بسمارك والنفط

نشر في 07-10-2022
آخر تحديث 07-10-2022 | 00:06
 د فاطمة خدادة في هذا الجزء من السلسلة، سأقوم بوصف نموذج آخر وهو النموذج الألماني للرعاية الصحية، فقد بدأت القصة سنة 1883 عندما قام الحاكم المستبد أوتو فون بسمارك بوضع نظام للرعاية الصحية الذي سمي لاحقاً «نظام بسمارك»، ورغم كل التغييرات التي مرت بها ألمانيا إلى هذا اليوم، فإن هذا النظام مازال يعمل به.

وحد بسمارك الدولة الألمانية «بالدم والحديد» وكان مناهضا للديموقراطية فقمع الأحزاب المخالفة بالقوة وزج المعارضين في السجون، إلا أنه من الجانب الآخر سعى إلى تأسيس دولة الرفاهية واضعاً ضماناً صحياً وضماناً لكبار السن بالإضافة لإصلاحات عديدة أخرى كي يتمكن من تحقيق المعادلة المعروفة: حقوق اجتماعية مقابل حقوق سياسية.

نظام بسمارك الصحي نظام صحي خاص، أي أن المؤسسات تُمول من نسبة من معاش الموظف (ونسبة من جهة العمل) ويتم الدفع للرعاية الصحية في المستشفيات والأطباء في مراكز خاصة.

وفي هذا النظام، يقتصر دور الحكومة على الرقابة ووضع التشريعات لشركات التأمين كي تعمل كمؤسسات غير ربحية (على عكس الولايات المتحدة الأميركية حيث شركات التأمين ربحية بدرجة أولى)، ولأنها تدار كما تدار المؤسسات الخيرية، فهي تساوم مع المستشفيات والأطباء لخفض الأسعار من غير تدخل حكومي.

كل فرد في ألمانيا ملزم بالاشتراك مع مؤسسة تأمين صحي سواء كان مواطنا أو مقيما، حتى اللاجئون في ألمانيا لديهم نظام صحي خاص بهم ويحق للشخص أن يغير ويختار أي مؤسسة تأمين من المئات المتاحة، والواقع أنها تتشابه في خدماتها بشكل كبير.

اليابان وسويسرا من الدول التي تتبع نموذج بسمارك الصحي، أما في الكويت، فأقرب نموذج إلى بسمارك هو نظام شركة النفط الكويتية لموظفي النفط حيث يدفع النفط لكل موظف تأمينا صحيا يوفر له الرعاية الصحية في مستشفى الأحمدي الذي لا تعتبر جزءاً من وزارة الصحة.

ويطرح هذا السؤال للنقاش والتفكير، هل يعتبر مستشفى النفط أنجح من مستشفيات وزارة الصحة؟ وماذا لو عممنا التجربة على مستوى الدولة؟

د فاطمة خدادة

back to top