رشيد رئيساً للعراق... وتيار المالكي يعود بقوة إلى الحكم

الأمير يهنئ ويشيد بالعلاقات الوطيدة بين البلدين
• تكليف السوداني تشكيل الحكومة... وترقب لرد الصدر

نشر في 14-10-2022
آخر تحديث 14-10-2022 | 00:14
عبداللطيف رشيد
عبداللطيف رشيد
بعث سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد ببرقية تهنئة إلى الرئيس د. عبداللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق، عبر فيها سموه عن خالص تهانيه بالثقة التي أولاه إياها مجلس النواب بانتخابه رئيساً للجمهورية، متمنياً سموه له كل التوفيق والسداد لكل ما فيه خير العراق الشقيق وتحقيق تطلعات شعبه الكريم.

وأشاد سموه، خلال برقيته أمس، بالعلاقات الوطيدة التي تربط دولة الكويت بالعراق، والتأكيد على التطلع المشترك نحو تعزيز أواصر هذه العلاقات بين البلدين، والارتقاء بأطر التعاون بينهما في مختلف المجالات إلى آفاق أرحب خدمة لمصلحتهما المشتركة، راجياً لفخامته موفور الصحة والعافية وللعراق وشعبه الكريم دوام الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار.

إلى ذلك، لم يكن أحد يتخيل أن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق، والخاسر في انتخابات 2021، سينجح في العودة إلى السلطة بعد ثمانية أعوام مرت على تراجع نفوذه وخروجه من المنصب، إذ كلف رئيس الجمهورية الجديد عبداللطيف رشيد، مرشح المالكي لرئاسة الحكومة، وهو الوزير السابق محمد السوداني.

وصوّت 162 نائباً لمصلحة اختيار رشيد، الذي انتخبه البرلمان عصر أمس وهو صهر رئيس الجمهورية الأسبق جلال طالباني، ومتزوج من أخت زوجته، رئيساً للجمهورية، في حين صوّت 99 نائباً لبرهم صالح، فضلاً عن 8 أصوات باطلة.

وتردد خلال الليلة قبل الماضية التوصل إلى اتفاق بين الزعيم الكردي مسعود البارزاني، مع حلفاء طهران، تضمن دعم البارزاني لترشيح رشيد، مقابل التضحية بمنافسه الرئيس برهم صالح، ما سينتج عنه الاعتراف بالكتلة النيابية الأكبر التي يقودها المالكي والفصائل الموالية لطهران، وتكليف مرشحها تشكيلَ الحكومة، وهو ما يعني سيطرة الفصائل والمالكي على أهم المؤسسات الأمنية والعسكرية والنفطية في الدولة، بطريقةٍ تبدو مقلقة لكثير من الأوساط الإقليمية والدولية، فضلاً عن التيار المدني والوطني المحلي المعارض لنفوذ الفصائل المسلحة.

ولم يكن بوسع المالكي الحصول على هذه الفرصة لولا استقالة 73 نائباً يمثلون الكتلة الصدرية الفائزة؛ احتجاجاً على منع الفائز من تشكيل الحكومة.

وحاول البارزاني مع زعيم التيار الصدري وقوى وطنية أخرى، منع حصول هذا السيناريو، ووصل الأمر إلى خروج تظاهرات عارمة اجتاحت البرلمان قبل شهرين، لكن المالكي نجح في تطويق خصومه عبر ما عرف بـ «الانقلاب القضائي» وقرارات المحكمة العليا وتأويلاتها لنصوص الدستور التي أنتجت «الثلث المعطل» على الطريقة اللبنانية، وهي تأويلات كان الرئيس برهم صالح ضالعاً فيها، لأنه وجّه أسئلة رئاسية حول الدستور أتاحت للمحكمة العليا طرح تأويل جديد وُصِف بأنه منحاز لحلفاء طهران في المعركة على حكم العراق.

ومنذ أن انتكس الحراك الذي قاده الصدر وقوى مدنية، للضغط ومنع حصول سيناريو عودة المالكي، قال ساسة عراقيون، إن الولايات المتحدة بقيت تتفرج أمام مشهد اقتراب الفصائل من السيطرة على العراق، مرجحين أن يكون ثمن ذلك متعلقاً بالمفاوضات النووية في فيينا بين إيران والقوى الكبرى، إذ يفترض هؤلاء أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «تسلم العراق كقربان للاتفاق النووي مع طهران».

ويمثل رئيس العراق الجديد عبداللطيف رشيد شخصية سياسية غير معروفة بتأثيرها السياسي، لكنه أفاد من مصاهرته لعائلة إبراهيم أحمد، القيادي الكردي الراحل ووالد زوجة جلال طالباني.

كما يُعد المرشح لرئاسة الحكومة شخصية مغمورة، لكنه مقرب جداً من المالكي، وعُرف عنه أنه إداري تقليدي جيد حين كان محافظاً لميسان بُعيد سقوط نظام صدام حسين، ثم وزيراً لحقوق الإنسان في حكومة المالكي الثانية، والتي شهدت انتكاسة في ملف الحقوق، وقتل عشرات الآلاف من العراقيين في الانهيار العسكري الشهير أمام تنظيم داعش.

وطوال الفترة من 2010 حتى 2014، عمل التيار الصدري مع قوى كردية وسنية، بالتنسيق مع تيارات مدنية وثقافية كثيرة، حتى نجحوا في إبعاد المالكي عن السلطة، ما أنتج لاحقاً تهدئة واضحة في العراق، وانفتاحاً على محيطه العربي، وتنشيطاً للدبلوماسية.

وتمثل عودة المالكي اليوم انتكاسة محتملة للمكاسب التي تحققت خلال ثمانية أعوام من غيابه عن صناعة القرار.

وسبق لزعماء عراقيين أن دعوا، أي حكومة جديدة، إلى ضرورة عدم التفريط في المكاسب التي شهدتها الدبلوماسية العراقية خلال حكومة مصطفى الكاظمي، التي نتجت عن حراك تشرين الشعبي عام 2021.

وقال دبلوماسيون إنهم يتوقعون أن يخضع المالكي وحلفاؤه للضغوط، وأن يتمسكوا بسياسات هادئة تجنباً لخلق أعداء لهم، خصوصاً في الفترة الأولى، وأنهم سيتجنبون سياسات الانتقام من الخصوم.

ولم يصدر رد فعل من الصدر أبرز خصوم هذا السيناريو، حتى ساعة كتابة هذه السطور.

وينتظر الصدر وقوى الاحتجاج الشعبي موعداً لانتخابات مبكرة، في أقل من سنة، لإزاحة حلفاء طهران من السلطة، لكن الأوساط السياسية تصف عودة المالكي إلى غرفة صناعة القرار بأنها فرصة نادرة لطهران وتيار المالكي في الإمساك بالسلطة فترة طويلة، تعويضاً عن السنوات الأربعة الأخيرة التي تراجع فيها نفوذ إيران نسبياً في الحياة العراقية.

● بغداد - محمد البصري

back to top