شفاء هادي: ألواني تحدد نظرتي للحياة

«اللوحة متعددة القراءات والمعنى يظل في وجدان صاحبها»

نشر في 29-08-2022
آخر تحديث 29-08-2022 | 00:02
الفنانة العراقية شفاء هادي وأحد لوحاتها
الفنانة العراقية شفاء هادي وأحد لوحاتها
شيدت الفنانة العراقية شفاء هادي عالمها الخاص بالريشة والألوان، واختارت لمسيرتها التشكيلية المدرسة التعبيرية الواقعية أسلوباً يتلاقى مع مفاهيمها ورؤيتها تجاه قضايا المجتمع، داعية إلى إبراز دور المرأة في كل مناحي الحياة.

تستخدم شفاء مختلف المواد ومنها الزيتية والإكريلك والأحبار، وتقنيات مختلفة في الرسم، منها الحرق على الخشب، والكولاج، والفسيفساء بالأحجار. وفي حوارها مع «الجريدة» من القاهرة، تكشف شفاء عن عالمها التشكيلي، وتقنياتها المستخدمة، ومشاركاتها في العديد من المعارض المحلية والخارجية، وإليكم التفاصيل:

• كيف بدأت علاقتك مع الفن التشكيلي، وما الظروف التي دفعتك لخوض غمار التالة والألوان؟

- منذ بدايات الطفولة مروراً بمرحلة الدراسة، ومن خلال مشاركاتي في الأنشطة المدرسية، حيث صقلت موهبتي مع الزمن، كما أن نشأتي في محافظة «ذي قار» الموغلة بالتاريخ، والمنتجة للمبدعين والفنانين، وسحرها وجمالها، والآثار والتراث كان له الأثر الكبير في بناء هويتي الفنية، بعد ذلك صقلت موهبتي بدراستي الأكاديمية، وتأثرت بكبار الفنانين التشكيليين، وانفتاحي على الفنون الأخرى أنضج موهبتي.

• ما أبرز المنطلقات التى تدفعك نحو اللوحة؟

- رغبتي في التعبير عن مشاعري، والسعي إلى تحويل المواد الأولية إلى أشكال جميلة من خلال حاسة البصر، التي تعتمد على خصائص الفن التشكيلي خاصة «الخيال»، والتي تعتبر مجموعة الترابطات الذهنية الموجودة في الطبيعة، وفي المقابل هناك «التحريف»، الذي يمثل بوتقة انطلاق الفنان على التلاعب في مضامين عملة الفني، وأخيراً «الأسلوب»: أي الصفة التي ينفرد بها الفنان وتميزه عن غيره.

• هل أنت أسيرة تقنية أو أسلوب معين؟

- لكل فنان أسلوبه، وأنا يستهويني الأسلوب التعبيري، وأحببت هذه التقنية وفيها متعة، وإحساس بالحرية من خلال التقنية البسيطة التي تدخل إلى قلب المتلقي بدون استئذان، وهي تحمل فكرة اجتماعية من واقع الحياة البسيطة، والفنان بطبيعته متجدد بما يخدم تجربته الفنية.

هاجس فني

• ماذا يثير هاجسكم الفني من المشاهد المرئية حولكم؟

- تحمل الأعمال الفنية في مضمونها الدهشة أو السخرية، الأمل واليأس، الإعجاب أوالنفور، وقد يبدو العمل الفني مباشراً بل ومعقداً، غامضاً أو جلياً، واضحاً أوعبثياً، لكن العمل الفني يرتبط بمخيلة الفنان وحده، وبالتالي أؤمن أن تحديد الفن وفقاً لمحتواه هو أمر محكوم، وهاجس الفنان موجود في المحتوى الفني المقدم.

شذرات سومرية

• ماذا تمثل الألوان لك؟

- الألوان من أهم ما يثير الانتباه في الفن التشكيلي بصفة عامة، ويعد النقطة المركزية المهمة في اللوحة والتلوين يضيف رونق الشعورية والأحاسيس اللونية حسب كل لون، كما يضيف جمالية وطبيعة واقعية لذلك، ويعتبر أي عمل فني بدون ألوان عملاً ناقصاً، وغير مكتمل، والتلوين شيء أساسي في الرسم، مانح الشعور المراد الوصول إليه، وغالباً يكون التلوين مكملاً للعمل الإبداعي.

