الجليب مدينة العزاب... والنفايات!

نشر في 26-09-2015 | 00:05
آخر تحديث 26-09-2015 | 00:05
● مُلاكها شركاء في ضياعها... والوزارات غضّت البصر

● زيادة معدلات الجريمة وأوكار الفساد... وإجراءات الجهات المعنية لا تلائم حجم المشاكل

● انتشار الأوبئة بسبب تدهور وضع النظافة... والبلدية «نائمة في العسل»!
باتت منطقة جليب الشيوخ هاجس المواطنين في الكويت ومثار حديث النواب والأعضاء،

«الجريدة» جالت في أروقة المنطقة التي باتت منكوبة بسبب غياب مكونات عديدة، كـ«الداخلية» و«التجارة» و«الأشغال»، وبلدية الكويت، وأيضاً بسبب ملّاكها، حيث انعدمت النظافة، والأمن

لا وجود له، وانتشر الغش وبيع المحظورات في الشوارع.

تبعد منطقة جليب الشيوخ عن العاصمة الكويت 13 كم، وتتبع محافظة الفروانية، وقد سميت بهذا الاسم، بعد أن حفر فيها شقيقا مؤسس دولة الكويت الحديثة الشيخ مبارك الصباح (محمد وجراح) بئرا كانت محط البدو الرحل، حيث سميت بهذا الاسم، وتتميز تلك المنطقة بأنها في قلب دولة الكويت، وهي قريبة جداً من مطار الكويت الدولي.

وفي إحصاء عام 2010 بلغ عدد سكانها 265 ألف نسمة، وبهذا أصبحت أكبر منطقة سكانية في دولة الكويت، وفق هيئة المعلومات المدنية.

وبعد سنوات طويلة، بدأ سكان تلك المنطقة من المواطنين في الخروج منها، مؤجرين منازلهم الى الوافدين، وعاما بعد عام، أصبحت تلك المنطقة ملاذا للعزاب والعمالة السائبة التي لا يعرف لها طريق.

فحين تدخل منطقة جليب الشيوخ لا ترى سوى الوافدين من العزاب الآسيويين والعرب، ففي كل غرفة من غرف كل منزل تجد أكثر من 8 أشخاص يسكنونها، وفي المنزل الواحد تجد أكثر من 100 عازب من الوافدين.

وعندما تسير في أرجاء المنطقة، لا تصدق أنك في دولة متقدمة مثل الكويت، فالشوارع فقدت معالمها من كثرة هلاكها والأتربة التي تغطيها، والنفايات في كل مكان بالشوارع، والعزاب في كل أرجاء الفرجان، كما أن هناك محال تجارية غير قانونية، وتخزين البضائع في الشوارع، وأسواق تجارية تقام في الفرجان من غير رقيب ولا حسيب!

وبعد أن تخلى الأهالي عن منازلهم لهؤلاء العزاب مقابل مبالغ بلغت للغرفة الواحدة بالمنزل أكثر من 80 دينارا، وبلغ العائد من المنزل الواحد 1500 دينار، باتوا اليوم يطالبون بحل مشكلة العزاب وتثمين منازلهم، وتحويل تلك المنطقة من منطقة سكن خاص إلى سكن تجاري واستثماري.

نواب وأعضاء

والغريب في الأمر أن أغلب النواب والأعضاء باتوا يستغلون ورقة "جليب الشيوخ" للتكسب الانتخابي، ولكن من غير جدوى، فلم يتعد عمل هؤلاء النواب والأعضاء سوى بضع كلمات تمت صياغتها في تصاريح إعلامية لدغدغة مشاعر أهالي المنطقة الذين لا يستطيعون اليوم طرد هؤلاء العزاب، بعد أن تمكنوا من المنطقة.

فنلاحظ قبل كل انتخابات أن صفحات الصحف تمتلئ بتصاريح النواب والأعضاء عن ضرورة إيجاد حل لمعاناة المنطقة المنكوبة، وضرورة تثمين منطقة جليب الشيوخ، وغيرها من التصاريح التي تقرأ مرة واحدة وتذهب هباء منثورا، فأنتم المشرعون وأنتم من يملك القرار عن طريق التقدم باقتراح والموافقة عليه في المجلس، حتى يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لحل القضية، ولكن الجميع مستفيدون من إبقاء الوضع على ما هو عليه.

«الداخلية»

وعند تجول "الجريدة" في أروقة وأزقة منطقة جليب الشيوخ، لم نر أي وجود أمني في المنطقة التي تعد أشبه بمناطق العصابات في بعض الدول النامية، ففي إحصائية رسمية تجاوز عدد الجرائم فيها جميع مناطق الكويت، وهي في ازدياد مستمر، ففي كل عام يزيد المعدل عن العام السابق.

