في الصميم: هل طاح الحطب؟
بعد حرب ما كان لها أن تقع، وبعد عناد قاتل، انتهت المعركة بعد قصف متبادل دام 12 يوماً. فهل اقتنع خلالها المتحاربان، إيران وإسرائيل، بأن كل ما حصل بينهما قد تمت تسوية دوافعه ودواعيه؟ وهل اكتفى كل منهما بلعق جراحه، بعد أن أعلن كل منهما النصر في الحرب رغم تباين ثخانتها الواضحة أمام العالم؟
خرج المرشد الإيراني علي خامنئي بخطاب ناري يبارك فيه للشعوب الإيرانية بالنصر المبين على إسرائيل، شيطانه الأصغر، بعد هجوم إسرائيلي غير مسبوق خلف دماراً هائلاً في مفاصل عسكرية ونووية، وقضى على شخصيات قيادية وعلمية مهمة جداً، وهنأهم أيضاً على تدميره قاعدة العديد الأميركية، في انتهاك صارخ للأراضي القطرية الشقيقة، بحجة الرد على الهجوم الأميركي المدمّر على ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية، ومهدداً شيطانه الأكبر بالرد على الجميع إذا ما هوجمت إيران مجدداً، وداعياً إلى إقامة احتفالية نصر شعبية.
رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، رغم الدمار الذي خلفته الصواريخ الإيرانية، أعلن من جانبه نجاح هجماته على بعض المفاعلات والمعسكرات والمطارات الإيرانية، واغتياله شخصيات قيادية وعلمية مهمة، ونجاحه في جر رجل الرئيس ترامب بإكماله قصف المفاعلات الثلاثة الأكثر تحصيناً في إيران.
الرئيس الأميركي المنتصر، الذي لم يخسر أي شيء خلال الحرب، أعرب هو الآخر عن سعادته بتدميره تلك المفاعلات الثلاثة إياها، ونجاحه في إجبار «عدويّنا» على وقف القصف المتبادل بينهما، ومتمنياً عودة الحياة الرغدة الهنية بين إيران وإسرائيل كما كانت، وفي الوقت نفسه شاكراً علي خامنئي على لفتته الكريمة بإخباره عن مكان وموعد قصفه لقاعدته في قطر، والذي لم يسفر عن أي خسائر، لا بشرية ولا عسكرية.
أطلقت إيران على إسرائيل خلال تلك الحرب حوالي 550 صاروخاً، وحوالي 1000 طائرة مسيّرة، تلك الهجمات أسفرت عن دمار كبير في مباني عدة مدن إسرائيلية، ومراكز مهمة، وعن مقتل 27 مدنياً وجندياً واحداً، حسبما أعلنت إسرائيل، كما أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن قتل 30 عالم ذرة و30 قيادياً إيرانياً، وأكثر من 700 شخص، بحسب إعلان إيران، إلى جانب تدمير وإتلاف عدة مفاعلات وقواعد ومراكز عسكرية وأمنية، ومصانع أسلحة.
الخسائر البشرية كبيرة، والخسائر المادية تقدر بمئات المليارات، وعلي خامنئي وقيادات إيرانية لا يزالون مصرين على تخصيب اليورانيوم، وأميركا وإسرائيل تهددان وتقولان لإيران إن عدتم عدنا، أما نحن فأكثر ما أبهرنا هي تلك المسرحية الهزيلة المُعدة سلفاً لتنهي تلك الحرب بتمثيلية قصف قاعدة العديد الأميركية، فهل فعلاً «طاح الحطب» وتم التراضي؟