«مناخ 82... كان صرحاً من خيالٍ فهوى» يرصد أهم أزمة اقتصادية بتاريخ الكويت المعاصر

الشراح: هل كانت هناك موعظة مختبئة وراء كل تجربة مؤلمة؟

نشر في 25-09-2022
آخر تحديث 25-09-2022 | 00:04
توثق الكاتبة نادية الشراح في إصدارها الجديد «مناخ 82 كان صرحاً من خيال فهوى»، الأزمة الاقتصادية المعروفة بأزمة المناخ في الكويت، ويتكون الإصدار من 7 أجزاء متنوعة، الأول بعنوان «الحايات تتشابه»، والثاني: الهوس والذكاء متضادان، فلمن الغلبة؟ والثالث: قوى داعمة وأخرى في حالة إنكار للكارثة (طرائف التصريحات الصحفية)، والرابع: عودة إلى المتضادين (الهوس والذكاء)، والخامس: بنك المقاولين والمناخ، والسادس: المحذرون، أما الجزء السابع فجاء بعنوان «إذا كان لأزمة المناخ حسنة فهي مسرحية فرسان المناخ» للفنان عبدالحسين عبدالرضا.

صدر حديثاً عن منشورات تكوين للنشر والتوزيع كتاب جديد بعنوان «مناخ 82 كان صرحاً من خيال فهوى» للكاتبة نادية علي الشراح، وهذا الكتاب يوثق إحدى أهم الأزمات في تاريخ الكويت المعاصر، وهي أزمة المناخ التي عصفت بالاقتصاد في بداية الثمانينيات، ولم تقتصر آثارها على الجوانب المالية والتجارية فحسب، بل امتدت لما هو سياسي ومجتمعي وثقافي، وأدّت إلى ظهور طبقات جديدة وأنماط مختلفة غيّرت طبيعة المجتمع وشبكة العلاقات فيه.

واستغرق العمل على إعداد هذا الكتاب أكثر من خمس سنوات، وتسبب وباء كوفيد 19 في التأخير بإنجازه، وبدأت المهمة بمراجعة مجموعة من الكتب والوثائق وأغلب التصريحات والمقالات المعنية بالأزمة، التي تطلب بعضها التردد على المكتبة البريطانية في لندن، والسفر إلى باريس، وجدّة، والبحرين. ومراجعة ثمانية مجلدات، تحوي أغلب ما نشرته الصحف والدوريات المختلفة عن الأزمة، التي استمرت تداعياتها ربما حتى تاريخ نشر الكتاب.

وتقول الشراح في تقديم الإصدار: «عندما كان مبنى سوق المناخ صرحا، بلغت تكلفة مكتب فيه لا تتعدى مساحته 12 مترا مربعا، 17 مليون دينار، أي مليونا وأربع مئة ألف دينار للمتر المربع الواحد، وعندما هوى ذلك الصرح الذي صنعه خيال فرسانه، بات من الممكن شراء دور كامل فيه بنفس المبلغ. سلمت يدا من كتب على صورة لمدخل سوق المناخ بعد انفجار فقاعتة: «كان صرحاً من خيال فهوى»، استعارة لشطر بيت من قصيدة «الأطلال» للشاعر إبراهيم ناجي، صدحت به سيدة الغناء العربي أم كلثوم. عذرا لاستعارة العنوان من كاتبه، فقد رأيت فيه ليس تجسيدا فقط لمحتوى الكتاب، بل ما عشته في كل مقابلة قمت بها. صرح من خيال هوى، تحول معه البليونير إلى مديونير في صباح اليوم التالي.

مرحلة الدراسة الجامعية

وتتحدث الشراح عن تلك الفترة وتقول: «كنت في مرحلة الدراسة الجامعية عندما بدأ هوس المناخ حتى سقوطه، ولم تكن أحداث نشوئه وسقوطه ضمن اهتماماتي، ربما لأننا أسرة من قلائل الأسر التي لم يشارك أفرادها في تعاملاته».

وضع مالي خاص

وتضيف: «المصادفة فقط هي التي دفعتني إلى ولوج أحداث تداعياته، وهي التي جعلت أزمة المناخ تعيش معي حتى اللحظة التي قررت فيها القيام بتوثيق أحداثه، ولعل السبب في ذلك يعود إلى الاختصاص الذي مارسته في حياتي العملية، ثم وفرة الوقت الذي تيسر لي بعد انتهاء رحلة العمل بالتقاعد «أي التفرغ». في السنة الأخيرة من دراستي للاقتصاد في جامعة الكويت، وكان في عام 1985، قدمت طلبا للتدرب في مكتب «الشال» للاستشارات الاقتصادية، وصادف أن وزارة المالية قد كلفت المكتب بدراسة أوضاع الشركات الخليجية والمقفلة الكويتية التي عانت تداعيات أزمة المناخ، وتضمن برنامج التدريب الذي التحقت به العمل على تجميع وتبويب قاعدة البيانات لأكثر من 60 شركة. كان لكل منها حكاية، ومجاميع من المساهمين تتشارك تلك الحكايات في بعضها وتختلف في بعضها الآخر، وكان لكل شركة وضع مالي خاص، يهبط أكثرها إلى ما تحت القدرة على الاستمرار، بينما احتاج بعضها إلى دعم أو اندماج مع أخرى حتى تتمكن من الاستمرار».

