دور إندونيسيا في استقرار أوكرانيا والنظام الدولي

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حصلت إندونيسيا على فرصة مهمة لتجاوز مواقفها السابقة وإثبات مكانتها المزعومة كقوة وسطى رائدة، لكن يبقى البلد متردداً وحذراً رغم كل شيء، فقد حاول أن يبني الجسور عبر زيارة كييف وموسكو، لكنه تجنب في الوقت نفسه أدواره الأخرى التي تتعلق بحماية النظام الدولي المستقر، ومن خلال رفض تكثيف دور إندونيسيا كوسيطة في الصراع، أهدر البلد مكانته كقوة وسطى ناشئة، ومن خلال تبنّي تعريف مبسّط عن نجاح قمة مجموعة العشرين، أثبتت الحكومة الإندونيسية أنها لا تهتم إلا برمزية مكانتها الرائدة ولا تريد تحمّل مسؤوليات قادة العالم. لكن تبدّل الوضع اليوم لأن بوتين تجاوز الخطوط الحمراء بعد ضم أربع مناطق أوكرانية، فأصبحت الحكومة الإندونيسية مضطرة إذاً لتنظيم تحالف في الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة وداخل مجموعة العشرين، ويُفترض أن يدين تحالف القوى المتوسطة والبلدان النامية إقدام روسيا على ضم الأراضي الأوكرانية، وأن يطلب من روسيا وقف الحرب وإعادة الأراضي المحتلة، ويرسّخ استقرار النظام الدولي عبر إنشاء منتدى سلام بعد الانسحاب الروسي، فيحمي بذلك مبدأ وحدة الأراضي.من مسؤولية القوى المتوسطة أن ترسّخ استقرار العالم، لا سيما حين تفشل القوى العظمى في التواصل في ما بينها بطريقة بناءة، كذلك، من مصلحة إندونيسيا أن يستقر العالم وتعجز الدول فيه عن غزو أراضي البلدان الأخرى، إنها فرصة قيّمة كي تصحّح إندونيسيا مقاربتها المترددة سابقاً، وإذا فشل البلد في تحقيق هذه الغاية، فلا مفر من أن ينهار النظام الدولي المستقر الذي يرتكز على مبدأ وحدة الأراضي، وقد تقرر بلدان أخرى أن تحذو حذو روسيا، فتضم الأراضي إليها انطلاقاً من استفتاءات صورية أو عبر استعمال القوة العسكرية المطلقة، وبعدما أصبحت سيادة الأراضي الإندونيسية مُهددة في مناطق عدة، لا يمكن أن يتساهل أحد مع خطابات الحكومة الفارغة ونفاقها الواضح، ومن المتوقع أن تتضرر السلطة المعيارية والأخلاقية في إندونيسيا بدرجة إضافية إذا أصرّ البلد على هذا النهج، علماً أنه أصبح في موضع شك أصلاً بسبب موقفه خلال التصويت الأخير في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول تعامل الصين مع الإيغوريين.* «راديتيو دارمابوترا - دبلومات»