«مشروعات الشراكة» فرصة لتغيير وجه الاقتصاد

تتيح استقطاب الخبرات الأجنبية وتسرع وتيرة الإنجاز

نشر في 10-10-2022
آخر تحديث 10-10-2022 | 00:05
الشراكة بين القطاعين العام والخاص
الشراكة بين القطاعين العام والخاص
وسط التخبطات الكثيرة والمتتالية للحكومة ومشاريعها المتأخرة والملغاة، ومع الإعلان عن الموازنة العامة 2022-2023 التي لا تحمل في طياتها أي بادرة لتنويع مصادر الدخل، ثمة تساؤل بين الأوساط الاقتصادية: لماذا لا تكون المشاريع الخدمية وغير الخدمية بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟

التغيرات في السياسات الاقتصادية تستحوذ اليوم على اقتصادات الدول المتقدمة، والسير في اتجاه التنمية والتطوير يبدأ بتحسين وتطوير هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فهي الخطوة الصحيحة في تنظيم الاقتصاد وتقويمه.

ويبدو أن هناك علاقة عكسية بين الإنفاق والإنجاز، فكلما زاد الإنفاق الحكومي تراجعت وتيرة التنفيذ، فأموال مليارية تهدر على مشاريع ما بين متأخرة تؤدي إلى زيادة في التكاليف وملغاة، فلماذا لا تكون هيئة مشروعات الشراكة مسؤولة عن أغلب مشاريع الكويت، كمبنى المطار والسكك الحديدية ومدينة الحرير والجزر وميناء مبارك، التي تحتاج إلى إدارة ذكية سريعة التنفيذ.

إدارة المشاريع ليست بالأمر السهل، مما يتوجب استقطاب أصحاب الخبرة والاختصاص، خصوصا من الشركات الأجنبية، ووضع استراتيجية متينة واضحة المعالم. نتميز بإعداد خطة غير واضحة وأهداف على ورق، لذلك فإن التخطيط لدينا لا يعتبر حقيقيا، ونتميز أيضا بتحديد تاريخ انتهاء المشاريع وهذه النقطة أيضا على ورق فقط، ولا يوجد أي مشروع انتهى بوقته، بل جميع المشاريع متأخرة، أما الميزانية فهي موجودة ومحددة كذلك إلا أنها عبارة عن صنبور مال لا يتوقف من الهدر.

لنخرج قليلا من الواقع الحقيقي بأن الإدارة الحكومية غير مؤهلة لإدارة المشاريع، وأن السياسات الاحتكارية تجعل القطاع الخاص أيضا غير مؤهل للمهمة، وبالتالي فإن ما تجلبه مشاريع الشراكة من خبرات أجنبية ربما يكون مخرجا لتجاوز ما نعانيه من كل التأخيرات في المشاريع.

إن هيئة مشروعات الشراكة مسؤولة هي أيضا عن تأخير المشاريع التي تحت سلطتها، فهي بعيدة عن المثالية وسرعة الإنجاز في تطبيق المشاريع، لكنها إلى حد ما وبمشاركة القطاع الخاص تمثل المكان الصحيح للمشاريع الخدماتية والصناعية والتجارية أيضا.

فتهيئة الظروف التي تؤدي إلى تطوير المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية المالية تكون بتعزيز دور الشراكة بين القطاعين، والذي هو طوق النجاة لمشاريع الكويت المتأخرة «في حال» قامت الهيئة بعملها من غير تخبطات ومماطلة، لكن هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تقوم بدورها في تنفيذ المشاريع بالشكل الصحيح وساهمت في تأخير معظم المشاريع المسؤولة.

عناصر الإنتاج

الأرض والبشر ورأس المال عناصر الإنتاج الثلاثة التي لا يمكن أن يكون هناك مشروع ما من غير توفرها، ويعد العنصر البشري أحد أهم قواعد نجاح المشاريع، والكويت تملك طاقات شبابية بفكر إبداعي، ونملك الأرض ورأس المال، إن ما ينقصنا هو كيفية توظيف الشباب في إدارة المشاريع ودعمهم وتأهيلهم للإنتاجية المستدامة.

ومع ارتفاع حدة المخاوف الاقتصادية حول العالم، لا نلتفت في الكويت للعمل الجاد المنتج والمستدام، فالإنتاجية المستدامة هي الضمان لاستمرارية دخل الدولة وعدم انحرافها عن المسار الاقتصادي الصحيح.

