الحزم لا القسوة

نشر في 05-08-2022
آخر تحديث 05-08-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب كثيراً ما تتداخل في حياتنا بعض المفاهيم، وتبعاً لذلك تتداخل بعض السلوكيات، وهذا التداخل قد يؤدي إلى نتائج سيئة، وإن كان بعضه قليل التأثير.

فجميعنا بلا استثناء، حين نضع لنا سياسة محددة أو خطة مدروسة نابعة من قيم ومعايير معينة، نتمنى أن تسير تلك الخطط والسياسات بسلاسة دون عثرات أو عراقيل، ونصل إلى تحقيق أحلامنا وأهدافنا بأسرع وقت، وبأفضل الطرق، لذا من الواجب أن يتبنى الفرد سياسة الحزم في تنفيذ خططه، وهي سمة مهمة جداً إذا تمت بالطريقة الصحيحة، وبقيت في إطار الحزم، ولم تتحول إلى سلوكيات أخرى لا تمت له بصفة كالشدة أو القسوة.

والحزم مطلوب في حياتنا كثيراً إن لم يكن دائماً حتى مع أنفسنا، فحين نسعى إلى تطوير الذات والقدرات في مجال العمل، ونضع لنا استراتيجية معينة لتفيذ أهدافنا وأحلامنا، يجب أن نكون حازمين غير متساهلين في القيام بذلك، على سبيل المثال لو كان ضمن استراتيجية تطوير قدراتنا العملية أن ننهي قراءة عدد من الكتب المفيدة، أو الاستفادة من دورات في مجال العمل، يجب علينا أن نضع لنا خطة حازمة للقيام بذلك، كأن نقتطع من ساعات النوم الطويل أو الخروج غير الضروري، ونكون جادين مع أنفسنا حازمين في تنفيذ ذلك.

أما لو كان أحدنا في مجال المسؤولية، وهناك خطة عمل المطلوب منه الالتزام بها، فيجب عليه أن يكون حازماً مع فريق العمل جميعه دون تحيز أو استثناء، ويحرص على أن يؤدي كل فرد مسؤولياته على أكمل وجه دون تأخير، ويتم ذلك عن طريق المتابعة والتوجيه والتشجيع واستخدام أسلوب (منهج) الثواب والعقاب، كما أنه من المهم أن يقوم بمهام مسؤولياته في إطار من المودة والاحترام دون أي تقليل من شأن الموظف، أو إشعاره بفشله، أو التقليل من قدراته أو أدائه، فالحزم هو المطلوب لإنجاز الأعمال لا الشدة والتعسف، فالقائد الناجح حازم بتهذيب دون تساهل أو محاباة لأحد دون الآخرين.

وحين يقوم الأبوان أو أحدهما بمتابعة دراسة الطفل، والاهتمام بكيفية قيامه بواجباته المدرسية بدقة دون تساهل، وإصرارهما بحب وهدوء واحترام للطفل، بعيداً عن القسوة والتسلط، على أن يؤدي واجباته قبل أن يلعب على سبيل المثال، فهذا هو الحزم المطلوب في هذه المواقف، كما أنه من الحتمي ألا يكون هناك تغيير لما تعود عليه الطفل إلا في حالات الضرورة كمرضه، حيث يصبح من الطبيعي أن تتغير أوقات الدراسة وتقل ساعاتها، ومن المهم أن نترك للطفل مساحة من الحرية الشخصية بين فترة وأخرى حين يشعر أنه بحاجة لإحداث تغيير في جدوله اليومي، ولكن دون الإخلال به، فلو طلب مثلاً أن يخرج مع أصدقائه قبل إنهاء واجباته، وكان هناك متسع من الوقت، نسمح له بذلك، على أن يحرص حين يعود على القيام بما قام بتأجيل أدائه.

فالحزم بأن نكون صارمين مع أنفسنا أو غيرنا، هو سلوك إيجابي محمود، يساعدنا على تنظيم تفاصيل حياتنا، ويسهم بدقة في إنجاز مهامنا، والوصول لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا في الوقت المطلوب، وبالطريقة الصحيحة كما رسمناها وأفضل، أما التراخي والتساهل خصوصاً المتكرر منه فهو عدو الإنتاج والنجاح والإنجاز.

د. نبيلة شهاب

back to top