الصدر يعتزل... والعراق في مرمى الانفجار

تطورات خطيرة وتحذيرات من الانزلاق نحو متاهات مجهولة يخسر فيها الجميع
• زعيم التيار يقاطع السياسة ويفك حصار البرلمان رداً على مطالبة الحائري له باتباع خامنئي
• الثوار يقتحمون القصر الجمهوري ومقرات رسمية... ورصاص الحشد يقتل 8 ويصيب العشرات

نشر في 30-08-2022
آخر تحديث 30-08-2022 | 00:06
مناصرو الصدر يلهون في مسبح القصر الحكومي في بغداد أمس
مناصرو الصدر يلهون في مسبح القصر الحكومي في بغداد أمس
في تحوّل مفاجئ أدخل العاصمة العراقية بغداد وعدة محافظات جنوبية حالة من الهرج والمرج، قرّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانزواء واعتزال المشاركة في أي نشاط سياسي نهائياً، في رد ضمني صاعق على إعلان المرجع الشيعي البارز بالنجف كاظم الحائري اعتزاله أمس العمل الديني كمرجع بسبب وضعه الصحي، وتوصيته باتباع مرجعية المرشد الإيراني علي خامنئي، ومفارقة من «يريد إشعال نار الفتنة والتناحر بين المؤمنين».

وقال الصدر عبر «تويتر»، دون أن يذكر خامنئي بالاسم: «يظن الكثيرون، بمن فيهم السيد الحائري، أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، كلا، إن ذلك بفضل ربي أولاً ومن فيوضات السيد الوالد قدس سره الذي لم يتخلَّ عن العراق وشعبه».

وأضاف: «على الرغم من استقالته، فإن النجف الأشرف هي المقر الأكبر للمرجعية كما هو الحال دوماً، وإنني لم أدّعِ يوماً العصمة أو الاجتهاد، ولا حتى القيادة، إنما أنا آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، ولله عاقبة الأمور، وما أردتُ إلا أن أقوِّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية، وما أردتُ إلا أن أقربهم إلى شعبهم وأن يشعروا بمعاناته».

وأضاف: «أنّى لهم هذا، وعلى الرغم من تصوري فإن اعتزال المرجع لم يك بمحض إرادته، وما صدر من بيان عنه كان كذلك أيضاً، إلا أنني وقد كنت قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية، فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كل المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام. والكل في حل مني، وإن مت أو قتلت فأسالكم الفاتحة والدعاء».

وبعد إعلان الصدر اعتزاله من مقر إقامته في الحنانة بالنجف، شهدت المنطقة الخضراء توافداً كثيفاً لأنصاره لدعم المعتصمين في مقر البرلمان. ووسط حالة من الغضب وعدم اليقين اقتحم متظاهرون القصر الجمهوري واشتبكوا مع قوات أمنية داخله، كما اقتحموا مقار حكومية في عدة محافظات جنوبية بالبصرة والديوانية وذي قار ورددوا هتافات تندد بالنظام السياسي.

ووسط الفوضى، التي عمت الميادين الرئيسية في العراق، أعلنت اللجنة المشرفة على تظاهرات واعتصامات التيار الصدري، أن «تكليفها انتهى»، بينما دعا صالح محمد العراقي، المعروف بوزير الصدر، المتظاهرين إلى الانسحاب من المؤسسات الرسمية، قبل أن يغلق صفحاته على جميع مواقع التواصل.

وترددت أنباء عن توجه المتظاهرين إلى خيم معتصمي «الإطار التنسيقي الشيعي» الذي يضم فصائل وأحزاباً متحالفة مع طهران، عند الجسر المعلق قبل أن تردهم القوات الأمنية المنتشرة بكثافة داخل المنطقة الخضراء وعلى أبوابها. ولاحقاً، أفادت أنباء بسقوط 8 قتلى على الأقل ووقوع عشرات الإصابات بعد تدخل مسلحي «الحشد الشعبي»، في خطوة قابلها التيار بنشر مجاميع مسلحة من ذراعه العسكرية «سرايا السلام» في شوارع بساحة التحرير ببغداد لحماية أنصاره. وفي محاولة لإعادة الانضباط وحماية مؤسسات الدولة، أعلنت القوات الأمنية، التي سمحت لعناصر مكافحة الشغب باستخدام الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في المنطقة الخضراء، فرض حظر شامل للتجول في بغداد قبل أن توسعه ليشمل كل المحافظات بعد عصر أمس.

من جهته، أعلن رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي تعليق جلسات الحكومة إلى إشعار آخر، ودان اقتحام المقار الحكومية، داعياً الصدر إلى مطالبة أنصاره بالانسحاب من المؤسسات.

وفي حين قال الكاظمي إن «التطورات تؤشر إلى خطورة النتائج المترتبة على استمرار الخلافات السياسية وتراكمها»، حذر الرئيس برهم صالح من «انزلاق الأوضاع نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها».

ومع انسداد قنوات الحوار بين التيار الصدري وخصومه في «الإطار» بشأن حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وصل وزير الخارجية فؤاد حسين إلى طهران، في زيارة رسمية للقاء كبار المسؤولين الإيرانيين.

