تحليل DNA يبدّل مسار الزوجة الثانية

نشر في 25-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 25-07-2014 | 00:01
ردود فعل متتالية في عناوين الصحف وبأصوات مقدمي برامج حوارية تنتقد صلاح منصور (العمدة عثمان)، وجمعيات نسوية لا تتوقف عن إصدار بيانات الإدانة والاعتراض، وشخصيات حقوقية بارزة تناهض استبداد السلطة... آلاف من المتابعين على موقع التواصل الاجتماعي الآشهر «فيسبوك» لصفحات مستحدثة تحمل عناوين «كلنا فاطمة... لا لتجار الدين... ضد العمدة عتمان». ويمتد الأمر إلى موقع «تويتر» وتغريدات افتراضية تملأ هاشتاغ #لا_للعمدة_المتحرش_وأمثاله، كانت كفيلة اليوم باختصار واقتضاب حبكة أحد أروع الأعمال السينمائية المصرية «الزوجة الثانية».
«الزوجة الثانية» أيقونة سينمائية مصرية أدرجت ضمن أفضل مئة فيلم عربي بواسطة النقاد، تدور قصته حول عثمان، عمدة مستبد يقرر الزواج من فاطمة التي تخدم في منزله، كي تنجب له الولد الذي فشلت زوجته فى إنجابه، لذا يطلقها من زوجها، بمساعدة شيخ القرية ويتزوجها، لكنها تمتنع عنه إلى أن يكتشف فجأة أنها أصبحت حاملاً، فيصاب بالشلل. الفيلم من بطولة سعاد حسني، شكري سرحان، وصلاح منصور.

العمل من إنتاج ستينيات القرن الماضي، ولو نسجت خيوطه الدرامية في مشاهد مرتبطة بزماننا لتبدلت ملامحه وتغيرت معالمه، وكان سيظهر مؤيدون للعمدة يشكلون صوتاً مسموعاً، ويدافعون عما ارتكبه زوج «فاطمة» من تخاذل وتركه زوجته للعمدة، مستدلين على ذلك بفتوى فريق سلفي معاصر (ياسر برهامي نموذجاً) يؤكد بموجبها أنه «لو تيقن الزوج أنه عاجز عن الدفاع عن نفسه وأنه سيقتل وينتهك عرض زوجته، ماذا يفعل؟ يجوز له أن يختار التضحية بالعرض حفاظاً على نفسه»، وهي الفتوى الشهيرة نفسها التي أثارت جدلاً واسعاً حينما نشرتها المواقع قبل أشهر قليلة.

رائد الواقعية

بمجرد الحديث عن السينما المصريه وعن أبرز مخرجيها، لا بد من ذكر رائد الواقعية المصرية صلاح أبو سيف كأحد أهم المخرجين العرب، نراه يتحدث في «الزوجة الثانية» عن الريف والفلاح المصري، عن السياسة، عن الشارع المصري، وعن مجمل مفردات الحياة في مصر بأسلوب واقعي جداً.

بالتدخل العلمي الحديث، كان يمكن أن يظل العمدة حياً ويدرك خديعة «فاطمة»، عبر زيارتهما مستشفى تتضمن أحدث وسائل كشف الحمل وأثاره، بالإضافة إلى مختبرات التحاليل الطبية، ويجري تحليل DNA (الحامض النووي) الذي يحسم بما لا يدع مجالاً للشك هوية والد الطفل وأمه الحقيقيين.

يقوم الفيلم على شخصيات رئيسة ثلاث: العمدة (صلاح منصور) ويمثِّل الحاكم الدكتاتوري، فاطمة (سعاد حسني) وترمز إلى النضال والجهاد، وأبو العلا (شكري سرحان) ويمثِّل الشعب الراضخ لهذا الحكم، وهي حال الجميع اليوم. وربما كان شارك في التمثيل نجوم آخرون أمثال: سناء جميل وعبد المنعم إبراهيم وحسن البارودي وسهير المرشدي ومحمد نوح ونعيمة الصغير، وإبراهيم الشامي.

في تحديث عصري للفيلم وفكرته، كان يمكن أن نلغي تماماً أزمة مغادرة الزوج (شكري سرحان) القرية، في حال توافر تطبيقا {واتس آب} و{فايبر}، فسهلا الترتيبات بين الزوجين للإضرار بالعمدة.

في {الزوجة الثانية}، قرر كل من الزوجين المنكوبين الذهاب إلى ضريح السيد البدوي والدعاء لله والتشفع باسمه كي يرد عنهما شرور العمدة عثمان، الأمر الذي كنا لنراه اليوم في اللجوء إلى الفضائيات، والوجوه الإعلامية التي تتولى توجيه الرأي العام للترويج لقضيته.

{دنيا وفيها كل شيء، وكل من جاها مشى، وكل ظالم إنخسف، والحق هو اللي إتنصف...}، بهذه الكلمات المؤثرة اختتم المخرج صلاح أبو سيف قصة فيلم {الزوجة الثانية} الذي اعتبره النقاد درة العقد التي تتجلى فيها مفردات واقعية أبو سيف كأوضح ما يكون.

back to top