عادل إمام... من الحارة إلى السفارة 9 معركتي مع الإرهاب دفاع مشروع عن نفسي وصورتي أمام أولادي

نشر في 23-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 23-09-2007 | 00:00
من الحارة إلى السفارة مشوار كفاح طويل لم يكتبه عادل إمام بعد.. صخرة أشبه بصخرة سيزيف حملها الفتى الفقير بدأب من السفح إلى القمة، لقد صار ابن الحارة الشعبية نجما لامعا وسفيرا لأشهر منظمة دولية في التاريخ الحديث.. الطفل المشاغب المولود في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي وسط أجواء الحرب والفقر والقمع العائلي صار زعيما، ثريا، صانعا للأخبار، زادا للشاشات وهدفا للعدسات.

لم تكن الرحلة سهلة، ولم تكن قدرا عبثيا، كان عادل يعرف أن صخرته من الممكن أن تتدحرج إلى أسفل في لحظة ليبدأ الرحلة من جديد إذا استطاع، لذا كان يحسب خطواته ولايضع قدمه إلا على أرض صلبة، ومع كل هجوم يتعرض له، لم يكن يرتكن أبدا إلى ماحققه من نجومية أو ثروة أو شهرة او علاقات، كان يفكر بنفس البساطة التي بدأ بها مشوار الحفر في صخر الواقع.. كان يستعيد عزيمة البدايات، ويفكر في الاحتماء بالناس قبل أن يفكر في التوسل لـ»زيوس»

في هذه الحلقات نتعرف على التفاصيل الأسطورية لرحلة عادل إمام، ليس باعتبارها حكايات مسلية عن حياة نجم كوميدي مشهور، ولكن باعتبارها ملحمة تحكي عن حياتنا نحن أكثر مما تحكي حياة عادل وحده.. إنه قصة مجتمع بالكامل، مرآة نرى فيها أنفسنا ونتابع صورة الأب المتسلط والأم الحنون الحامية في صمت، والواقع القاسي، والقدر الذي يضن ويعطي وفق معادلات ولوغاريتمات غامضة، وشيفرات القوة التي نستهين بها قبل ان تفاجئنا بالكثير والكثير وفي مقدمتها الصبر والدأب والأمل..

ومن دون تبجيل أو تقليل تعالوا نتعرف مع عادل إمام على مشاهد وخبرات من حياته نعتقد أنها أعمق كثيرا مما قدمه من شخصيات فوق خشبة المسرح وعلى الشاشة

في الحلقات السابقة تعرفنا على جوانب من شخصية الزعيم كما تعرفنا على عوامل التكوين الأولى، ومدى علاقتها بالآراء التي تبناها ورباها حتى صارت هي أساس الكثير من المعارك التي خاضها في مرحلة الشهرة الجارفة الممتدة منذ الثمانيات وحتى الآن،، وفي مثدمتها معركته مع الاسلاميين، وهجومه الدائم على مايسميه بالإرهاب الديني، ومطالبته بالتسامح الشامل، والدفاع عن النسيج الوطني للمجتمعات بعيدا عن التعصب والتناحر الطائفي

وقبل أيام ظهر عادل مجددا على شاشة الفضائيات من بيروت ليؤكد على هذه المعاني من خلال برنامج «5 نجوم» للإعلامية هالة سرحان، التي استضافته من قبل في حلقات شهيرة أثارت ضجة على أكثر من مستوى، أخطرها ماتعرض له من هجوم بسبب انتقاده للداعية الشهير عمرو خالد، وهجومه على الفنانات المحجبات،، بالإضافة إلى المبالغ الطائلة التي حصل عليها، وحجم الدعاية الضخم الذي وصفه البعض بـ»المستفز»،، سواء دعاية الملصقات الضخمة في الشوارع لترويج الحلقات،، أو الإعلانات التي تخللت الحلقات، والتي زادت كثيرا عن مدة الحوار نفسه، ولذلك اشترط عادل تخفيف الإعلانات في هذه الحلقة، كما قال بعض القائمين على البرنامج، وقد أشار عادل بنفسه إلى ذلك في البرنامج الأخير قائلاً لهالة: في المرة السابقة وضعتم إعلانات 70 سنة قدام،،

