«حرس إيران» يحذر من مصير سورية

•عشية «أربعين مهسا»: الثورة في لحظة مصيرية
خامنئي رفض طلب سلامي إطلاق يده ضد المحتجين
المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين يعلن وفاة طالبة بعد تعرضها للضرب على يد قوات الأمن

نشر في 21-10-2022
آخر تحديث 21-10-2022 | 00:05
طالبات إيرانيات يعبرن عن رفضهن بخلع غطاء الرأس داخل أحد الفصول المدرسية
طالبات إيرانيات يعبرن عن رفضهن بخلع غطاء الرأس داخل أحد الفصول المدرسية
وصف الحرس الثوري الأوضاع والظروف التي تعيشها إيران حالياً بأنها مصيرية بالنسبة للثورة الإسلامية، عشية دعوات لتنظيم احتجاجات حاشدة مع تواصل التظاهرات المنددة بالنظام، في حين ناقشت وزيرات خارجية العالم «الاحتجاجات الراهنة في إيران» خلال اجتماع عبر الإنترنت استضافته وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أمس.
عشية تنظيم تجمعات حاشدة في آخر جمعة قبل حلول ذكرى أربعينية مهسا أميني، التي أشعلت وفاتها بعد توقيفها من شرطة الآداب، حراكاً شعبياً معارضاً واسعاً، حذّر قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، أمس، من أن إيران والثورة الإسلامية تواجهان تحدياً مصيرياً.

وقال سلامي، أمام تجمعٍ نظمه رجال دين وأساتذة وطلاب في مدينة قم: «اليوم هو في الواقع ليلة القدر لثورتنا»، في إشارة إلى حجم التحدي المصيري الذي فرضته الاحتجاجات على النظام.

وعلمت «الجريدة» من مصدر إيراني مطلع، أن المرشد الأعلى علي خامنئي استضاف، ليل الأربعاء ـ الخميس، اجتماعاً مع عدد من المسؤولين والنخب السياسية والأمنية لتقييم الأوضاع مع استمرار الاحتجاجات منذ 35 يوماً.

وبحسب المصدر، قال ممثل «الحرس» في الاجتماع، إن أحد أكبر التحديات التي تواجهها السلطة هو زوال خوف الشباب من مواجهة القوى الأمنية، بعد أن كانوا في الاحتجاجات السابقة يفرون أمام عناصر الأمن، وأصبحوا الآن يواجهونها دون أي خوف، مضيفاً أن عدداً متزايداً من الفتيات خلعن الحجاب الإلزامي خلال السير في الطرقات، ويُبدين تحدياً إذا اعترضهن أي عنصر أمني، وسط احتضان اجتماعي غير مسبوق.

وأشار المصدر إلى أن الأمر بات يعرقل قيام القوات الأمنية بمهامها العادية، بما في ذلك توقيف المجرمين، واعتراض السيارات المخالفة لقواعد السير.

وذكر أن قائد «الحرس» حسين سلامي طلب من المرشد منحه إذناً للقيام بحملة تطهير في أرجاء البلاد، يتم خلالها اعتقال كل مَنْ يشك فيهم أو تصفيتهم لإعادة الهدوء والاستقرار وهيبة الأجهزة الأمنية، بمساندة قوى مكافحة الشغب التابعة للشرطة، ودون انتظار تقديم المشتبه فيهم إلى القضاء؛ لأن الوضع لم يعد يسمح بالتساهل مع المحتجين.

وبحسب المصدر حذّر سلامي من أن «عدم الحزم» قد يترتب عليه مواجهة البلاد لمصير مشابه لما تشهده سورية، في ظل تحول الاحتجاجات ضد «الحجاب الإلزامي» إلى «استهداف لنظام الثورة الإسلامية برمته».

ورغم تأييد بعض الحضور لقائد «الحرس»، رفض خامنئي مطلب سلامي، ودعا المرشد الأجهزة الأمنية إلى الاستمرار في عملها بشكل سري وأمني، لكشف الكوادر التي تحرك الاحتجاجات، واعتقالهم في عمليات منفردة من «دون إحداث ضجة عالمية».

