احتفاء ألماني بالفنان محمد عبلة

ألمانيا منحته أرفع وسام... ومعرض يرصد طريقه الوعر نحو الإبداع

نشر في 13-10-2022
آخر تحديث 13-10-2022 | 00:04
الفنان التشكيلي المصري - من لوحاته في المعرض
الفنان التشكيلي المصري - من لوحاته في المعرض
يلخِّص معرض «سيزيف» المُقام حالياً في معهد غوته الألماني بالقاهرة، رحلة الفنان التشكيلي المصري، محمد عبلة، في الحياة والفن، ويأتي المعرض بمناسبة منحه، أخيراً، وسام غوته لعام 2022، كأول فنان عربي يحصل عليه.

عنوان المعرض قد يبدو غريباً، أو بالأحرى غير ملائم للتعبير عن رحلة فنان مبدع مثل محمد عبلة، بالنظر إلى أسطورة «سيزيف» الذي عاقبه الإلهة «زيوس» في الأسطورة الإغريقية الشهيرة بأن يحمل صخرة من أسفل جبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى إصعادها صوب القمة، ويظل هكذا إلى الأبد.

لكن تلك الأسطورة مثلما تشير إلى المهام غير الهادفة، فإنها في الوقت ذاته يُنظر إليها باعتبار أن بطلها مثالٌ للنشاط غير المنتهي والمتكرر، ما يجعلها تعكس جانباً من حياة الفنان الدؤوب محمد عبلة، الذي لم تكن مسيرته سهلة على الإطلاق، فقد واجه صعوبات عِدة، نجح في تجاوزها، وواصل رسم لوحاته ذات الطابع التجريدي، ليحظى هذا العام بوسام غوته، أرفع وسام من ألمانيا الاتحادية.

المعرض المُقام حالياً في غاليري «تخشينة²» بمقر معهد غوته بوسط القاهرة، يستمر حتى 28 أكتوبر الجاري، وتعود تسميته إلى تمثال لـ»سيزيف» نحته محمد عبلة، ووُضع في مساحة عامة بمدينة فالسروده (شمالي ألمانيا) عام 1993 بعد فوزه في إحدى المسابقات، واستقر في مكانه حتى الآن.

تقول منسقة المعرض، نورا عبلة: «لا يخفى على أحد أن التمثال يرمز إلى شخصية محمد عبلة وإلى حياته بأكثر من طريقة، فهو يجسِّد رحلته الفنية وتوقه الدائم لإيجاد طرق إبداعية جديدة للتعبير عن أفكاره، مهما كان الطريق وعِرًا، فمنذ وصوله إلى ألمانيا مطلع عام 1978، لم يتوقف عبلة عن محاولة استيعاب الثقافة الغربية وطريقة الحياة في الغرب، مع تأكيده الدائم على هويته كفنان مصري شرقي».

وكان عبلة دائماً ما يقول: «من المستحيل أن تهب نصف حياتك فقط للفن... عليك أن تهب الفن حياتك كلها»، وجسّدت مقولته تلك حياته على أفضل ما يكون، فحياته فنه، وفنه حياته.

ويسلط المعرض الضوء على رحلة محمد عبلة الفنية، ويقدم فرصة نادرة للزوار للغوص في حوار بين أرشيف الفنان الشخصي ومجموعة مختارة من أعماله، فالمعرض يحكي قصة خسارة كبيرة وبداية جديدة، قصة مُحبٍ للنيل وعاشق لبلاده، فنان لا يكل ولا يصيبه اليأس.

إن بداية علاقته بالفن تعكس رحلة معاناته منذ الطفولة، فقد كان مولعاً بالرسم، وكانت أمه تشجعه، لكن والده كان على النقيض، يرى أن الرسم مضيعة للوقت ويعطله عن دراسته، وبعد نجاح عبلة في في الثانوية العامة كان والده يريد إلحاقه بالكلية الحربية، لكن الابن سار خلف عشقه للفنون والتحق بكلية الفنون الجميلة وحين علم أبوه تشاجر معه ومنعه من دخول البيت طوال سنوات دراسته الجامعية.

واضطر الشاب للعمل في حرف لا تليق بطالب جامعي، فقد عمل نقاشاً وبائعاً متجولاً وعاملاً في مصنع زجاج، وكان يبيت في الحدائق العامة خلال أول سنة دراسية بالجامعة، وخلال هذا العام صمم على الحصول على تقدير امتياز للحصول على 15 جنيهاً منحة المتفوقين في الجامعة، وتمكن من تحقيق ذلك خلال سنوات الدراسة. وبعد تخرجي مباشرة، قرأ والده خبراً منشوراً في صحيفة كبرى عن إقامة ابنه معرضاً عام 1977، وشك في تشابه الأسماء، وحين استفسر عن الأمر علم أن صاحب المعرض هو ابنه محمد عبلة، فتصالح معه.

● القاهرة – أحمد الجمَّال

back to top