«الوطني»: استقالة تراس تضع اقتصاد المملكة المتحدة تحت المجهر أمام العالم أجمع

نشر في 23-10-2022
آخر تحديث 23-10-2022 | 19:39
 رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس المستقيلة
رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس المستقيلة
استقالت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، يوم الخميس الماضي، لتصبح بذلك صاحبة أقصر فترة رئاسة لمجلس الوزراء البريطاني في تاريخ البلاد. وستبقى تراس في منصبها حتى يتم اختيار خلف لها لتولي قيادة الحزب والحكومة، وهو الإجراء الذي قالت إنه سينتهي خلال أسبوع. وعاصرت المملكة المتحدة اضطرابات سياسية منذ استفتاء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016، إلا أن الأسابيع القليلة الماضية كانت استثنائية حتى بالمقارنة بتلك المعايير.

وحسب ما جاء في تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، كان بوريس جونسون ووزير ماليته السابق ريشي سوناك في صدارة المتنافسين المحتملين، ليحلا محل تراس يوم الجمعة، حيث قاما بحشد المؤيدين ليتولى أحدهما رئاسة حزب المحافظين في منافسة مستعرة. وللتأهل لمنصب رئاسة الوزراء، على المرشح جمع 100 صوت من المشرعين المحافظين بحلول يوم الاثنين المقبل لخوض المنافسة التي يأمل الحزب أن تعزز موقفه للخروج من المشاكل التي يعاصرها.

بيانات الاقتصاد البريطاني

يساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية بصفة مستمرة في تعزيز معدلات التضخم بصفة عامة. وفي المملكة المتحدة، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين مرة أخرى إلى معدلات ثنائية الرقم في سبتمبر إلى 10.1 في المئة مقابل 9.9 في المئة في أغسطس، ليسجل بذلك أعلى مستوياته في 40 عاماً التي وصلها في يوليو الماضي. وكانت المواد الغذائية المحرك الرئيسي لارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، مقارنة بشهر أغسطس، بعدما سجلت نمواً بنسبة 0.16 في المئة. ويبلغ معدل تضخم أسعار المواد الغذائية والمشروبات الآن 14.5 في المئة على أساس سنوي مقابل 13.1 في المئة في أغسطس. وانخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 1.4 في المئة على أساس شهري في سبتمبر مقابل توقعات إجماع السوق بأن تصل إلى -0.5 في المئة. كما وصلت احتمالات حدوث توقعات رفع بنك إنكلترا سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه المقبل المقرر عقده في 3 نوفمبر إلى 80 في المئة.

في تلك الأثناء، واصل الجنيه الإسترليني تذبذبه بوتيرة حادة، إذ ارتفع إلى مستوى 1.1439 يوم الاثنين، لكنه استمر في التراجع مع تصاعد حالة عدم اليقين السياسي على مدار الأسبوع. وأدت بيانات التضخم المرتفع ومبيعات التجزئة الضعيفة إلى تراجع الجنيه الإسترليني دون مستوى 1.11.

وشهد الأسبوع الماضي صدور عدد محدود من البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة. إلا أن الدولار ظل محتفظاً بصدارته على قائمة العملات الرئيسية في ظل ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأعلى مستوياتها منذ بداية العام الحالي. إذ وصل عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياته منذ بداية العام عند مستوى 4.15 في المئة في ظل مواصلة المشاركين في السوق تسعير تحركات مجلس الاحتياطي الفدرالي الأكثر تشدداً.

ويقوم السوق حالياً بتسعير وصول سعر الفائدة الفدرالية عند مستوى 5.00 في المئة العام المقبل بعد رفعها مرتين بمقدار 75 نقطة أساس بنهاية العام الحالي، واللتان تم تسعيرهما بالكامل. كما سلط رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، تشارلز إيفانز، الضوء على المعضلة الحالية التي تواجه الاحتياطي الفدرالي وغيره من البنوك المركزية الكبرى بأن تجنب الانكماش أصبح «مشكلة وشيكة» أكثر من المعتاد. كما أكد انه لايزال يأمل أن يرفع سعر الفائدة إلى أعلى مستوياتها لتتراوح ما بين 4.50 في المئة إلى 5.00 في المئة سيكون كافياً لخفض معدلات التضخم مرة أخرى نحو المستوى المستهدف.

سوق الإسكان الأميركي

على صعيد البيانات، انخفضت معدلات تشييد المنازل وتصاريح البناء الجديدة في الولايات المتحدة خلال سبتمبر، مما يضيف إلى المؤشرات التي تؤكد أن ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى اعلى مستوياتها المسجلة في عقدين من الزمن تؤثر سلباً على الطلب وتثبط أنشطة البناء والتشييد. إلا انه رغم ذلك، من المستبعد ان يؤثر ذلك على قرارات مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الذين لم يروا بعد دليلاً واضحاً في الاقتصاد الأميركي يؤكد اعتدال الأسعار بعد أن تجاوزت أحدث قراءات مؤشر أسعار المستهلكين كل التقديرات.

من جهة أخرى، واصلت العملة الأميركية ارتفاعها مقابل العملات الرئيسية الأخرى، ومع ارتفاع عائدات السندات، استمر الدولار في تحقيق مكاسب مقابل الين الياباني. ولامس زوج العملات الدولار مقابل الين مستوى 150.00 للمرة الأولى منذ أغسطس 1990 ووصل إلى أعلى مستوياته المسجلة عند مستوى 151.94. وحقق الدولار مكاسب مقابل الين على مدار 12 جلسة تداول متتالية، قبل أن يتدخل بنك اليابان في وقت متأخر من يوم الجمعة.

التضخم والتدخل في سوق العملات الأجنبية

وصلت قراءة معدلات التضخم في اليابان خلال سبتمبر إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 8 سنوات عند 3.0 في المئة على أساس سنوي. وتضع تلك البيانات تحديات كبيرة أمام إصرار البنك المركزي على الاحتفاظ بسياساته التيسيرية، حيث يواصل الين تراجعه إلى أدنى مستوياته المسجلة في 32 عاماً، مما يساهم في رفع تكاليف الاستيراد. وتسلط بيانات التضخم الضوء على المعضلة التي يواجهها بنك اليابان في الوقت الذي يحاول فيه دعم الاقتصاد الضعيف من خلال الحفاظ على معدلات الفائدة عند مستويات منخفضة، والتي بدورها تؤدي إلى تراجع الين.

وصرح وزير المالية الياباني، شونيتشي سوزوكي يوم الجمعة، إن السلطات تتعامل مع المضاربين «بحزم»، حيث أبقت عمليات البيع المكثفة للين الأسواق في حالة تأهب قصوى لقيام الحكومة بمواصلة تدخلها وبيع الدولار.

وقال سوزوكي في مؤتمر صحافي يعقد بشكل دوري رداً على سؤال عما إذا كان الين يتعرض لهجوم من المضاربين «نواجه المضاربين بصرامة، وسنستجيب بشكل مناسب مع مراقبة تحركات سوق العملات على نحو ملح». قبل إغلاق جلسة تداول يوم الجمعة، تدخل بنك اليابان في السوق ودفع زوج العملات الدولار مقابل الين إلى مستوى 147.

back to top