وإلى جانب آرائه المتعددة التي بدأت بلمسة تحية ومجاملة، تضمنتها ذكرياته العابرة عن زيارته الأولى لبيروت عام 1968، وحبه للبنان، وعرض مقتطفات مصورة من زيارته الأخيرة لسورية من أجل اللاجئين العراقيين على الحدود، باعتباره سفيراً أمميا في هذا المجال منذ سنوات، ومناشدته للعرب أن يتبرعوا من أجل اللاجئين،، وتحيته لعدد من الفنانين، وهجومه على بعض الفضائيات،، وتقديمه الدروس والمواعظ الأخلاقية للمعارضة السياسية، لكي تنتقد الحكومات من دون تهجم وشتائم،،، بعد وقبل كل عاد عادل إمام يضرب مجددا على موضوعه الرئيسي في العشرين عاما الأخيرة، وهو موضوع الأديان،، والوحدة الوطنية، وأعلن عادل خلال البرنامج أن فيلمه السينمائي المقبل سيتناول قضية الوحدة الوطنية في مصر، ومخاطر الفتنة الطائفية، ويتعقب مظاهر التطرف من الجانبين المسلم والمسيحي. وأعلن عادل عن تفاصيل أخرى منها أن الفيلم الذي كتبه بالفعل يوسف معاطي يدور حول شخصية قسيس (يقوم بدوره عادل إمام) يلجأ إلى التنكر في شخصية مواطن مسلم للهروب من المتطرفين المسيحيين الذين يريدون قتله بسبب مواقفه الوطنية. وأثناء هروبه يقابل شيخاً فعل مثله للهروب من جانب المتطرفين المسلمين، ويجتمع الشيخ المسيحي والقسيس المسلم معا في رحلة اضطرارية للهروب، فيسافران إلى الإسكندرية، وهناك تقع أحداث الفتنة الطائفية التي حدثت واقعيا عام 2005 في منطقة محرم بك العريقة،، بعد عرض مسرحي داخل إحدى الكنائس تم تسريبه على اسطوانات مدمجة بذريعة أنه يتطاول على الإسلام والمسلمين.

وقال الزعيم: أعرف أنني سأدخل «عش الدبابير» بهذا الفيلم، وأعلم أن هناك قوات جاهزة لشن حملات الهجوم ضدي، لكنني مصمم على تنفيذ هذا الفيلم مهما كلفني، حتى «لو انطبقت الدنيا» لأن ما يثار حول الوحدة الوطنية والمساس بها من جانب من يريدون إشعال فتنة طائفية هو أكثر شيء يهدد أمن بلادنا، ويهز استقرار الوحدة الوطنية، وهو أخطر شيء يمكن أن يضر مستقبلنا، ولا يجب السكوت عليه.

وأشار إمام أن «القسيس» في فيلمه سيتعرض للاغتيال بسبب مواقفه الوطنية، والتي تدعو إلى الوحدة والمساواة بين المسلمين والمسيحيين، وأوضح أن الأحداث لن تكون ميلودرامية فاجعة، ولكنها ستدور في إطار اجتماعي كوميدي، لا يمس العقائد وحرية اعتناق أي دين، بقدر ما يوضح أن هناك متطرفين في الجانبين المسلم والمسيحي يتعمدون إيقاظ الفتن ويزيدون الأحداث اشتعالا.

هكذا فتح عادل إمام الباب واسعا لضجة جديدة حوله، وأعاد الهمس والتصريحات مها حول نواياه الحقيقية من هذا المشروع الفني والسياسي معا، والذي بدأ منذ منتصف الثمانينات، بمبادرة التصدي للتطرف في أسيوط دفاعا عن فريق من هواة المسرح، قبل ان يعود إلى القاهرة ويشرع في التخطيط لفيلمه المثير للجدل حتى الآن «الإرهابي»،، وعلى الرغم من أن معظم الآراء ركزت على التوظيف الأمني والحكومي لشعبية عادل إمام، واستخدامه ضمن «لوبي» فني وثقافي وسياسي يمكن أن يلتقي مع الدولة في خطة مواجهة الإسلاميين، إلا أن أراء قليلة أكدت ان عادل إمام أمسك بهذا الخيط بمصادفة تشبه طريقة دخوله التنظيم السري الشيوعي في الخمسينات، لكن الفارق جاء بعد ذلك، حيث ان النضال مع خلية شيوعية تحت الأرض لم يكن ليحقق أبدا أي إشباع حقيقي للفتى الذي أدمن نظرة الإعجاب في عيون الضاحكين من قفشاته ونكاته ومقالبه، والذي كان يستمد إحساسه بذاته من نظرة الآخرين له، وليس من خلال نظرته العميثة في مرآة الذات، والتي كما أكد أكثر من مرة كانت معاكسة لصورته الجماهيرية، والتي وافق على تلخيص أحد الكتاب لها بأنه شخصيتين مختلفتين، واحدة ظاهرية قريبة من شخصية «بهجت الأباصيري» في مسرحية «مدرسة المشاغبين» بكل مشاغباته وظرفه،، وشخصية أخرى عميقة قابعة في الداخل، ومختبئة وراء القناع الجماهيري وتشبه إلى حد كبير شخصية «سرحان عبد البصير» في مسرحية «شاهد ماشافش حاجة»!!

