سريلانكا: الجيش يلوّح بالقوة والمحتجون يخلون مقار حكومية

راجاباكسا يستقيل بالإيميل... وواشنطن ترفض منحه تأشيرة وتضارُب حول وجهته النهائية

نشر في 15-07-2022
آخر تحديث 15-07-2022 | 00:00
قوة عسكرية تحرس المدخل المؤدّي إلى مبنى البرلمان في كولومبو  (أ ف ب)
قوة عسكرية تحرس المدخل المؤدّي إلى مبنى البرلمان في كولومبو (أ ف ب)
ألمح الجيش السريلانكي إلى إمكانية استخدامه القوة لضمان الأمن، في وقت بدأ المحتجون يخلون مقار حكومية استجابة لمبادرة مدنية لتسهيل عملية الانتقال السلمي للسلطة.
لوح الجيش السريلانكي، الذي يعد الى جانب المؤسسة الدينية البوذية، القوة الأكثر تأثيراً، باستخدام القوة لضمان الأمن في بلد لا يزال يعاني من تداعيات حرب اهلية انتهت في 2009 ويعيش انهياراً اقتصادياً شاملاً، في حين بدأ المتظاهرون المدنيون بإخلاء المقار الرسمية التي احتلوها في الأيام القليلة الماضية كمباردة حسن نية لتأمين انتقال سلمي للسلطة.

تفويض

ورغم أن الجيش رفض، أمس الأول، تعليمات رئيس الوزراء والرئيس بالنيابة رانيل ويكريمسينغ، الحليف القوي للرئيس الفار غوتابايا راجاباكسا، باستخدام «القوة المفرطة ضد المتظاهرين المدنيين إذا لزم الأمر للسيطرة على حالة الفوضى وبسط القانون والنظام»، إلا أنه لوّح أمس باستخدام القوة لإعادة فرض النظام مؤكداً أنه يملك التفويض لذلك.

وأكد بيان صادر عن «القيادة العامة»، أنه «يُسمح للجنود الآن باستخدام القوة اللازمة لمنع تدمير الممتلكات والأرواح»، في وقت نشر الجيش عناصره في معظم الشوارع ووضع دباباته وناقلات الجند المدرّعة بالقرب من مبنى البرلمان لمنع المتظاهرين من دخوله.

وقبل ساعات من ذلك، تصدّت الشرطة للمتظاهرين الذين حاولوا دخول البرلمان، وأُصيب نحو 85 شخصاً خلال المواجهات وقُتل رجل اختنق بالغاز المسيّل للدموع.

وأمس الأول، اقتحم المتظاهرون مقر ويكريمسينغ.

وفي محاولة لدرء أي احتجاجات أخرى، فرضت السلطات حظر تجول جزئيا آخر، أمس، حتى الخامسة من صباح اليوم، وكانت حال الطوارئ فُرضت في وقت سابق وفرض حظر تجول على مستوى البلاد بعد ان اقتصر سابقاً على المنطقة الغربية التي تضم العاصمة كولومبو.

أزمة دستورية

ولا تزال العقبة الرئيسية الآن هي استقالة الرئيس الفار راجاباكسا، الذي لجأ الى المالديف ومنها الى سنغافورة بطائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية، رغم أنه فوض صلاحياته لرئيس الورزاء بالإنابة. وكان راجاباكسا تعهد بتقديم خطاب استقالته إلى رئيس البرلمان ماهيندا يابا أبيواردينا بحلول أمس الأول، لكن المراقبين يعتقدون انه يماطل للاستفادة من الحصانة الذي لا يزال يتمتع بها قانونياً، في وقت أفاد مصدر أمني، بأن راجاباكسا أعد رسالة الاستقالة و«سينشرها رئيس البرلمان فور تلقيه الضوء الأخضر».

غير أن ابيواردينا أعلن أمس، أنه لم يتلق بعد خطاب استقالة راجاباكسا، وأنه يواجه «موقفا صعبا» في ظل عدم استلامه الاستقالة الرسمية، مؤكدا أنه في حال عدم توقيع راجاباكسا على الاستقالة فإنه يمكن الأخذ بعين الاعتبار الخطوات الدستورية التي تفوضه اختيار رئيس جديد في حال إخلاء الرئيس منصبه أو غيابه.

