روسيا تستقبلكم بصخب سان بطرسبرغ وهدوء سوتشي

نشر في 28-11-2014
آخر تحديث 28-11-2014 | 00:02
معاينة حية وانطباعات مباشرة حول «الدولة القارة»

عبر الخطوط الجوية التركية، كانت رحلتنا إلى حيث الجليد والمطر، والتاريخ والتميز الخاص الذي تتمتع به كل من سان بطرسبرغ وسوتشي، من خلال رحلة ولا أروع في «الدولة القارة»، روسيا.. هيا بنا نبدأ الرحلة.
 إبراهيم المليفي تقدم روسيا نفسها للعالم عبر منافذ جديدة لها صيت في التاريخ والروايات الخالدة، ولكنها في عالم السياحة والسفر عالقة بين صورتين، صورة الانغلاق والمباني الهرمة، وصورة الجليد السيبيري المتمدد في كل أرجاء تلك "الدولة القارة".

 وكانت تجربة زيارة سان بطرسبرغ وسوتشي عبر الرحلة التي نظمتها الخطوط الجوية التركية فرصة ثرية لتحطيم الصورة النمطية، واكتشاف روسيا بالمعاينة الحية وتكوين الانطباعات الذاتية.

طقس معتدل

السؤال الأول قبل كيفية الحصول على الفيزا، فتلك مسؤولية مرافقنا من الخطوط الجوية التركية الأخ هاني حازم، هو: أليس الطقس في روسيا أواخر شهر أكتوبر (صقيعا)؟، الإجابة من تطبيقات الطقس على الهاتف الذكي تقول إن درجات الحرارة خلال فترة الوجود في سان بطرسبرغ فوق الصفر بكثير، على الرغم من أن موقع هذه المدينة يجاور فنلندا.

لقد سقطت أول مخاوفنا عندما فتحت أبواب الطائرة، لنكتشف أن الأجواء باردة عصرا، ولا تحتاج أكثر من "جاكيت" للخروج لتمضية الوقت مشيا على الأقدام في شوارع المدينة، وحتى تكتمل الصورة يجب القول إن الشمس احتجبت عنا طويلا، ولم تطل علينا سوى ساعة أو أقل عندما كنا في زيارة لمتحف الأرميتاج، أما المطر فهو "صاحب مكان"، وفي الوقت نفسه خفيف ظل لا يكثر الرمي، ولا يترك جافة.

أما في سوتشي المطلة على البحر الأسود، والواقعة على خط واحد مع مدينة اسطنبول التركية فقد اختلفت الروايات، فهي طوال الوقت مشمسة في هواتفنا الذكية، وبعضنا جهز "المايوهات"، وبالفعل كان يومنا الأول مشمسا ودافئا خلال التجوال في بعض مرافق مدينة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في مدينة سوتشي قبل أشهر، ولكن بدءا من اليوم الثاني غابت الشمس وحضرت الغيوم والأمطار الخفيفة.

الفيزا وطريق الرحلة

طريقة حصولنا على الفيزا مختلفة عن بقية الناس، لأنها أتت بطريقة رسمية وتعاملات بين مسؤولين، لذلك كان مستغربا أنها أخذت وقتا طويلا تجاوز الأسبوعين، ولكنها بالنسبة للسياح - وهذا هو الأهم - يتم منح الفيزا بسرعة، وهنا لابد أن أشير الى وجود تسعيرة متفاوتة وفق الجنسية، واكتشفت ذلك لأننا كفريق عربي مكون من صحافيين ووكلات سياحة وسفر أخذنا الفيزا بوقت واحد ربما كان الفرق بيننا بدينارين أو أقل، ولكن لماذا؟

طريق الرحلة من بدايتها حتى نهايتها أعتبره متوازنا الى حد كبير بالنسبة لساعات الطيران، حيث لم يزد على ثلاث ساعات بين كل وجهة وأخرى، فمن الكويت الى اسطنبول – كما هو معروف – ثلاث ساعات، ومن اسطنبول الى سان بطرسبرغ أيضا ثلاث ساعات، وهنا أمضينا الجزء الأول من الرحلة، أما الجزء الثاني من سان بطرسبرغ الى سوتشي على الطيران الروسي (إير فلوت) ثلاث ساعات.

 ولحسن الحظ لم نكن بحاجة إلى العودة الى اسطنبول عبر محطات إضافية، حيث أخذتنا طائرة الخطوط الجوية التركية الى هناك بصورة مباشرة ومنها الى الكويت، الشيء الذي يجب ذكره هنا هو أن فترة التوقف في اسطنبول أثناء رحلة الذهاب من الكويت الى سان بطرسبرغ في حدود الأربع ساعات، وهذا الأمر سيتم تلافيه في المستقبل، لأن خط الرحلة جديد ولايزال في مراحله الأولى.

وجهة جديدة وبديلة

كسائح سبقت له زيارة العاصمة الأوكرانية كييف، سألت نفسي: ما الذي ينقص سانت بطرسبرغ غير – الترويج الإعلامي – كي تكون هي الوجهة البديلة لكييف؟ وخصوصا بعد الأحداث المؤسفة التي وقت فيها، وجعلت السائح الكويتي الذي بدأ فعليا في الاعتياد على اسم كييف كوجهة سياحية.

