هل تُعفى الهند من قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات؟

نشر في 19-07-2022
آخر تحديث 19-07-2022 | 00:00
سبق أن فرضت بكين تدابير قسرية في معظم مناطق بحر الصين الجنوبي، ومن المنتظر أن يستعمل الحزب الشيوعي الصيني قواته البحرية في المحيط الهندي قريباً، إنها الخطوة المقبلة التي تنوي بكين اتخاذها لزعزعة النظام الدولي.
 ذي دبلومات في آخر عقدَين، كادت الصين تصبح من أكثر القوى المُهيمِنة في العالم بعد تحديث جيشها وتوسيعه، حيث أصبحت بحرية جيش التحرير الشعبي أكبر قوة بحرية في العالم اليوم، ولطالما كانت محور تركيز الرئيس شي جين بينغ والحزب الشيوعي الصيني، وسرعان ما أعطت هذه الجهود ثمارها. سبق أن فرضت الصين تدابير قسرية في معظم مناطق بحر الصين الجنوبي، ومن المنتظر أن يستعمل الحزب الشيوعي الصيني قواته البحرية في المحيط الهندي قريباً، إنها الخطوة المقبلة التي تنوي بكين اتخاذها لزعزعة النظام الدولي.

تتجه بكين اليوم لنشر قواتها إلى أجل غير مُسمى في المحيط الهندي، وقد قامت باستثمارات كبرى في موانئ كمبوديا، وميانمار، وبنغلادش، وسريلانكا، والمالديف، وباكستان، وجيبوتي، وكينيا، وتنزانيا، والإمارات العربية المتحدة، وأستراليا. في غضون ذلك، أرسلت بحرية جيش التحرير الشعبي سفناً حربية متزايدة إلى المحيط الهندي، وتنشط غواصاتها هناك اليوم مرتَين في السنة.

لكنّ الوضع ليس قاتماً بالكامل لحسن الحظ، فقد يسمح تجديد العلاقات العسكرية بين الهند والولايات المتحدة بالتصدي للمكاسب الصينية المتزايدة. في عام 2016، أبرمت واشنطن ونيودلهي «مذكرة تفاهم لتبادل الدعم اللوجستي»، بموجب هذا الاتفاق، تستطيع القوات العسكرية في البلدين أن تدعم نفسها انطلاقاً من المنشآت العسكرية التابعة للطرف الآخر. طبّقت الولايات المتحدة والهند بنود ذلك الاتفاق عام 2020، حين أعادت طائرة صيد الغواصات الأميركية «بوسيدون ب-8» التزود بالوقود للمرة الأولى في قاعدة هندية في جزر «أندمان»، ما أدى إلى توسيع نطاق عمل طائرات صيد الغواصات في المحيط الهندي.

تمنح «اتفاقية توافق الاتصالات والأمن» الموقّعة عام 2018 الهند مساراً للحصول على معدات دقيقة ومتطورة لاستعمالها في الطائرات التي اشترتها من الولايات المتحدة، إنها أداة مناسبة أيضاً لتعقب السفن الحربية الصينية.

لكن قد تصبح هذه الركيزة المحتملة للأمن والاستقرار الاقتصادي في خطر بسبب التهديد الذي يطرحه «قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات»، وبموجب هذا القانون الذي نشأ في الأصل لمعاقبة روسيا على تدخّلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية، في عام 2016، قد تواجه الدول عقوبات مالية بسبب صفقاتها الكبرى مع كيانات روسية معينة، وبما أن المتعاقدين الدفاعيين الروس هم جزء من الأطراف الخاضعة للعقوبات، فستُعاقَب الهند بعد شرائها مجموعة من المعدات العسكرية الجديدة، إلا إذا تم إعفاؤها من هذا الإجراء.

إذا لم تحصل الهند على هذا الإعفاء، فستعود العلاقات الثنائية إلى الوضع الذي كانت عليه في آخر مرة فرضت فيها الولايات المتحدة العقوبات على الهند، بعد اختبارات «بوخران» النووية عام 1998. في تلك الفترة، اعتبرت الهند العقوبات مبرراً لعدم الوثوق بالولايات المتحدة وتأكيداً على صوابية مبدأ عدم الانحياز الذي يوجّه السياسة الخارجية الهندية منذ عقود. نتيجةً لذلك، علّقت الهند التدريبات البحرية الثنائية مع الولايات المتحدة، وعمّقت شراكتها مع روسيا، وأضعفت زخم التعاون الذي بدأ يتسارع للتو.

مثلما قررت الهند تنفيذ الاختبار النووي عام 1998، من المتوقع أن تتابع اتخاذ القرارات المرتبطة بأمنها القومي وسياستها الخارجية بما يصبّ في مصلحتها. فرضت الولايات المتحدة العقوبات في حقبة ما بعد الحرب الباردة وبعد عملية «عاصفة الصحراء»، مع أن الهيمنة الأميركية لم تكن مُهددة حينها. سُرَّت جميع الدول بالمنافع الاقتصادية التي حصدتها من الأمن العالمي، لكن لم يعد الوضع كذلك اليوم للأسف. في الوقت الراهن، قد تؤدي العقوبات الأميركية المفروضة على الهند إلى تهديد النظام العالمي كله، وقد حان الوقت إذاً لإعفاء الهند من «قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات».

* شيت لي

The Diplomat

back to top