لاحقاً، قال مصدر مطلع إن راجاباكسا بعث بخطاب استقالة عبر البريد الإلكتروني إلى رئيس برلمان البلاد، بعد وقت قصير من وصوله إلى سنغافورة، ولم يتضح إذا كانت ستُقبل بهذا الشكل، نظرا لإرسالها بالبريد الإلكتروني.

إخلاء المقار

يأتي ذلك في وقت بدأ المحتجون إخلاء المقار الرسمية بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء والقصر الرئاسي استجابة لدعوة نقابة المحامين من أجل تسهيل انتقال سلمي للسلطة، بعد فرار راجاباكسا وتفويض صلاحياته لويكريمسينغه.

وبينما أعلن المتظاهرون، أمس، انسحابهم من المباني الرئاسية التي اقتحموها قبل أيام، قالت متحدثة باسمهم: «سننسحب بسلام من القصر الرئاسي وأمانة الرئاسة ومكتب رئيس الوزراء فوراً، لكن سنواصل كفاحنا»، مهددة بتنفيذ «إضراب عام إذا لم يستقل الرئيس ورئيس الوزراء»، في حين امتنعت السلطات عن كشف مكان وجود رئيس الوزراء.

ودعا أمس، أومالبي سوبيثا، أحد كبار الشخصيات البوذية الداعمة للحركة الاحتجاجية، إلى إخلاء القصر الرئاسي، وهو مبنى يزيد عمره على 200 عام، بغية الحفاظ على كلّ ما هو ثمين فيه، بعدما زار هذا القصر مئات آلاف الأشخاص منذ فرار راجاباكسا منه السبت الماضي.

السعودية أم الإمارات؟

وتضاربت الأنباء عن وجهة راجاباكسا النهائية؛ فبينما ذكرت وسائل إعلام في المالديف أنه من المرجح أن تمنحه سنغافورة حق اللجوء، توقّعت صحيفة «الغارديان» البريطانية أن تكون الإمارات «الوجهة النهائية» له، في وقت نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين في المالديف، أنه «سينتقل إلى السعودية».

وبحسب مصادر دبلوماسية، رفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة لراجاباكسا لأنه تخلى عن جنسيته الأميركية في 2019 قبل أن يترشّح للرئاسة في سريلانكا.

وكان راجاباكسا طلب، بحسب وسائل إعلام مالديفية، أن يستقلّ طائرة خاصة، رافضاً أن يسافر على متن رحلة تجارية مع مسافرين آخرين بسبب الاستقبال العدائي الذي لقيه عند وصوله إلى جزر المالديف، كما تعرض للسخرية والإهانة أثناء مغادرته مطار فيلانا ونُظم احتجاج في العاصمة ماليه لمطالبة الحكومة المالديفية بعدم السماح له بالمرور بأمان.

وأكّدت وسائل الإعلام في المالديف أن الرئيس السريلانكي قضى ليلته في فندق «والدورف أستوريا ايتافوشي» الفخم. وكتبت «الغارديان»، أمس، «كان سقوط عائلة راجاباكسا مذهلاً، وكان لذلك صدى في جميع أنحاء المنطقة وخارجها»، ناقلة عن محللين أن «حاكم سريلانكا الهارب كان ضحية بارزة لأزمة تكاليف المعيشة العالمية».

وأضافت: «قد لا تكون هذه ثورة، بما للكلمة من معنى، لأن لدى سريلانكا تقليدا طويلا وراسخا من الديموقراطية، وإن كان متوتراً في السنوات الأخيرة، لكنها ثورة هائلة من جانب آخر، فاحتمال عودة عائلة راجاباكسا إلى السلطة غير مرجح، على الأقل لسنوات عدة».

من ناحيته، قال آلان كينان، أحد كبار المستشارين في سريلانكا بمجموعة الأزمات الدولية: «كان غوتابايا سياسياً ضعيفاً جداً، وأحاط نفسه بالدجالين ولم يكن قادرا على إبهار أي شخص، أو إبرام الصفقات، أو تغيير المسار في الوقت المناسب».

back to top