حسب هذا الرأي فإن المعركة الجديدة يمكن أن تحقق للمثل ضربة مزدوجة، تمكنه من اصطياد أكبر عدد من العصافير بالنضال تحت غطاء أمني ودعم حكومي، ساعد عليه ظرف عالمي جعل أكبر دولة في العالم تشغل نفسها بتعقب ماتسميه بـ»الإرهاب»، فتدخل رأسا برأس في معارك تبدو في حقيقتها هزلية،، كما نرى في تصريحات الإدارة الأمريكية ضد حركة حماس في فلسطين، والمحاكم الإسلامية في الصومال، ومن قبلهما جماعات الجزائر، وحركة أبو سياف في الفلبين، ودراما المسجد الأحمر في باكستان، وشبح الملا عمر وحركة طالبان في أفغانستان، والقصة الخرافية لتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن «فزاعة» أميركا المضحكة لتنفيذ مخطط مريب على خارطة العالم كله.

في هذا المناخ بتنوع تفاصيله وامتداده من المحلي إلىالإقليمي والدولي، وجد عادل إمام مايشجعه على مواصلة الاختيار في الخلية الكونية الجديدة، على الرغم من ان اسمه المستعار هذه المرة أيضا هو نفس اسمه الحقيقي (عادل إمام) مع إضافة ألقاب براقة من نوع الزعيم (محليا)، والسفير (دوليا)، ويبدو حديث عادل عن لقاءه بنجوم العالم مبهرا ومحيرا، فهو يتحدث من منطقتين في نفسه، واحدة تفصح عن تطلعات وجموح الزعيم الباصيري، والأخرى تكشف خجل وتواضع سرحان،، صحيح أن الأرنب الذي يسكن سرحان يرتدي فراء أسد هذه المرة، لكنه لايزال أرنبا في الأعماق، وهو يتحدث عن لقاءه بنجوم العالم بنفسية أي معجب غلبان من معجبي زعيم شارع الهرم، حتى ان المتأمل في التصريحات المتكررة للقائه مع النجم الأمريكي روبرت دينيرو في مهرجان «ترابيكا السينمائي في حي مانهاتن بولاية نيوورك، وكذا المتأمل لطريقة تعبيره عن لقاءاته مع عدد من مشاهير الفن والرياضة في العالم يكاد يسمع صوت «فلاح الإعلان» المعروف وهو يقول «أتصور جنبه والنبي يا با»!!

من هذا يبدو الفارق بين تجنيد عادل في الخلية الشيوعية السرية، والتي خرج منها سريعا، لأنه كان نضالا بلا عائد.. نفسي او سياسي بالنسبة له، وبين تجنيده في الخلية الرأسمالية العلنية، والتي اختار أن يواصل طريقه فيها، بعد أن شعر بالعائد المغري محليا في طريقة تلميعه إعلاميا، وتنسيقه المباشر مع وزارة الداخلية التي شكلت حزمة لابأس بها من المشاكل والعقد و»الشراشيب» في طفولته كما قال اكثر من مرة، ثم حدثت نقلة أخطر على الرقعة عندما شعر عادل بالعائد الأهم عند اختياره سفيرا فخريا في الأمم المتحدة، فداعبته الخطوة الأكبر، والتي عبر عنها تلقائيا منذ سنوات، ربما قبل أن تتبلور، وهي طموحه نيل جائزة نوبل للسلام!!