سان بطرسبرغ، كما رأيناها، مدينة أوروبية عصرية، ناسها ودودون ويتجاوبون مع السياح، جميلة مرتبة صاخبة في النهار مشعة في الليل، فيها ما تبحث عنه العائلات من أسواق وأماكن ترفيه، وفيها من حياة الليل والسهر ما يفضله الشباب، وفيها - وهذا لا يقل أهمية عما سبق - ثراء ثقافي تراكم عبر السنوات منذ تأسيسها عام 1703م لتصبح عاصمة لروسيا القصيرية، وآل رومانوف الذين اتخذوها مقرا لها حتى نجاح الثورة البلشفية عام 1917، وهي اليوم تعد أهم المراكز الثقافية الثقافية في أوروبا.

ولا ينقص سانت بطرسبرغ الفنادق بمختلف درجاتها التي تناسب السائح الكويت أو الخليجي حتى تكون في مصاف بقية المدن الأوروبية، ومن خلال الجولات التعريفية اليومية لعدة فنادق منتقاة، أؤكد لكم ذلك التنوع الذي يوفر مختلف وسائل الراحة، بما فيها وسائل النظافة في الحمامات، مثل فندق كورونثيا الذي أقمنا فيه. كما لا ينقص المدينة سلاسل المطاعم ذات العلامات العالمية لمن لا يريد الخوض في الطعام المجهول.

إن الأسعار في سانت بطرسبرغ بالنسبة للسكن أو البضائع على اختلافها تبدو أفضل بكثير من أوروبا ، ولكن أعان الله المدخنين مما سيعانونه في سانت بطرسبرغ وروسيا بأكملها من القوانين المتشددة التي تمنع التدخين في الأماكن العامة، حتى المطاعم التي تقدم "الشيشة" التي انتشرت في تلك المدينة أغلقت أبوابها، لأن قوانين التدخين طالتها رغم أن بعضها يقع على سطح أحد الفنادق.

تلك المدينة حجبتها الأوضاع السياسية أثناء وجود الاتحاد السوفييتي الذي عمد حكامه في موسكو الى تغيير اسم المدينة التاريخي، ليصبح لينينغراد الى ستالينغراد، ولكنها ومنذ عقدين من الزمان تحاول استرجاع بريقها السابق، عبر تأهيل متاحفها وقصورها وقلاعها وتحديث بناها التحتية وشبكات مواصلاتها المختلفة، ما تحتاج إليه سان بطرسبرغ فعلا هو انتشار اللغة الإنكليزية لدى الباعة في المحال ومن يعملون في المطاعم على الأقل، وإن كنت أجد أن ذلك الوضع أقل صعوبة من مدن يقبل عليها السياح الكويتيون بشغف منذ ثلاثين سنة، ولايزال باعتها في المحال والفنادق لا يجيدون اللغة الإنكليزية.

سوتشي... المدينة المنتجع

لم تكن هذه المدينة الصغيرة الهادئة الوادعة تنتمي إلى حيز الوجود قبل سنوات، لكن الإرادة السياسية أرادت لها أن تكون في قسما بارزا في خريطة الرياضة العالمية، ونقطة مهمة في مواقع السياحة الداخلية والخارجية.

المدينة المنتجع، كما أطلق عليها، لديها طقس دافئ لا علاقة له بجليد سيبيريا الذي لا يذوب، أو صقيع موسكو ذي السمعة العالمية، ومن هنا أدخلت في أول نهوضها على طريق استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي انتهت أخيرا، لتكون قبلة للمستثمرين في بناء الفنادق والعمارات السكنية، وما يتبعها من صناعات وخدمات تجعل الحياة في تلك المدينة لا تنتهي عند انتهاء الأولمبياد.

لذلك فإن كل ما وجدناه خلال إقامتنا القصيرة في سوتشي هو جديد في جديد، ومفعم بالعصرية والمواكبة لكل ما هو جديد في عالم الأثاث والاتصالات والراحة، الخطوة التالية لسوتشي هي استضافة إحدى مجموعات كأس العالم لكرة القدم التي ستنظمها روسيا عام 2018، ما يعني أن الحركة في تلك المدينة لن تتوقف.

إن سوتشي في تقديرنا الخاص لا تصلح إلا لقضاء شهر العسل، لما توفره من أمان وهدوء أسطوري وحركة تكفي لإمتاع من يريدون التجول بين أحضان الطبيعة وبعض المراكز التجارية الصغيرة، فضلا عن التمتع بشواطئ البحر الأسود، ويمكن للعائلات قياسا لأنظمة الشقق التي شاهدناها بما فيها من تنوع وتسهيلات التمتع في سوتشي ضمن وجبة سياحية تشمل عدة وجهات مثل سان بطرسبرغ واسطنبول، كما ستكون رحلة التلفريك الى قمة الجبل وتناول وجبة الغداء هناك فوق الغيوم تجربة مثيرة لا تنسى.

في الختام، كانت الرحلة التي نظمتها الخطوط الجوية التركية لمدينة سان بطرسبرغ وسوتشي ممتعة وفرصة جمعتنا مع أصدقاء جدد هم هاني حازم (مشرف الرحلة من الخطوط الجوية التركية)، وبهاء الدين زهير وأحمد رفاعي ومحمد جميل عارف ومحمد أيوب ومعاذ العلواني.

back to top