من صيد الخاطر: لاَ يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء وَإنْ كانَ في الماء

نشر في 20-06-2025
آخر تحديث 19-06-2025 | 19:18
 طلال عبدالكريم العرب

«لاَ يَغُرَّنَّكَ الدُّبَّاء وَإنْ كانَ في الماءِ»، مثلٌ عربي قديم قاله أعرابي تناول قَرْعاً مطبوخاً فأحرق فمه، فقال: لا يغرنَّكَ الدباء وإن كان نشؤه في الماء، فهو مثل يضرب للرجل الساكن تحسبه سوياً ولكنه في حقيقته كثير الغائلة، أي كثير الشر والفساد، فلا تخدعك المظاهر، حتى لو بدت بريئة لا ضرر من ورائها.

والدباء هو اليقطين أو القرع، الذي يعيش في الماء أو قريباً منه، والمثل يشير إلى أن الدباء وإن كان كبير الحجم إلا أنه خفيف لأنه أجوف، حتى أنه يطفو فوق الماء، فحجمه الكبير لا يدل على خفة وزنه، فهو مثل ينصح بعدم الانخداع بالمظهر، فالمظاهر غالباً ما تكون خداعة.

رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في ذلك: «إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»، فقيمة الإنسان لا تكمن في مظهره ولا في ثروته، بل في نزاهته، وعمله الصالح، ونفعه لأمته ولمن حوله.

وهناك بيت شعر منسوب لسيدنا علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، قال فيه:

وَمَنْ يَكُ ظَاهِرُهُ عَلَيْكَ بِمُعْجَبٍ

فَدَاخِلُهُ بِالْخُسْرَانِ مَرْفُوعُ

وبيت منسوب لأحمد شوقي، قال فيه:

يَا أَخِي لَا تَغْتَرِرْ بِالْوُدِّ حَتَّى

تَرَى مَا تَحْتَهُ مِنْ كَيْدٍ وَدَاءِ

وبيت آخر يدور حول نفس المعنى:

لَيْسَ الْغِنَى إِلَّا غِنَى النَّفْسِ وَالْعَقْلِ

وَإِنَّمَا الْفَقْرُ فَقْرُ الْجَهْلِ وَالْحِرْصِ

أما أبوتمام، فمنسوب إليه:

لَا تَنْظُرُوا إِلَى الْوَرَى بِظَوَاهِر

فَاللُّؤْمُ تَحْتَ ثِيَابِ الْحُسْنِ يَخْتَفِي

وقد قيل: الرجال مخابر لا مظاهر، وأيضاً: لا تنظر إلى غلاف الكتاب، بل إلى ما في داخله، وليس كل ما يلمع ذهباً، وفي المثل الكويتي: «مو كل مدلقم يوز»، أي ليس كل مستدير هو جوز، جعلنا الله من طيبي المخبر، حسني المظهر.

back to top