لاينكر عادل أنه ولد كفراشة تبحث عن الضوء، أو كزهرة عباد الشمس تولي وجهها شطر قرص الضوء العظيم، ويدلل على ذلك قائلا: كنت ذاهبا ذات مرة إلى تونس، وعندما وصلنا إلى هناك، وكنت وسط عدد كبير من النجوم العرب والفنانين الأفارقة، سألني أحد الصحفيين مندهشا: ما هذه الضجة التي تثيرها في كل مكان؟، لماذا تقلب كل مكان تذهب إليه؟، لماذا لاتهدأ وتأتى وتروح مثل غيرك من النجوم؟

يومها لم أكن أملك جوابا، كان السؤال مفاجئا، لأنني لم أشعر أبدا بأنني نجم مميز، ولم اتعامل مع أحد بهذه النفسية، لكنني أدركت أنني هكذا منذ طفولتي.. أثير الضجة في المدرسة، والشارع، ثم في الجامعة، وكنت كلما أبدأ في الكلام حتى ينتبه الجميع، وبعدها يأخذون في الضحك، وأعتقد أن هذا مرتبط بشخصيتي، لقد نشأت هكذا منذ الطفولة، وربما أكون قد أخذت هذه الصفة بالوراثة عن جدي بقال القرية الذي كان يشعر بالسعادة وهو يجمع الناس أمام دكانه، ويتبادل معهم الحكايات وهو في مركز القعدة، لذلك كنت دائما أحب الآخرين واستمتع بصحبتهم، ولهذا أشعر بأنني أكون في أقضل حالة مزاجية وأنا أقف على المسرح.. إنه يوفر لي البيئة التي أبحث عنها.. وجود الآخرين حولي ينعشني، وإحساس الناس العالي بي يدفعني لتأكيد ذاتي، ولا أنكر أنني استمتع قبل الجمهور بما أقوله وأقدمه لهم وأنا على المسرح.

هكذا يقترب عادل إمام من تفسير الحالة بنفسه، مؤكدا على مايمكن تسميته في علم النفس بالوقوع في أسر «سيكولوجية المنصة»، حيث يضع الإمسان نفسه في ملتقى نظرات المجموع، حيث يراه الكل بوضوح باعتباره مصدر الحديث ومحط الأنظار، فيما يتعامل هو مع المجموع بالتقريب ويراهم كليا، بوصفهم «الشعب» أو «الجمهور»، أي أن الجلوس طويلا على المنصات والوقوف على خشبات المسرح يدفع الإنسان للتشيؤ مع هذه الحالة، فهو اسم/علم/ نجم/قائد/ مسموع الكلام، وماعداه مجرد كائنات للتلقي، شخصيات اعتبارية يمكن إجمالها تحت اسم واحد، ولذلك يجب أن تسمع الكلام وتنقاد للزعيم الذي يملك الرؤية الصائبة دائما لأنه يملك إدارة العالم من حوله,, يملك الميكروفون، والحديث إلى الجميع بما يريد وقتما يريد

الطريق إلى الداخلية

يقول الزعيم: فيلم «الإرهابي» هو ذروة اقترابي من مشكلات وهموم الوطن، صحيح أنني حاربت رموز الفساد في «اللعب مع الكبار» وأظهرت المعاناة اليومية للمواطن العادي في «الإرهاب والكباب» وألمحت إلى جذور الديكتاتورية في «المنسي»، لكن الإرهابي كان طلقة مباشرة في المعركة الأخطر، فأنا أحب دائما الالتحام بقضايا وطني والتعبير عنها، لذلك وقفت ضد التطرف وأنصاره عندما قررت التحدي والسفر إلى أسيوط في عام 1988 وعرضت مسرحية «الواد سيد الشغال» هناك تضامنا مع فرقة مسرحية من الطلاب والهواة منع أعضائها من عرض مسرحية تدعو لعدم الهجرة والتمسك بالأرض... وقتها كنت مع بعض الزملاء الفنانين نعترض على القانون (103) وندافع عن ديمقراطية العمل النقابي بعد ان نجح الكاتب سعد الدين وهبة في تمرير مشروع القانون الذي يضمن له الترشح لدورة ثالثة كنقيب وكان أيامها رئيسا للنقابات الفنية الثلاث... وأثناء انشغالنا بهذه المهمة التي شغلت مصر كلها حينذاك قرأت في احدي الصحف أن بعض الممثلين الهواة ذهبوا لتمثيل مسرحية في قرية « كودية الإسلام « فكانت النتيجة أن تم قتل أحدهم وتعرض الباقون للضرب بالجنازير والمطاوي ومنعهم المتطرفون من ممارسة التمثيل بالقوة

