جنازة «آبي» المثيرة للجدل

وأثار قرار رئيس الوزراء حينها إيساكو ساتو الجدل لأن الأساس القانوني لهذا النوع من القرارات غير واضح، وبعد جنازة يوشيدا الرسمية، اعتاد «الحزب الديموقراطي الليبرالي» الحاكم التحرك مع الحكومة بطريقة مشتركة حداداً على خسارة الزعماء الوطنيين، مما يعني أن يتعاون الحزب الحاكم مع الحكومة لتنظيم الجنازات وتمويل جزء من الحدث من الأموال العامة.وتُعتبر نزعة الحكومة اليابانية إلى تجنب الجنازات الرسمية منذ عهد يوشيدا تدبيراً جدّياً لإخماد ردود الأفعال العنيفة التي يبديها الرأي العام ضد إصرار الدولة على إحياء ذكرى شخصيات سياسية.وربط بعض النقاد إصرار كيشيدا على تنظيم جنازة رسمية برغبته في استرضاء المحافظين، في وقت تذكر إحدى المقالات أن كيشيدا شخصياً يؤيد هذه الخطوة، فقد صُدِم هذا الأخير بموت آبي المفاجئ ويقال إنه فكّر في تنظيم جنازة رسمية له فوراً وأمر أتباعه بإتمام الإجراءات القانونية اللازمة بعد أيام من اغتيال آبي.لكن رغم تصميم كيشيدا على هذه الخطوة، يبدو الرأي العام منقسماً حول صوابية أن تنظّم الحكومة اليابانية جنازة رسمية لآبي، فقد كشف استطلاع رأي أجرته «هيئة الإذاعة اليابانية» أن 49% من الناس يؤيدون هذه الخطوة، لكن يعارضها 38% منهم.وبحسب استطلاع آخر نشرته شبكة «فوجي» الإخبارية، أكد 50.1% من المشاركين أنهم يؤيدون تنظيم الجنازة الرسمية، بينما عبّر 46.9% منهم عن اعتراضهم. وفي هذين الاستطلاعين برز انقسام واضح بين الأجيال، فقد كان الشباب في عمر العشرينيات الأكثر تأييداً للجنازة الرسمية، بعكس كبار السن.وبعدما قررت حكومة كيشيدا إعطاء الضوء الأخضر لتنظيم الجنازة الرسمية، رفع حوالى 200 محتج الصوت وهتفوا بشعار «عارضوا قرار الحكومة» أو «لا تتعاطفوا مع سياسات آبي».وتثبت معارضة القرار الأخير وردود الأفعال القوية في استطلاعات الرأي والاحتجاجات الشعبية أن آبي يبقى شخصية مثيرة للانقسام في السياسة اليابانية، ما يعني أنه يقسم البلد حتى الآن رغم غيابه.وقد تأججت مشاعر الكره والخوف في المعسكر المعارض لآبي حين تردد هذا الأخير في المشاركة في حوار بنّاء مع منتقديه وأصرّ على تحويل اليابان إلى دولة أمنية، مما أدى إلى تمرير تشريع مثير للجدل.خلال الأسابيع المقبلة التي تسبق موعد الجنازة الرسمية في أواخر سبتمبر، سيضطر الرأي العام الياباني لتقبّل شينزو آبي كشخصية معقدة، فهو رجل محترم ومكروه في آن، ويجب أن يتقبل الناس أيضاً الإرث الذي تركه وراءه.*جيو كاماتا