سحب القرار

وتشير إلى فترة انتدابها للعمل ضمن فريق دراسة وتوثيق أزمة المناخ، وتقول ضمن هذا الإطار: «بعد التخرج، انتقلت للعمل بإدارة البحوث الاقتصادية في بنك الكويت المركزي، وخلالها انتدبت للعمل مع الدكتور غانم النجار، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، وضمن فريق تشكل بقرار من مجلس الوزراء لدراسة وتوثيق أزمة المناخ، ولكن، سحب لاحقا مجلس الوزراء قراره، وتوقف عمل الفريق، وعدت إلى استكمال عملي في البنك المركزي».

صياغة قوانين

وفي تسعينيات القرن الماضي تم انتدابي للعمل في لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة لفترة استمرت عشر سنوات، عايشت خلالها صياغة قوانين استهدفت التعامل مع تداعيات أزمة المناخ، ومن بينها قانون المديونيات الصعبة، وكان ضمن من عايشتهم نواب في مجلس الأمة، ومسؤولون حكوميون كانوا من الشخصيات التي أسندت إليهم مهمة تصورات حلول الأزمة وتصميم المخارج لها.

ثم انتقلت للعمل في القطاع النفطي في بداية الألفية الحالية، وهي فترة واكبت انتعاشا ملحوظا لسوق النفط، والحقيقة أنه كثيرا ما كان يتسبب هذا الانتعاش في إحساسي بالقلق خوفا من أن يؤدي ذلك إلى أزمة مناخ أخرى. وانتقلت بعدها إلى هيئة أسواق المال في بدايات تأسيسها، وكان العالم لايزال يتعامل مع تداعيات أزمة عام 2008، وتلك هي المحطة الأخيرة في قطار حياتي المهنية، غير أن جميع تلك المحطات ارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بأزمات أسواق المال، أي ظل الارتباط قائما من بداية حتى نهاية حياتي العملية.

أكبر أزمات العالم

وتابعت: «لذلك قررت استثمار هذه الحالة من ذلك الارتباط المتصل بأزمة سوق المناخ، في محاولة لتوثيق أحداث أزمة تُعد واحدة من أكبر -والأرجح أنها الأكبر - أزمات العالم قياسا بحجم الاقتصاد الكويتي، وحجم تمويلات قطاعه المصرفي في تلك الحقبة. تطلب إعداد هذا الكتاب مقابلة أكثر من 38 شخصية، كما أن إجراء بعض تلك المقابلات تطلب السفر إلى عدة مدن، منها: لندن، باريس، جدة، والبحرين».

كبار المتعاملين

وأضافت: «بلغت ساعات المقابلات المسجلة 77 ساعة، بالإضافة إلى مقابلات أخرى غير مسجلة، أقصرها مكالمة هاتفية، لم تتجاوز نصف ساعة مع مسؤول بين آخرين تم تكليفه ببعض مهام البحث عن مخارج للأزمة، وكان على قناعة بأن ما يمتلكه من خبرة ومعلومات حول الأزمة أخطر بكثير من محتوى الوثائق البريطانية. كما تضمنت تلك المقابلات لقاء استغرق ما يزيد على 20 ساعة مع أحد المتعاملين الكبار، الذي يقيم حاليا خارج الكويت، يعتقد أن عودته أمر غير مرغوب فيه، نظرا إلى ما سيرافق عودته إلى البلاد من فتح ملفات ليس من المسموح إعادة فتحها من جديد. وبينما وافق البعض على نشر اسمه والتعريف بهويته، فقد اشترط آخرون عدم ذكر أسمائهم نهائيا، وبعض تلك الشخصيات سیستمرون معنا في الجزء الثاني. وأود أن أنوه إلى أن الأزمة قد مر عليها نحو 40 عاما، فبعض من قابلتهم ذكروا أرقامًا وتواريخ لبعض الأحداث قد لا تبدو دقيقة أو صحيحة، ليس قصدا أو تعمدا، ولكن بفعل عامل الزمن، لكني أنقلها نصا، رغم شكي في دقتها لا صحتها».

وثائق محلية وأجنبية

وتشير الشراح إلى ثمة إصدار لاحق سيتضمن وثائق مهمة جداً تعنى بأزمة المناخ، مبينة أن كتاب «مناخ 82 كان صرحا من خيال فهوى»، هو الجزء الأول من عملية التوثيق المقررة، يتبعه في وقت لاحق الكتاب الآخر «أرقام ووثائق المناخ»، ويحتوي على معلومات بالأرقام والأرقام المقارنة، وما توفر من وثائق محلية وأجنبية حول تلك الأزمة. وأخيرا، يبقى سؤال يلاحق المرء بناء على ما عايشه من خبرات، هل مرورنا على المحطات المهنية وما يحدث لنا من مواقف في الحياة هو من قبيل المصادفة؟ أم ان هناك موعظة مختبئة كانت وراء كل تجربة مؤلمة، أم انها في جانب منها، في منتهى الطرافة كما يرويها ضيوف هذا الكتاب؟

7 أجزاء متنوعة

ويتكون الإصدار من 7 أجزاء متنوعة، الأول جاء بعنوان «الحايات تتشابه» والجزء الثاني: الهوس والذكاء متضادان، فلمن الغلبة؟، والجزء الثالث: قوى داعمة وأخرى في حالة إنكار للكارثة (طرائف التصريحات الصحفية)، والجزء الرابع: عودة إلى المتضادين (الهوس والذكاء)، والجزء الخامس: بنك المقاولين والمناخ، والجزء السادس: المحذرون، الجزء السابع «إذا كان لأزمة المناخ حسنة فهي مسرحية فرسان المناخ» للفنان عبدالحسين عبدالرضا.

العمل على إعداد الكتاب استغرق أكثر من 5 سنوات

المقابلات المسجلة بلغت 77 ساعة إضافة إلى مقابلات أخرى غير مسجلة
back to top