وحث المرشد «الحرس» على التركيز على مواجهة القوى الانفصالية في غرب البلاد وشرقها بحزم، حيث تعيش أقليات عرقية وقومية، وشدد على ضرورة أن «تعمل الأجهزة الأمنية بعكس ما يريده الأعداء» وتفادي المزيد من الصدامات بالشارع إلى حين عودة الهدوء.

ووصف المصدر خطاب المرشد بأنه كان واقعياً وشفافاً، لكنه قوبل، لأول مرة، بغضب ومجادلة شديدة من بعض كوادر التيار الأصولي المتشدد، الذين رأوا أن «هذا اللين لن يفيد البلاد التي تحتاج إلى حزم أكبر»، مما اضطر خامنئي إلى إنهاء الاجتماع مع مطالبة المجتمعين بالتفكير فيما طرحه ومناقشته لاحقاً.

وفي تفاصيل الخبر:

عشية تنظيم تجمعات حاشدة بآخر جمعة قبل حلول ذكرى أربعينية مهسا أميني، التي أشعلت وفاتها بعد توقيفها من قبل شرطة الآداب، الحراك الشعبي المناهض للنظام في إيران، حذر قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي من أن إيران والثورة الإسلامية تواجهان تحديا مصيريا.

ووسط تقارير عن دخول القوات الأمنية في حالة إنهاك جراء تواصل الاحتجاجات التي انطلقت بالشوارع، منتصف سبتمبر الماضي، وانتقلت إلى الجامعات والمدارس والمؤسسات العمالية، قال سلامي: «اليوم هو في الواقع ليلة القدر لثورتنا»، في إشارة الى حجم التحدي المصيري الذي فرضته الاحتجاجات على النظام.

رغم ذلك اعتبر سلامي، أمام تجمع نظمه رجال دين وأساتذة وطلاب بمدينة قم، تضامنا مع القوات المسلحة والأمن الداخلي، أن «الفتنة الأخيرة ولدت ميتة»، ورأى أن «الولايات المتحدة تعمل على تعطيل الجامعات والمدارس الإيرانية، لأنها تعلم أن العلم والمعرفة باتت تنمو من هناك، وأصبحت إيران تحقق إنجازات عظيمة».

وانتقد المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس الأول، عدم حضور أساتذة الجامعات في الفصول الدراسية، حيث تشهد الجامعات والمدارس دعوات للإضراب، احتجاجا على قمع السلطات للحريات الفردية. ووجه سلامي اتهامات جديدة إلى السعودية وواشنطن وتل أبيب بتأجيج الاحتجاجات.

تظاهرات وحداد

وتأتي تلك التطورات في وقت دعا نشطاء إلى تنظيم احتجاجات حاشدة بالعاصمة طهران وعدة مدن رئيسية، حيث طلبت مجموعة «شباب أحياء طهران» من مواطني العاصمة وجميع المدن الإيرانية التجمع غدا السبت، من 11:00 صباحا، في الأحياء المجاورة للسوق والجامعات، ومن 3:00 مساء في أحياء مختلفة من طهران.

في الوقت نفسه، أعلن المجلس التنسيقي للمنظمات النقابية للمعلمين الإيرانيين حدادا عاما لمدة ثلاثة أيام، حيث ورد في الإعلان: «طلبا لتحقيق العدالة للدماء المسفوكة ظلما، لا سيما القتل الشنيع للطلاب الإيرانيين، نعلن الحداد العام أيام الخميس والجمعة والسبت 20 و21 و22 من أكتوبر الجاري».

كما طلبت مجموعة «شباب أحياء طهران» النزول إلى الشوارع الأربعاء المقبل.

في غضون ذلك، خرجت احتجاجات متفرقة في مناطق بعدة مدن رئيسية، بينها طهران وشيراز وتبريز وكرج بكردستان، وفي مدينتي سنندج وكامياران نزل المتظاهرون إلى الشوارع وأغلقوها بإشعال النيران.