تغير أنماط المشاريع ووضعها بالجهات المختصة يعزز من الإنتاجية المستدامة، لاسيما أننا في عالم يتغير بلمح البصر، ولابد من تعزيز الإنتاجية المستدامة من خلال الثروة البشرية وتهيئتها للإنتاج الإبداعي والتكنولوجي والمتطور للوصول إلى نتيجة اقتصادية مستدامة.

صراع مستمر بين القطاع الخاص والعام في الهيمنة على الاقتصاد الوطني، القطاع الخاص دائما ما يلقي اللوم على الحكومة في فشل المشاريع الحكومية، وعدم إعطاء الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص، والقطاع الحكومي لا يثق بالقطاع الخاص ويرى نفسه الأب المسؤول والمسيطر على كل الأنشطة الاقتصادية.

اقتصاد الكويت منذ الأزل هو اقتصاد مشترك، وهذا بدوره ساهم في رفع اقتصاد البلاد، إلا أننا نعاني من جهالة الإدارة في الجمع بين القطاعين والتنظيم والتخطيط.

ما بين هيمنة الحكومة والخصخصة هناك خط فاصل يساهم في حل الكثير من الاشكاليات وهو تحويل المشاريع المهمة لهيئة مشروعات الشراكة، بحيث يكون التطور والتقدم هو الهدف لكلا الطرفين، فالحجم الحكومي الهائل يعتبر السبب الأكبر في الأزمة البيروقراطية بالكويت، وهي نتيجة للسياسة الكويتية التقليدية التي تضمن وظيفة دائمة للكويتيين في القطاع الحكومي، الذي بدوره يؤدي إلى عدم الوصول للإنتاجية المطلوبة.

بعض الأحيان نحتاج إلى تنحية بعض القوانين لما هو صائب، فمشروع «مبنى المطار الجديد» الذي يعتبر الأضخم بين مطارات دول الخليج، مازال تحت الإنشاء، وكان من المفترض أن يتم الانتهاء منه عام 2016، واليوم يتوقع إنجازه في الربع الأخير من عام 2022، إلا أنه لا يزال في دوامة التأخير الى عام 2026، فنسبة الإنجاز في توسعة مطار الكويت مبنى الركاب «2» وصلت إلى ٥١ في المئة بتكلفة إجمالية تقدر بـ1.413 مليار دينار.

وكشف التقرير الصادر عن ديوان المحاسبة الكثير من الملاحظات والمخالفات التي رصدها الديوان على الإدارة العامة للطيران المدني، فبدلا من أن يكون مشروع المطار معرضا للتأخيرات والمخالفات والهدر المالي، يفضل تحويله لهيئة مشروعات الشراكة حتى تتم الاستفادة من الخبرات الخارجية لتطوير المشروع بالسرعة الممكنة وبأقل تكاليف.

أسباب التأخير

لقد ذكرت المديرة السابقة لهيئة مشروعات الشراكة فضيلة الحسن، في تحقيق صحافي سابق لـ«الجريدة»، أربعة أسباب تساهم في بطء تأخر المشاريع، وهي: «آليات تخصص الأراضي الخاصة بالمشروعات، عدم توافر البنية التحتية اللازمة لتنفيذ المشروعات، تغيّر المتطلبات الفنية بشأن المشروعات أثناء الدراسة، المدة القانونية المنصوص عليها لمراحل الطرح ابتداء من مرحلة كل من إبداء الرغبة والتأهيل المسبق وتقديم العروض».

وتعتبر أسباب الهيئة صحيحة إلا أنه تجدر الإشارة إلى أسباب أكثر أهمية، وهي عدم جدية الهيئة في العمل على المشاريع، حيث لا جدية ولا مصداقية ولا محاسبة للشركات التي تساهم في تأخير تنفيذ المشاريع، كما أن الهيئة لا تملك الجرأة بالمطالبة بالمزيد من المشاريع من أصحاب القرار، مثل الجزر وغيرها من المشاريع التي لا جدية في تنفيذها.

عدم وجود آلية واضحة في التعامل مع مشاريع أملاك الدولة وضعف التنسيق بين الهيئة وبلدية الكويت وعدم تسوية الهيئة حساباتها مع وزارة الكهرباء والماء بشأن المشاريع الملغاة حتما سينتج تأخيرا وتعطيلا في المشاريع، وعلى الهيئة بناء إدارة جديدة بروح شبابية وعقلية تملك الخبرة، وتساهم في رفع مستوى الهيئة لتكون الجهة الأولى في المشاريع الكبرى والخدمية بالكويت.

حصة المطيري

السير في اتجاه التنمية والتطوير يبدأ بتحسين وتطوير هيئة مشروعات الشراكة
back to top