سكان أم الهيمان بين البديل السكني والتعويض العادل

نشر في 29-07-2022
آخر تحديث 29-07-2022 | 00:08
 د. عادل بهبهاني بعد 12 عاماً من تداول عشرات القضايا أمام المحاكم، أسدلت محكمة التمييز منذ أيام الستار على واحدة من قضايا سكان منطقة علي صباح السالم (أم الهيمان سابقاً) الذين يطالبون باستبدال مساكنهم بمساكن في مناطق أخرى آمنة صحياً وبيئياً، ذلك بسبب الملوثات البيئية المنبعثة من المصانع المجاورة.

جاء حكم التمييز المشار إليه – المنشورة ملامحه في الصحف اليومية – ليؤيد حكم الاستئناف الذي أكد خطأ الحكومة بتوزيع هذه المنطقة على المواطنين، وألزم الحكومة بمنح المواطن الذي يقطن هذه المنطقة سكناً بديلاً في منطقة أخرى، مستنداً في ذلك إلى تقارير لجنة إدارة الخبراء المكلفة من المحكمة التي أفادتها بوجود دراسات وأبحاث أجريت من مجلس حماية البيئة وذلك قبل إنشاء المنطقة السكنية، أثبتت أنها تتعرض لمستويات مرتفعة من الملوثات تزيد على الحدود المسموح فيها للسكن.

لا شك في أن هذا الحكم البات المدوي، قد يفتح الباب واسعاً أمام أحكام أخرى في قضايا مماثلة رفعها المواطنون القاطنون في أم الهيمان بسبب التلوث، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أنه ليس كل من سيرفع من سكان منطقة أم الهيمان الدعوى على الحكومة سيصدر له حكم مماثل لذات حكم التمييز المشار إليه! فالحكم القضائي ليس قاعدة قانونية عامة مجردة ملزمة وإنما يصدر في مواجهة أشخاص محددة بذاتها بحيث يقتصر أثره على الدعوى التي فصل فيها، دون أن يتعداها إلى غيرها من الدعاوى ولو كانت مماثلة له، فإذا كان المواطن في دعواه المدنية قد استطاع إثبات أركان المسؤولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فيما بينهما وتحصل على هذا الحكم من محكمة التمييز لصالحه، فهذا لا يعني بالتلازم أن يحصل جميع سكان منطقة أم الهيمان على مثل هذا الحكم، أي أن يكون باستطاعتهم جميعاً أن يثبتوا أن المرض الذي يعانون منه هو بسبب الملوثات البيئية، وأن يسندوا ادعاءاتهم بتقارير طبية رسمية تنسجم مع أقوالهم!

لذلك نحن نناشد الحكومة، آخذين بعين الاعتبار تقارير لجنة إدارة الخبراء والدراسات والأبحاث التي أجريت من قبل مجلس حماية البيئة التي استندت إليها محكمة التمييز في حكمها، ومن خلال تمسكنا بحق الفرد في العيش في بيئة نظيفة سليمة خالية من الملوثات، باعتباره أصبح حقاً مستقراً معترفاً به دولياً وإقليمياً ودستورياً؛ إلى أن تبادر بإخلاء هذه المنطقة، مع تعويض سكانها تعويضاً عادلاً أو استبدال مساكنهم بمساكن أخرى في غير هذه المنطقة الملوثة، وتكفي بذلك نفسها شر القتال ليس فقط ضد قواعد المسؤولية المدنية وإنما أيضاً ضد قواعد المسؤولية الإدارية على أساس المخاطر ونظرية تحمل التبعة، إذ تلتزم الإدارة بتعويض الأفراد المتضررين من نشاطها، حتى ولو كان هذا النشاط الذي نتج عنه ضرر يتسم بالمشروعية! ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.

د. عادل بهبهاني

back to top