وتوقع مراقبون أن يطلب حسين المساعدة لحل الأزمة المحتدمة في بغداد بين حلفاء طهران والصدر الذي علمت «الجريدة» من مصدر مطلع، في وقت سابق، أنه رفض لقاء قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني والسفير الإيراني الجديد 3 مرات خلال شهر بالإضافة إلى رفضه دعوة للقاء خامنئي من أجل نزع فتيل الخلاف.

السيستاني يرفض التدخل والرد على الساسة

كشفت أوساط مطلعة في النجف، أمس، أن المرجع الأعلى في العراق السيد علي السيستاني، لا ينوي التدخل بعد التطورات المتسارعة لتظاهرات الصدريين في العاصمة بغداد ومحافظات جنوبية أمس.

وتحدثت الأوساط عن إجراء أطراف سياسية عدة اتصالات مكثفة بمكتب المرجعية العليا في النجف، لطلب التدخل وإنهاء التصعيد الحاصل في الشارع، إلا أن «المكتب لم يرد على أي منها».

وأكدت أن نية السيستاني هي «عدم التدخل فيما يجري» في ظل حالة الاحتقان الكبيرة التي يشهدها الشارع المنقسم بين القطبين الشيعيين «التيار الصدري» وخصومه بـ «الإطار التنسيقي» المتحالف مع إيران.

إخلاء منزل المالكي وأنباء عن هروبه

كشفت إذاعة «مونتي كارلو»، أمس، عن إخلاء منزل زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، داخل المنطقة الخضراء وتهريبه إلى جهة مجهولة؛ بعد اقتحام أنصار التيار الصدري القصر الجمهوري وسط بغداد.

وتأتي الأنباء عن هروب المالكي بعد نحو شهر من ظهوره، في مقاطع مصورة، حاملاً رشاشاً ويتجول وسط حراسة مشددة في المنطقة الخضراء ببغداد غداة اقتحامها من قبل أنصار خصمه اللدود مقتدى الصدر، وذلك في مشهد أثار الكثير من الجدل. وظهر المالكي في إحدى الصور داخل مكتبه وهو يحمل الرشاش، وذلك بالتزامن مع عملية الاقتحام، التي تمت نهاية يوليو الماضي، وتخللها احتلال أنصار الصدر لمبنى مجلس النواب في المنطقة الخضراء.

وساطة بارزاني وحكم حل البرلمان

تضاربت الأنباء، أمس، حول بدء رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وساطة بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وخصومه في «الإطار التنسيقي الشيعي» عبر جولة تشمل بغداد والنجف.

وبعد أن أكد مصدر في رئاسة الإقليم العراقي، أن نيجيرفان سيقوم بالوساطة موفداً من قبل الزعيم الكردي مسعود بارزاني لاحتواء الأزمة التي تغرق بها البلاد منذ 300 يوم، نفى رئيس المجلس الاستشاري العراقي، فرهاد علاء الدين، وجود مبادرة جديدة لدى الجانب الكردي، وما يتداول حول زيارة رئيس كردستان إلى بغداد والحنانة، مقر زعيم التيار مقتدى الصدر.

وقال علاء الدين إن «الأنظار تتجه نحو المحكمة الاتحادية وحكمها في قضية حلّ البرلمان»، مشيراً إلى أن «ردّ الدعوى هو الاحتمال الأكبر، لكن ما يكتب في قرار الحكم هو الأهم».

ومن المقرر أن تعقد المحكمة الاتحادية العليا، اليوم، جلسة لنظر دعوى تقدم بها التيار الصدري من أجل إصدار قرار بحلّ البرلمان الخاضع لهيمنة «الإطار التنسيقي».

إيران تمنع الرحلات وتعيد الزوار

أكدت القيادة الوسطى بالجيش الأميركي أنها تتابع بقلق وضع العاصمة العراقية، مشددة على ضرورة عدم تعريض أمن البلد واستقراره وسيادته للخطر.

وبينما نفت الخارجية الأميركية إخلاء مقرها الدبلوماسي في بغداد، وصفت سفارتها التقارير بشأن الاضطرابات التي عمت جميع أنحاء العراق بـ «المثيرة للقلق»، مشددة على أنه حان الوقت للحوار من أجل حل الخلافات. وفي إيران، التي ألغت جميع الرحلات الجوية من مطار الخميني إلى بغداد حتى إشعار آخر، تحركت وزارة الداخلية لإعادة جميع زوار أربعينية الإمام الحسين من العراق، ودعتهم إلى عدم السفر إلى العراق، مبينة أنها «تنسق مع السفارة في بغداد لإعادة الزوار الإيرانيين إلى البلاد بسلام».

وعلى غرار جامعة الدول العربية ومملكة البحرين، حثت بعثة الأمم المتحدة (يونامي) جميع الأطراف العراقية على تهدئة التوترات واللجوء إلى الحوار، داعية المتظاهرين إلى مغادرة المنطقة الخضراء فوراً، وإخلاء جميع المباني الحكومية والسماح للحكومة بإدارة الدولة.

• الكاظمي يرجئ الاجتماعات ووزير الخارجية يطلب مساعدة طهران وصالح يخشى المجهول

• الأمن يستخدم الرصاص الحي ويفرض حظراً شاملاً للتجوال بكل المحافظات

• «سرايا السلام» تنتشر في ساحة التحرير لحماية المحتجين
back to top