وعن اختيار الألوان في أعمالي أرتكز على الألوان القريبة من بنات أفكاري، وشذراتي السومرية، المقترنة بالحدث، والفكرة، والزمن، التي أحاول إيصالها للمتلقي مثل الألوان «الفيروزية، والأزرق، والبرتقالي».

• مسيرتكم الفنية المتواصلة هل استطعت من خلالها أن تنجزي اللوحة التي في مخيلتك؟

- الفنان بطبيعته متجدد، واعتبر نفسي تلميذة في عالم الفن التشكيلي، أنا أرسم في عقلي وعاطفتي، وفي مخيلتي مخزون هائل من الأفكار، التي حررت بعضها على الواقع من خلال ما طرحته من أعمال تجسدت في أعمال اجتماعية من الزمن الجميل في بلدي.

• ماذا أضافت لك المشاركات في المعارض الخارجية؟

- الفنان هو مرآة المجتمع، ينقل كل انعكاس الواقع المحيط به بسلبياته وإيجابياته، وينقل ثقافة هذا المجتمع الذي يمثله الفنان سواء كان تشكيلياً أو مسرحياً أو أديباً بغض النظر عن تخصصه، والمشاركات لها دور كبير ومميز بالنسبة للفنان، فهو هوية بلده والواجهة الثقافية والاجتماعية لبلده، ومن خلال هذه المشاركات يوثر ويتأثر بالمجتمعات وينقل ويتأثر بالثقافات الأخرى.

• كيف ترين واقع الفن التشكيلي راهناً؟

- الفن التشكيلي في العراق كان وما يزال هو المتصدر الأول في الوطن العربي بل والعالم، أعمال نحتية ولوحات ومخطوطات حققت حضوراً عالمياً كبيراً، وصارت أعمال الفنانين العراقيين محط أنظار المتذوقين، لتسجل أعلى الأسعار، فهناك فنانين لهم بصمة كبيرة جعلت المتذوقين يتهافتون على اقتناء أعمالهم.

عوالم جديدة

• ما تقييمك لمسيرة التشكيلي العربي في ظل المسيرة العالمية للفنون؟

- كانت فترة التسعينيات، بحسب الباحثين ومختصي الفنون، هي مرحلة نضج الأفكار وبداية تصالح الفنان العربي مع تراثه دون إرباك أوغموض في الرؤية، وبدأ الفنان العربي منسجماً مع المسيرة العالمية للفنون، إذ انطلقت التجربة الحرفية العربية للغرب، وهنا تعددت مصادر الإبداع وانطلاق نحو العالمية في إحياء المعارض العربية، وتقوية الأواصر بين الفنانين، مع ترسيخ هوية وثقافة المجتمع وحفظ القيم والعادات، وهنا تكون العلاقة بين الفن والمجتمع تفاعلية من ناحية الرقي والتقدم والمساهمة الفعلية مع الغرب وتبادل الأفكار والإطلاع على الآخر.

مسيرة ومسار

شاركت الفنانة شفاء هادي في العديد من المعارض الداخلية، وفي معارض خارجية: في أميركا وقطر ومصر، ونالت خلال تلك المعارض، شهادات تقدير وأقامت معرضها الشخصي الأول (بنات أفكاري) عام 2019، وضم المعرض أكثر من (٤٥) لوحة، وكانت الثيمة التي اشتغلت عليها هي (المرأة العراقية) بمختلف مسمياتها الواقعية، وبأسلوب تعبيري، وحظي بإعجاب الجمهور ولقي ترحيباً واسعاً من الأوساط الشعبية والإعلامية، وكتب عنها الكثير في الصحف.

كما كتب عنها نقاد كثر بأنها تمتاز بلغتها الفنية التحررية للمرأة توجهاً من واقعها المؤلم، فبالرغم من تلمح آثار الحزن والتوجس من المجهول والمغيب في لوحاتها على وجوه شخوصها الأنثوية، فإنها تؤكد رسالتها في ضرورة تحرير المرأة من ذلك الواقع الضاغط والمحبط والمؤلم لوجودها وإحساسها، بما يؤشر رغبتها في تحريرها من المعتقدات الإجتماعية السائدة والمحيطة بها قسراً وظلماً، كما أنها ترتكز على الموروث السومري لونياً والطابع التكويني لحركة المرأة جسدياً، مما أضفى على لوحاتها طابعاً مميزاً ومنحها بصمة فنية خاصة.

محمد الصادق

الفنان التشكيلي مطالب بالتجديد لإثراء تجربته الفنية
back to top