العلاج من الجذور لا من البثور

نشر في 01-07-2022
آخر تحديث 01-07-2022 | 00:07
 ناجي الملا مرت عقود زُرعت ضمنها مشكلات وتجذرت وانتشرت في كل زوايا الحياة، والأخطر تزاحف قوارض تأكل سفينة المجتمع وما حوته من مؤن وبضاعة، وأخذت تطحن خشب السفينة مهددة إياها بالغرق، ولا توجد رغبة لدى أهل السفينة بإبادتها وكفاحها، فتوالدت وأصبحت كأنها القدر الحتمي الذي لابد من التسليم به ذهنياً والاستسلام له طوعياً وتركه يطحن الأخضر واليابس.

وكل يوم نفاجأ بنقص المخزون والبضاعة أو يصدمنا خرق في بناء السفينة وفتق في أشرعتها، والكل غافل وسط تبريرات هشة أو تكذيب وتهوين ما يحدث، والبر مازال بعيداً والبحر عميق وأحيانا هائجٌ مائج، حالنا هذه تسلل الفساد فيها إلى كل مكان، وتضرب المشكلات كل جوانب المجتمع، والقوارض من الفاسدين واللصوص تسللوا في أرجاء السفينة يقرضون المال العام وينثرون الفوضى، والكل بين منكر وجاحد لما تراه العين، ومفسر ومؤول له بما يؤدي الى التسليم والاستسلام.

ما يتطلبه الوضع حلول جذرية سريعة وشاملة وذكية تسري قوتها فتسحق كل القوارض، وتعاقب المهملين، وتقصيهم عن قيادة السفينة وإدارة شؤونها، وإسناد الأمر إلى الخبراء والمخلصين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولا بد من تشخيص ورصد الشقوق والخروق والإسراع في سدها ورتقها وملاحقة القوارض وإبادتها.

نفاجأ إضافة إلى عجز الموازنة وجفاف فرص العمل للخريجين، وتضخم التركيبة السكانية، وتصدمنا أفواج طالبي كروت الزيارة للأقارب الوافدين، واستمرار احتكار الأجانب لتجارة الفواكه والخضار واللحوم والسمك والأدوية وبيع وترويج السلع الرديئة والمضروبة والضارة، واحتكارهم أعمال البناء، وتصليح المركبات والأجهزة وفرضهم الأسعار الباهظة بأضعاف الأسعار السابقة دون دفع الضرائب، مع تمتعهم بالخدمات شبه المجانية واستيلاء بعضهم حتى على الأدوية ومواد التموين الغذائية المقدمة مجانا من الحكومة، وبعض أصحاب السفينة مستفيد من هذا الوضع لا سيما تجارة الإقامات، كما يستفيدون لملء عماراتهم ومحالهم بهذه العمالة وربما يشاركونهم التجارة السوداء.

إلى حانب كل هذا هناك زحمة الشوارع وكثرة حفرها ومطباتها المموهة الخفية وتصاعد حوادث المرور وضحاياها التي تصل سنويا إلى 430 قتيلاً تقريبا، فضلا عن المعاقين بالعاهات، ونمو وتصاعد الجرائم حتى وصلت للخطف وتشكيل بؤر للدعارة، وجود مناطق أصبحت تحت سيطرة شبكة عصابات ذات منافذ وأنفاق وسراديب وشبكات إنذار يصعب معها الاقتحام وعمليات التفتيش.

وهنا نحيي جهود وزير الداخلية الأخيرة في عمليات المداهمة الذكية، فنحن بحاجة إلى الدهاء والذكاء مع هؤلاء القوارض، فقد أعلنت وزارة الداخلية أن اقتحامها سيكون لمنطقة جليب الشيوخ إلا أنها اقتحمت منطقة المهبولة لأن الوزارة على علم أن القوارض ستنتقل إلى هناك، لكن هذه الجهود مع أهميتها لا تستأصل المشكلة من جذورها بل تستأصل البثور، إذاً لا بد من سد الخروق والفتوق بفرض الضرائب وخصخصة محطات الكهرباء والماء والخدمات الصحية، ولكل مواطن تأمين صحي، وفرض تعليم راق بالمقاييس العالمية، واحتذاء التجربة الفنلندية، وخصخصة كل القطاع العام للشركات ذات السمعة العالمية وتوزيع الدعوم والتموين نقداً للمواطنين، وأما المدن السكنية فتكون مدنا بحرية تنشئها شركات عالمية على أحدث الطرق وبالمواصفات الملائمة للبيئة عندنا، والتي توفر الطاقة والأمان وخدمات الترفيه لكل الأعمار.

تكويت الوظائف وتشجيع الشباب على العمل الخاص المنضبط والمدروس والاعتماد على العمالة الكويتية، وحل مشكلات المرور باعتماد سرعات محددة وفرض الرقابة والمخالفات والعقوبات الرادعة، واعتماد السيارات الكهربائية، وإنهاء العمل بنظام الكفيل وفرض عقوبات رادعة على أي استجلاب عمالة وتركها تسرح في الشارع.

هذا غيضٌ من فيض لسد الثغرات والشروخ حتى لا يطبع بوم مجتمعنا وسط بحر هائج مخيف تسكنه الرياح الشديدة وتكمن في أعماقه الهوام الفتاكة.

* ناجي الملا

back to top