وكتب الأستاذ أحمد بهاء الدين في عموده الشهير «يوميات» بصحيفة الأهرام يطالب بحماية هؤلاء الفنانين حتى لو اقتضي الأمر نزول الدبابات،، شعرت بحالة من الخوف على مصر والغضب من أجل صورتها ومستقبلها، وظلت هذه الغصة بداخي عدة أيام وأنا لا أعرف ماذا يمكن أن أفعل؟.. لكنني تذكرت بداياتي الأولى في المسرح، وقلت لنفسي هؤلاء الشباب على مسافة بعيدة جدا عن العاصمة وأضوائها، ونحن هنا نتعارك على القانون (103) بينما هم يتحملون القتل والضرب بالجنازير دفاعا عن الفن، وكان لابد أن أفعل شيئا ما، فقررت أن أذهب إلى أسيوط، وأواجه هذا الموقف مباشرة، واعتبرت ذلك دفاعا عن نفسي وأسرتي ووطني، قبل الدفاع عن الفنانين الهواة.. لقد ذهبت لأدافع عن نفسي، وعن الفن الذي أحبه، وتذكرت تاريخي وتاريخنا كله، وذهبت لأدافع عن صورتي أمام أولادي لكي يعرفوا جيدا أن مهنتي ليست «حراما في حرام»، ولكي يدركوا أنني أكسب أموالي عمل شريف ومحترم وليس من «حرام».

وفي اليوم التالي أعلنت أنني على استعداد للذهاب إلي معقل المتطرفين، مهما كان الثمن، والتقط الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد رئيس تحرير مجلة المصور، ورئيس مجلس إدارة «دار الهلال» هذه الدعوة، وكان أيامها نقيبا للصحفيين المصريين، وسألني: هل تفضل أن تدعوك جهة معينة؟

قلت على الفور: جامعة أسيوط حتى تكون للزيارة واجهة ثقافية.

لكن رئيس الجامعة وقتها تردد وتهرب، فتحدثنا إلى وزير الداخلية، وتمت اتصالات بالمحافظة التي وافقت على استضافتي وعندما عرفت بدعوة المحافظة وافقت على الفور، لأنني كنت مصمما على السفر، وقلت: أنا موافق أن أذهب إلى هناك حتى لو كانت الدعوة بائع خضار.

ويضيف عادل: وسافرت، وقمت بواجبي واستقبلني الناس هناك بصورة تفوق الخيال، ومازلت محتفظا بشريط فيديو يوثق هذه الزيارة، وهناك نسخة أخرى في المركز القومي للسينما، و لا أدري ماذا يفعل بها؟، ولماذا لم يستثمرها في أي عمل حتى الآن على الرغم من أنني طالبت مرارا بعرض هذا الشريط على الجمهور، لأنه يمثل رأيا صريحا وقويا جدا من أبناء الصعيد في التطرف والمتطرفين، لأنني طلبت أن يتم دعوة الجميع، حتى المتطرفون أنفسهم، وتحولت أيام إقامة الحفلات في المدينة إلى أعياد وسعدت بالتجربة إلى أقصي مدي، لأنني ساهمت مع فرقتي في إعادة بناء المسرح ورد اعتبار فناني قرية «كودية الإسلام»، وعندما عدت إلى القاهرة استمرت مواقفي الواضحة ضد الإرهاب، وبدأت أبذل كل ما أستطيع من جهد في هذا المجال: على سبيل المثال انضممت لعضوية لجنة الوحدة الوطنية، وعندما حدث تفجير إرهابي داخل مقهى وادي النيل في قلب ميدان التحرير بالقاهرة، حضرت الاحتفال بإعادة افتتاح المقهى.

ويوضح عادل إمام كيف بدا اهتمامه بتوظيف الفن ضمن هذه المعركة فيقول: وعلى اعتبار أنني بالأساس فنان، كان لابد وأن أعبر عن آرائي من خلال الفن ولم يكن سهلا أن أجد عملا سينمائيا ضد الإرهاب بين يوم وليلة، لأن مثل هذا العمل يحتاج إلى وقت وإعداد وتحضير، وفي ظل هذه الظروف قدمت «الإرهاب والكباب» وهو فيلم لا يتحدث عن الإرهاب بصورة مباشرة، إلى أن وصلنا إلى سيناريو «الإرهابي» وبمجرد تسريب أخبار عن موضوع الفيلم في الصحف قامت ضدي حملة تخويف، وصلت إلى بيتي، وقرأت بالفعل في احدي الجرائد المسائية أن زوجتي منعتني من تصوير الفيلم فضحكت، لأن الخبر كان سطحيا لكنه يمس الحقيقة بشكل ما،، فقد حدثت بيني وبين زوجتي قصة عجيبة ارتبطت بالأحداث الساخنة التي تعرضت لها مصر في تلك الفترة، ومنها محاولة اغتيال رئيس الوزراء...

يتبع

back to top