هل تُحقق الصين طموحاتها عبر مجموعة «بريكس»؟

هذه الشكوك كلها رسّخت الفرضية القائلة إن الاختلافات بين أعضاء مجموعة «بريكس» تفوق مصالحها الجماعية، وظاهرياً، ما من قواسم مشتركة كثيرة بين الدول الأعضاء الخمس، ويبقى الاقتصاد الصيني أكبر من اقتصادات البلدان الأربعة الأخرى مُجتمعةً، ولا يمكن نَسْب تعريف موحّد إلى هذه الدول كلها، إذ لا تدخل جميعها في خانة الديموقراطيات أو الجنوب العالمي أو المعسكر غير الغربي.لكن العامل الأساسي الذي حافظ على وحدة الصف بين قادة هذه البلدان المختلفة على مر السنين يتعلق بسعيها المشترك إلى توسيع نطاق تمثيلها على الساحة الدولية، وتشعر هذه الدول بأنها مستضعفة بوصفها مستبعدة من منتدى القوى الاستعمارية السابقة والبلدان المتطورة بقيادة الولايات المتحدة، في وقت تحمل روسيا طبعاً تاريخاً إمبريالياً خاصاً بها، لكنها تبقى أدنى مستوى من غيرها عند التعامل مع النظام الدولي وكأنه نتاج للهيمنة الأميركية. رغم كثرة الكلام عن عزلة موسكو الدولية، لم يصوّت أي بلد من أعضاء «بريكس» على قرار طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل الماضي، ويُفترض ألا يتفاجأ أحد بهذا التوجه، فهو يتماشى مع مواقف تلك الدول من ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. تُعتبر الصين وروسيا من أشرس منتقدي العقوبات الاقتصادية، لكن البرازيل بدورها انتقدت ما تسمّيه «العقوبات العشوائية» ضد روسيا، ولن تقف البرازيل والهند وجنوب إفريقيا إلى جانب روسيا والصين ضد الغرب، لكن هذه البلدان تبقى معادية للهيمنة الأميركية، رغم الأعمال الوحشية التي ترتكبها روسيا، وهي تشارك الصين هدفها المرتبط بإعطاء «طابع ديموقراطي» للعلاقات الدولية. استخف الغرب لفترة طويلة بأهمية الجنوب العالمي في مساعي الصين للتفوق على الولايات المتحدة، وفي ظل تدهور العلاقات الصينية الأميركية مع مرور الوقت، ستزيد أهمية البلدان النامية باعتبارها شريكة تجارية لبكين، ومصدراً لشرعيتها حول العالم، وساحة قتال لتحديد المعايير الدولية الخاصة بالتكنولوجيا الناشئة.أخيراً، تُعتبر مجموعة «بريكس» أبرز كتلة سياسية تشمل بلداناً من خارج مجموعة السبع، ومن المتوقع أن تبقى أداة مهمة لزيادة النفوذ الصيني، وربما تكون بكين فشلت حتى الآن في إحراز التقدم المنشود لتنفيذ أجندتها، لكنها لن تستسلم بسهولة.*جاكوب مارديل