويت، تجربة فنزويلا الفاشلة، ويقدِّمها كمثالٍ على ظاهرة ارتباط المورد الطبيعي (النفط) بالنقمة، ففيها تجلَّى فشل المؤسسات والنهج السياسي الشمولي المُستبد، والإنفاق على برامج الرفاه الاجتماعي غير المثمرة، وهو ما أدى إلى تنامي الدَّين العام.

​أما أسوأ التجارب، فيُشار إليها بالمرض الهولندي، والذي أخفق تماماً في تنويع مصادر الدخل والإيرادات، فهذا المرض جاء بعد اكتشاف الغاز الطبيعي عام 1957، وما رافق ذلك من ارتفاع سعر صرف العُملة المحلية، متلازمة مع ظاهرة تفكيك التصنيع.

لكن ماذا فعلت النرويج وتشيلي كي لا تغرقا في نقمة المورد الطبيعي الأوحد؟

أولاً: جعلت النرويج النفط في خدمة التنمية، وكان من أهم البرامج الناجحة.

ثانياً: أنشأت صندوقاً سيادياً موجَّهاً لاستثمار الفوائض النفطية، إلى جانب «مجلس أخلاقي» يتعقب جميع استثمارات الصندوق.

ثالثاً: ما يخص تشيلي ومعدن النحاس، فقد نجحت في تخفيض 40 في المئة لمصلحة الصادرات الابتكارية.

اتبعت الدولتان سياسة الحذر المالي، ووسَّعتا القاعدة الضريبية، واعتمدتا على الكفاءات في الإدارة والاستثمار في الصناعة، وبنتا مؤسسات داعمة للتنمية.

​يخلص إلى القول إن تجربة البلدان الريعية ذات الإدارة الاقتصادية الجيدة، اتخذت قراراتها على أُسس من المهنية، وساهمت تلك القرارات في التخلص من مظاهر المرض الهولندي ومشاكل الاقتصاد الريعي السلبية.

​على أن الإصلاح الإداري والمؤسسي يتطلَّب، من وجهة نظر الكاتب، إعادة هيكلة جذرية في النظام التعليمي والمهني والتدريبي، وربط أي سياسة للخصخصة بوجود قانونٍ مستقل لمحاربة الاحتكار، وتفعيل إيجارات أملاك الدولة، وسياسة صناعية فعَّالة، وإصلاح الخلل السكاني، وغيرها من الإجراءات.

بكلمة مختصرة، الإدارة الجيدة هي محرِّك التنمية.

***

الكتاب بعنوان «الإصلاح الاقتصادي في اقتصاد ريعي: مع إشارة لحالة الاقتصاد الكويتي» والصادر عام 2025، يبحث عن ناشر كويتي، لإيصاله إلى أكبر عددٍ ممكن من القراء.

back to top