لديك بقرتان يا مواطن

نشر في 06-07-2022
آخر تحديث 06-07-2022 | 00:09
 فالح بن حجري ظهرت نكتة «لديك بقرتان» في الأربعينيات من القرن الماضي كمحاولة لتبسيط التعريفات والمصطلحات المعقدة أمام الإنسان العادي عبر محاكاة مع نموذج بسيط يطرح الإشكالية بصورة يفهمها ويعرف معناها...

مثلاً ما هي الاشتراكية؟ نقول: لديك بقرتان تأخذ منك الحكومة بقرة وتعطيها لجارك.

وما هي الشيوعية؟ لديك بقرتان، تأخذهما منك الحكومة وتعطيك بعض الحليب.

والرأسمالية: لديك بقرتان، تبيع واحدة وترهن الأخرى للبنك ليشتري لك ثوراً يعيش مع بقرتك المرهونة (لكي تُنَمِّي القطيع) وهكذا...

ومن خلال هذه المحاكاة الساخرة تستطيع شرح أي تعريف أو مفهوم بسهولة دون تعقيد أو فلسفة زائدة.

في الميدان المحلي كمثال، يوفر لك نموذج «لديك بقرتان» طريقة شرح واضحة، وعلى «وضح النقا» كما يقال، لأي مصطلح وكمثال على ذلك:

الحكومة: لديك بقرتان، تبيعها الحكومة وتشترى بثمنهما ثوراً ثم تقول لك احلبه، وإذا رفضتَ أو حاولت إفهامها أن الثور لا يُحلب، قالت واويلاه إن مشروعها فشل لأن المواطن كسول ولا يستطيع حلب الحليب رغم نجاح مشروع بيع البقرتين وفوائده المجزية.

مجلس الأمة: لديك بقرتان، المجلس وظيفته حلبهما وفق الأدوات الدستورية واستخراج الحليب التشريعي اللازم لصنع الأجبان والزبادي وخلافه القانوني، ولكنه لا يفعل ذلك ويجلب بدلاً من ذلك سرجاً ليضعه على البقرتين ليصيح أمام الناخبين والمواطنين ومو ولاهم في الإعلام والمنابر يا شين سرج المصالح على بقر الدستور، ويا شين سرج الفساد على بقرتي الشعب، وعليك بعد هذا المشهد أن تصفق وتهلل فقط وترفع عقالك عالياً إذا أمكن، ولكن لا تسل عن الحليب المطلوب وإلا يا ويلك ويا سواد ليلك!

الانتخابات: لديك بقرتان، كل مرشح ينثر الوعود حول جنة الحليب الموعودة وعين الحسود و»الحشود» فيها عود ويُبشر الناخبين بأن كل هذه الوعود مقضية بلا أدنى شك إذا نجح ووصل للكرسي، وسيعيشون في سبات ونبات دستوري، ويخلف لهم دور الفصل التشريعي «أولاد وبنات»، وبعد نجاحه يمارس نفس الهواية، ولكن يشترط أن تحج هاتان البقرتان على قرنيهما قبل نزول أي قطرة حليب منهما، وبعدها كل مشاكل البلد ستحل وكل الأحلام ستتحقق، وهكذا بكل دورة انتخابية!

القطاع الخاص: لديك بقرتان، تُحلبان أمامك جهاراً نهاراً وترى حليبهما يذهب إلى متجر معين يقدم لك منتجاً مسجلاً عليه: لبن العصفور الفاخر، بسعر غالٍ ومكلف، وعندما تعترض وتحلف بأن هذا حليب الأبقار لا غيره ولا ابن عصفور ولا سلحفاة ورأيت حلبه بعينك، فيقال لك: يا عدو النجاح والعصامية والإنجازات والتنمية وووو.

القطاع العام: لديك بقرتان، لا تستطيع أخذ حليبهما إلا بواسطة موقعة من ثور وموجهة إلى ثور آخر، وإذا حصلت على التوقيعات اللازمة لأخذ حليبك فستشكل بعدها لجنة لدراسة توافق شروط معدتك المصون مع الحليب الموعود، وفي اللجنة ستحضر روح متلازمة بقرة بني إسرائيل بشحمها ولحمها وتخوض وتخوض وتخوض حتى الركب في الشروط البيزنطية المطلوبة حول توافق البقرة المناسبة مع الاشتراطات الحليبية الخاصة بك وما هي هذه البقرة؟! وما لونها وما؟ وماذا؟! وهل يا ترى؟! وبعد التي واللتيا تذهب لاستلام قرار اللجنة لتقرأ أسفله «مرفوض... إن البقر تشابه علينا»!

فالح بن حجري

back to top