أنصار الصدر يعتصمون في البرلمان ويحاصرون القضاء

دخلت الخلافات السياسية العراقية المحتدمة بين التيار الصدري و «الإطار التنسيقي الشيعي»، مرحلة جديدة تنذر بإراقة دماء، بعد تمكن الآلاف من أنصار رجل الدين البارز مقتدى الصدر، اليوم ، من اقتحام المنطقة الخضراء وسط بغداد، والسيطرة على مبنى البرلمان، ومحاصرة مقر المجلس الأعلى للقضاء لساعات، وهو ما رد عليه «الإطار»، الذي يضم فصائل شديدة الصلة بإيران، بدعوة أنصاره للنزول باحتجاجات مضادة لـ «الدفاع عن الدولة».

وأفادت منصات تابع للتيار الصدري بأن المتظاهرين أعلنوا «اعتصاماً مفتوحاً، وإقامة مجلس عزاء حسيني» داخل البرلمان، الذي سبق أن اقتحموه الأربعاء الماضي، لكنهم انسحبوا منه بتوجيه من زعيم التيار. وجاء اقتحام أنصار الصدر للبرلمان في أعقاب مواجهات مع قوات الأمن تسببت في إصابة 125 شخصا بينهم 25 من رجال أمن.

وبدأ تجمع الآلاف من أنصار التيار من جميع محافظات العراق في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، أمس، في حين أعلن مجلس النواب إلغاء جلسته التي كانت مقررة، اليوم .

وتوجه عدد من المتظاهرين إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء، وقاموا بحصار المقر القضائي لعدة ساعات قبل أن يسنحبوا منه، في إطار المظاهرات التي دعا لها زعيم التيار، احتجاجاً على استمرار «الإطار التنسيقي» في ترشيح محمد شياع السوداني، الذي يوصف بأنه ظل زعيم «ائتلاف دولة القانون» رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، لرئاسة الوزراء.

جاء ذلك بعد أن دعا صالح محمد العراقي، الملقب بـ «وزير الصدر» المتظاهرين إلى عدم التعدي على «مجلس القضاء».

كما دعا العراقي الأمم المتحدة إلى «دعم الشعب». وقال عبر «تويتر»: «طالما دعونا ألا يكون وجود الأمم المتحدة في العراق خجولاً واليوم نأمل ألا يكون سلبياً».

تفجير المسيرات

ولاحقاً، رد رجل الصدر على بيان لـ»الإطار التنسيقي» اتهم فيه تظاهرات الصدريين بأنها «تكسر هيبة الدولة». وقال العراقي إن «تفجير المسيرات وليس حماية المؤسسات هو من يكسر هيبة الدولة».

وأضاف أن «زعزعة الأمن الطائفي في كردستان والأنبار كسر لهيبة الدولة وما الخفاجي عنكم ببعيد، وما التسريبات عنكم ببعيدة»، في إشارة إلى قاسم مصلح الخفاجي قائد عمليات الأنبار في قوات «الحشد الشعبي» والذي اعتقل في مايو 2021 على خلفية الاشتباه في تورطه بهجمات على قواعد عسكرية تضم أميركيين. وكذلك إلى التسريبات المنسوبة إلى المالكي، أحد أعضاء «الإطار التنسيقي»، التي هدد فيها بـ «تجهيز وتسليح من 10 إلى 15 تجمعاً استعداداً لاقتتال شيعي شيعي».

وحذر العراقي «الإطار» من «الدعوة إلى زعزعة السلم الأهلي كما فعلتم في اعتصاماتكم ضد الانتخابات الحالية المزورة كما تدعون».

وحمّل وزير الصدر، الكتل السياسية مسؤولية أي اعتداء على المتظاهرين «فالقوات الأمنية مع الإصلاح والإصلاح معها».

رد «الإطار»

وفي ظل استمرار وتوسع استعراض القوة الذي اطلقه التيار الصدري، منذ الأربعاء الماضي، للضغط باتجاه إلغاء ترشح السوداني، دعا «الإطار التنسيقي»، أنصاره إلى «التظاهر السلمي» دفاعاً عن «الدولة وشرعيتها ومؤسساتها». ووصف الإطار اقتحام مجلس النواب العراقي بأنه «تجاوز خطير وخروج على القانون والأعراف والشريعة». ودعا إلى الاستعداد للدفاع «بكل الصور السلمية الممكنة». وأوصى «الإطار» أنصاره بـ «ضبط النفس وأقصى درجات الصبر».

وكشف قيادي بارز في «الإطار»، الجامع للقوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، عن موقف التكتل الموحد من تظاهرة الصدريين، مؤكداً تحميل زعيم التيار مسؤولية التصعيد و»إراقة الدماء».

وأضاف أن «قادة الإطار أرسلوا رسائل للمرجعية الدينية في النجف، السيد علي السيستاني، من أجل دفع زعيم التيار الصدري للكف عن هذه التصرفات التي تحرق الأخضر واليابس، وتسقط الدولة وهيبتها، وطالبوا المرجعية بالتدخل حتى لا تسقط دماء».

وأشار إلى أن «قادة الإطار حملوا الصدر وزر الدماء إذا سالت»، مستدركاً «موقف الإطار من الصدر هو التهدئة والحوار معه، وهذا أيضاً هو موقف قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني إسماعيل قآني في اجتماعه الأخير مع الإطار».

وبشأن مرشح الإطار لرئاسة الحكومة، أكد القيادي «كل قوى الإطار متمسكة بالسوداني ولا رضوخ للفوضى الخلاقة التي يستخدمها الصدر».

ولاحقاً، تبرأ تحالف الفتح بقيادة هادي العامري من بيان الإطار، داعياً الجميع إلى تقديم تنازلات للخروج من الأزمة.

فتنة حارقة

من جهته، دعا رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، اليوم ، إلى «ضبط النفس، وعدم الانجرار إلى التصادم في هذا الشهر المقدس والمحرم»، مؤكداً أن نار الفتنة ستحرق الجميع.

وقال الكاظمي: «لابدّ أن تجلسَ الكتلُ السياسيةُ وتتحاورَ وتتفاهمَ من أجل العراق والعراقيين، ويجبُ الابتعادُ عن لغةِ التخوينِ والإقصاء، فألفُ يومٍ من الحوارِ الهادئ خيرٌ من لحظةِ تُسفكُ فيها نقطةُ دمٍ عراقي».

في غضون ذلك، دعت بعثة الأمم المتحدة «يونامي»، إلى التهدئة في الجانب السياسي، مبينة أن أصوات «العقل والحكمة» ضرورية لمنع مزيد من العنف.