دبلوماسية الغاز الروسية تُضعِف العقوبات الغربية

نشر في 24-10-2022
آخر تحديث 24-10-2022 | 00:00
لمنع أوروبا من التعامل مع بكين من دون المرور بمساحات موالية لروسيا، حرص بوتين على تأمين قواعده، فاقترح على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تصبح إسطنبول معقلاً لصادرات الغاز الروسي إلى أوروبا.
 ريل كلير في أكتوبر الجاري أصدرت وزارات الخزانة والتجارة والخارجية في الولايات المتحدة تقريراً يُفصّل كيف أضعفت العقوبات وقيود التصدير الأميركية القدرة الروسية على خوض حربها في أوكرانيا، وقد تكون التدابير التي اتخذتها الولايات المتحدة واسعة النطاق فعلاً، لكن روسيا لجأت إلى قنوات استحواذ بديلة وشبكات تخريبية لإضعاف المبادرات الغربية.

تابعت الولايات المتحدة معاقبة البنك المركزي الروسي، في وقت يحرص الكرملين على إبقاء أسعار الطاقة مرتفعة ويتكل على عملة مستقرة، ولا شك أن العقوبات بدأت تستنزف احتياطيات روسيا، لكنها لا تضرب محرك آلة الحرب الروسية مباشرةً.

مادامت روسيا تتحكم في أمن الطاقة في أوراسيا، فلن تنفصل دول آسيا الوسطى، مثل كازاخستان، عن الكرملين، وهذا الوضع يطلق سابقة غير إيجابية، إذ تحصد روسيا ما يكفي من العائدات لتمويل خطوط الأنابيب في أنحاء آسيا، مما يسمح لها بإعادة إحياء نظام التبعية الذي كان يحاصر أوروبا.

في الأشهر القليلة الماضية، بدأت الصين تبيع فائض الغاز الطبيعي المُسال الذي اشترته من روسيا إلى أوروبا، وإذا أرادت موسكو أن تُحكِم قبضتها على هذه الصادرات، فإن أفضل طريقة تقضي بالتشجيع على بناء خط أنابيب يمرّ ببلدان صديقة لبوتين.

من المستبعد أن يوافق الاتحاد الأوروبي على عرضٍ مماثل مع الصين، لكن لمنع أوروبا من التعامل مع بكين من دون المرور بمساحات موالية لروسيا، حرص بوتين على تأمين قواعده، فاقترح على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تصبح إسطنبول معقلاً لصادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، كذلك، اجتمع بوتين مع رئيس أذربيجان، في 13 الجاري، واحتفل بالتقدّم الحاصل في مجال أمن الطاقة، باختصار، يصبّ بوتين كامل اهتمامه في الفترة الأخيرة على بلدان وبحار تدعم دبلوماسية الغاز التي يطبّقها.

على صعيد آخر، أدت العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حديثاً على قطاع أشباه الموصلات الصينية إلى تقييد خصوم واشنطن الأساسيين على نطاق أوسع، واضطر المديرون التنفيذيون والمهندسون الأميركيون الذين شاركوا سابقاً في تصنيع أشباه الموصلات في الصين للاستقالة من عملهم بين عشية وضحاها. ترافق هذا الوضع مع منعهم من إرسال أي رقائق مُصمّمة لتطوير الذكاء الاصطناعي والحوسبة العالية الأداء إلى بكين، وفي غضون ذلك، شعرت روسيا بالقلق من القيود التي فرضتها واشنطن على الإنتاجات والواردات الصينية.

وقد سبق أن بدأت موسكو تلجأ إلى أنظمة استبدادية أخرى، مثل كوريا الشمالية وإيران، للتعويض عن النقص في مدفعياتها، لكن هذه البلدان تعجز عن تقديم مساعدة كبرى في قطاع أشباه الموصلات، لهذا السبب، تتعاون وكالات الاستخبارات الأميركية مع الوزارات التي تدير العقوبات للتصدي للتسلل الروسي.

تريد روسيا أن يستمر تدفق الغاز إلى أوروبا، فقد قال بوتين خلال الجلسة العامة للمنتدى الدولي لأسبوع الطاقة الروسي، في الأسبوع الماضي: «نحن مستعدون لتسليم كامل كمياتنا... لكن إذا لم يرغب طرف معيّن في تلقي منتجاتنا، فما علاقتنا بالموضوع؟ هذا قراركم»، لكنه لا يدرك على ما يبدو أن الاتحاد الأوروبي يريد تحرير نفسه من الغاز الطبيعي المُسال الذي يصل من بلد لا يمكن توقع تصرفاته، ولا يكف عن انتهاك المعايير الديموقراطية.

أخيراً، يدعو بوتين إلى بناء خطوط أنابيب في أنحاء آسيا الوسطى، منها خطوط تمرّ من أوروبا إلى غرب الصين، تزامناً مع دعم الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بكل قواه. في الوقت نفسه، يسعى الرئيس الروسي إلى إقامة تعاون مع تركيا، وأذربيجان، وقطر، في مجال الطاقة لتوسيع نفوذ روسيا في البلدان القادرة على تأمين الغاز إلى أوروبا أو تلك التي يمكن أن يمرّ بها خط أنابيب جديد، وقد ترددت الولايات المتحدة في زيادة العقوبات في قطاع الطاقة، خوفاً من التداعيات المحتملة على الصين والهند، لكن هذه الخطوة تستهدف جذور الاحتياطيات الروسية التي سمحت باستمرار الحرب حتى هذه المرحلة.

* «أكسيل دو فيرنو»

لا شك أن العقوبات على روسيا بدأت تستنزف احتياطياتها لكنها لا تضرب محرك آلة الحرب الروسية مباشرةً

في الأشهر القليلة الماضية بدأت الصين تبيع فائض الغاز الطبيعي المُسال الذي اشترته من روسيا إلى أوروبا
back to top