يحملون لقب «دكتور» لكنهم سرَّاق
وأنت جالس بندوة يشارك فيها نُخبة من المثقفين والباحثين وأصحاب شهادات عُليا، يقف رجل ويُلقي محاضرة حول «الإسلام والسياسة»، وتكشف أنه سارقها؟
تخيَّل نفسك أمام حالةٍ مشابهة؛ شخص يسبق اسمه لقب «دكتور» يسطو على كتابٍ لك من دون أن يذكر اسمك، أو يُشير إلى جهدك، فماذا ستفعل؟
بعد أن تأخذ برأي المحامي وتستأنس بنصيحة قد يتناهى إلى مسامعك أن «الدكتور» المتهم بالسرقة لم يتعمَّد ذلك، أو أنه ليس على علمٍ بالبحث الذي قُمت به، وهذا عُذر أقبح من ذنب!
هناك مرجعيات وقواعد لا بد أن يُلم بها أي باحثٍ جاد، أو صاحب أطروحة ماجستير ودكتوراه، وهي الالتزام بهوامش البحث والاقتباس وأصول النقل والاستشهاد، وهي «ألف باء» أخلاقيات الباحث. عدا ذلك، عرف العرب والمسلمون قبل خمسة عشر قرناً، شيئاً اسمه علم آداب البحث والمناظرة، وفيه شرح وافٍ ومعمَّق للضوابط والمرتكزات المُلزمة عند الشروع في أي بحث.
إن الاعتراف بالتقصير من قِبل «الدكتور» المتهم بالسرقة هو شهادة يُدان فيها بالإهمال، لأن من أبسط القواعد المعمول بها في هذا المجال ما يُعرف بـ «الحالة الراهنة للبحث»، أي الوقوف على آخر ما توصل إليه الباحثون بخصوص الموضوع المطروق.
حالات كثيرة حصلت لسرقات بحوث في الكويت والعالم العربي، وحتى بالدول المتقدِّمة، كفرنسا على سبيل المثال، قرأت أخيراً أن أستاذاً جامعياً أقدم على «جريمته» في وضح النهار، أتى بأطروحة لشخصٍ آخر، نزع صفحة الغلاف، ووضع اسمه عليها، ثم أعاد طباعتها، وعلى حساب الجامعة، وراح يوزعها على الطلبة! انتهت القضية برفع المتضرِّر دعوى أمام المحكمة، والتي حكمت له بغرامة 20 ألف يورو.
قضية السرقات الأدبية والفكرية ممارسة غير أخلاقية تعرِّض أصحابها لـ «البهدلة» والعقاب، وهناك برامج مخصَّصة للحصول على تقرير يُوضح مدى الاقتباس المُستخدم في أي بحثٍ يُعرض على اللجان المختصة.
ومنذ فترة لم نعد نسمع شيئاً عن الشهادات العلمية المزورة، والتي فاحت رائحتها على مدى سنوات، ثم أُقفل الملف.
السرقات العلمية آفة أي مجتمع تنهش به علامات السقوط والتراجع، لذلك تحتاج المؤسسات الأكاديمية إلى بذل جهودٍ كبيرة للحد من هذه الظاهرة السلبية، والاستعانة بأهم برامج فحص السرقات، والتي تُعرف باللغة الإنكليزية Plagiarism Software، وقد عثرت على قائمة بأهم البرامج الاحترافية (موقع النخبة للنشر العلمي)، وهي: برنامج Small seo Tools، وبرنامج Ithenticate، وبرنامج Turnitin، وبرنامج Writechek.
تطوَّرت وسائل التحقق من «الانتحال العلمي» والسرقات، وصار بمقدور أي شخص الحصول على تلك البرامج، ويمكن الرجوع إلى موقع «الجمعية العلمية لكليات التربية ومعاهدها» التابع لاتحاد الجامعات العربية، والاستفادة من البرامج المُستخدمة التي يعرضها.