وهيبة القانون لا وجود لها في منطقة "الجليب"، فالمنازل أصبحت ملاذا للفارين من القانون، ولمخالفي الإقامة، فهؤلاء المخالفين يقطنون المنطقة ويعملون فيها ولا يخرجون منها أبدا.

«الأشغال»

ومن الجهات الملومة في تدهور وضع منطقة جليب الشيوخ، وجعلها من منطقة نموذجية في دولة متقدمة الى منطقة نائية أشبه بالقرى الترابية، وزارة الأشغال العامة، حيث إن من يتجول في شوارع تلك المنطقة لا يرى سوى شوارع ترابية، ولا وجود للـ"القار" بسبب الإهمال، كما أن أكثر من 90 في المئة من شوارع المنطقة بحاجة الى صيانة، فالحفر موجودة في كل شارع، وبرك المياه منتشرة ومغطية تلك الحفر.

البنية التحتية تلاشت في المنطقة، بسبب عدم صيانتها من قبل الوزارة، ولا وجود لأرصفة أو مرافق حيوية أو أي علامات من علامات المناطق الحضارية.

«التجارة»

كما أن هناك تقصيرا من وزارة التجارة التي غضت البصر عن تلك المنطقة، فمن يذهب الى جليب الشيوخ يرى أن هذه المنطقة السكنية الخاضعة لقوانين السكن الخاص يوجد بكل منزل منها محل أو محلان تجاريان، ولكن غير مرخصين من وزارة التجارة!

بلدية الكويت

اللوم الأكبر في هذه القضية ذات المعادلة الصعبة يقع على عاتق بلدية الكويت التي تعد الغائب الحاضر في المنطقة، فالنفايات في كل أرجاء المنطقة التي أصبح الوضع البيئي فيها صعبا للغاية بعد انتشار الأوبئة والميكروبات، وأصبحت منطقة الأوبئة.

وقد انعدمت النظافة بالمنطقة، فجميع حاويات القمامة فيها مليئة بالقمامة التي لا يتم تنظيفها من قبل شركات النظافة المتعاقدة مع بلدية الكويت، والتي تشرف عليها البلدية، فنرى بعض العزاب يحرقونها، وكأننا في دولة متخلفة!

كما أن النظافة العامة بالشوارع انعدمت تماما، فالشوارع الأسفلتية أصبحت ترابية بسبب الأوساخ المتراكمة، إضافة الى الأسواق التي تقام في قلب الشوارع، وتباع فيها المواد الغذائية المنتهية الصلاحية من خضراوات ولحوم وغيرها، إضافة الى أن المنطقة أصبحت سوقا سوداء للمسروقات، فهناك أسواق خاصة تباع فيها المسروقات عن طريق مزاد عام، وعلى مرمى ومسمع بلدية الكويت ووزارتي الداخلية والتجارة!!

المنفوحي: البلدية لا تتحمل المسؤولية وحدها

أكد المدير العام لبلدية الكويت بالإنابة المهندس أحمد المنفوحي أن البلدية تقوم بعملها في منطقة الجليب على أكمل وجه، خصوصا في ما يخص النظافة، مبينا أن فرق التفتيش تجول يوميا وتراقب أداء شركات النظافة في هذه المناطق، ولكن نظرا للكثافة السكانية وخاصة في ما يخص العزاب والعمالة السائبة، وبمجرد تنظيف المنطقة وتنظيف الحاويات ترجع تلك الحاويات مرة أخرى إلى الامتلاء.

وبين المنفوحي الذي يرأس فريق عمل خاصا في حل ظاهرة العزاب في السكن الخاص أن منطقة جليب الشيوخ تعد من المناطق المعقدة في الحل، فجميع مشكلات هذه المنطقة ستحل بحل قضية العزاب، وهذه القضية ليست البلدية فقط المعنية بها، ولكن كل جهات الدولة معنية بالموضوع بما فيها وزارتا الداخلية والشؤون وبلدية الكويت وملاك العقارات ذاتهم وأصحاب الإقامات الذين يتاجرون بها.

وقال إن المدن العمالية ستحل من تلك الظاهرة، ووزارة الداخلية أيضا تساهم بشكل فعال في حل هذه الظاهرة عن طريق الدوريات المناوبة في المنطقة، والتي تصطاد كل من إقامته منتهية أو يشك بأمره.

back to top