ومع استمرار موجة الاعتقالات والقمع، التي شنها النظام الإيراني ضد الحراك الشعبي، كتبت وكالة أنباء «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، «مواطنو 14 دولة، بينها الولايات المتحدة وروسيا والنمسا وفرنسا وبريطانيا وأفغانستان، اعتقلوا في أعمال الشغب بالبلاد، والأفغان هم الأكثر عددا بين الموقوفين».

وأعلن المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين في إيران أن فتاة تبلغ 15 عاما توفيت الأسبوع الماضي، على أثر تعرضها للضرب خلال تدخل لقوات الأمن في مدرستها، وقد حضّت الهيئة النقابية السلطات على التوقف عن قتل محتجين «أبرياء». وقضت أسرا بناهي في 13 أكتوبر، بعدما «هاجمت قوات أمنية بالزي المدني» مدرسة شاهد في أردبيل الواقعة شمال غرب إيران.

وكان قد نظّم «حدث أيديولوجي» للطالبات في موقع يعرف بأنه مركز للاحتجاجات التي اندلعت على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني، وعمد أشخاص «بالزي المدني ونساء محجبات» إلى «تعنيف وإهانة» عدد من الطالبات اللواتي «أطلقن هتافات ضد التمييز وانعدام المساواة».

وجاء في البيان الصادر الاثنين أن الطالبات وبعد عودتهن إلى المدرسة تعرضن للضرب مجددا، وتابع البيان: «بعد ذلك للأسف قضت طالبة تدعى أسرا بناهي في المستشفى وتم اعتقال عدد من الطالبات الأخريات».

وبث التلفزيون الرسمي مقابلة مع أحد أفراد عائلتها قال خلالها إن الفتاة قضت من جراء نوبة قلبية. وأورد تقرير لموقع «ديدبان إيران» الإلكتروني، نقلا عن ممثل أردبيل في البرلمان النائب كاظم موسوي قوله إن الفتاة «أقدمت على الانتحار بابتلاع أقراص». وأثارت هذه التصريحات غضب المحتجين.

وفي بيان آخر صدر الثلاثاء ندد المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين في إيران بقرار المدرسة إقحام طالبات في «حدث أيديولوجي» من دون موافقة ذويهن. وتابع البيان: «يدعو المجلس النظام والجيش وقوات الأمن إلى وقف تعدياتهم على المدارس للتوقف عن قتل الأبرياء والمحتجين العزّل».

عائلة أميني

في موازاة ذلك، جددت عائلة الشابة الإيرانية مهسا أميني أمس رفضها تقرير الطب العدلي، الذي أفاد بأن وفاتها بعد توقيفها من قبل شرطة الآداب تعود لوضعها الصحي وليس بسبب تلقيها ضربات.

وذكرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية أن فريق المحامين الموكل من عائلة أميني «رفض تقرير الطب الشرعي»، وطلب «إعادة مراجعة أسباب الوفاة عبر لجنة أخرى تضم أطباء تثق بهم عائلة أميني».

دعم نسائي

إلى ذلك، ناقشت وزيرات خارجية العالم «الاحتجاجات الراهنة في إيران»، خلال اجتماع عبر الإنترنت استضافته وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أمس.

وقالت جولي إن الاجتماع يرمي إلى توجيه رسالة واضحة «يجب على النظام الإيراني إنهاء جميع أشكال العنف والاضطهاد ضد الشعب الإيراني، بما في ذلك الاعتداءات الوحشية على النساء على وجه الخصوص»، مضيفة: «ستواصل كندا الوقوف إلى جانب الإيرانيين الشجعان الذين يناضلون من أجل حقوقهم الإنسانية ويدافعون عن أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم. حقوق المرأة من حقوق الإنسان». واستمع الاجتماع إلى نساء من أصول إيرانية وناقش وضع حقوق المرأة وحقوق الإنسان في طهران بهدف تنسيق الجهود ومناقشة «سبل زيادة دعمهن من أجل الشعب الإيراني».

طهران - فرزاد قاسمي

back to top