بنك الكويت الوطني: تزايد المخاوف حول آفاق النمو مع تشديد السياسات النقدية

الاقتصاد العالمي يتعرض لرياح معاكسة تعصف بالأسواق المالية في مواجهة التضخم

نشر في 20-06-2022
آخر تحديث 20-06-2022 | 19:34
مخاوف تجاه آفاق نمو الاقتصاد العالمي
مخاوف تجاه آفاق نمو الاقتصاد العالمي
أدى تزايد المخاوف تجاه آفاق نمو الاقتصاد العالمي لحالة من الفوضى في الأسواق المالية، مع ضعف مؤشرات الأسهم الرئيسية واتجاهها نحو الهبوط (-20 في المئة أو أكثر من مستويات الذروة) في يونيو الجاري، كما وصلت عائدات السندات إلى أعلى مستوياتها المسجلة في عدة سنوات.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، فإن التحديات التي تواجهها الأسواق تشمل تداعيات الحرب الأوكرانية، وتزايد أسعار الطاقة، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم، خصوصا في الاقتصادات المتقدمة، وتشديد البنوك المركزية الرئيسية لسياساتها النقدية بوتيرة أسرع من ذي قبل، هذا إلى جانب اضطرابات سلاسل التوريد العالمية، ومخاطر النمو في الصين الناجمة عن سعي الحكومة لتطبيق سياسة «صفر كوفيد».

وعلى الرغم من البنك الدولي لايزال يتوقع تجنب الركود العالمي، إلا أنه قام مؤخراً بتعديل توقعاته للنمو العالمي في عام 2022 إلى 2.9 في المئة مقابل 4.1 في المئة، وفقاً للتوقعات السابقة في يناير الماضي، مما يسلط الضوء على تزايد مخاطر الركود التضخمي مع بقاء النشاط الاقتصادي ضعيفاً في عام 2023، واستمرار تخطي معدلات التضخم المستويات المستهدفة في كثير من الدول.

ويرى البنك أن الحل من المفترض أن يشمل زيادة إمدادات المواد الغذائية والطاقة وتخفيف أعباء الديون عن الدول النامية.

احتمالات الركود تتزايد

تراجعت آفاق نمو الاقتصاد الأميركي في الأشهر القليلة الماضية في ظل ارتفاع معدل التضخم، ورفع أسعار الفائدة، وضعف مقومات الاقتصادي العالمي، واستمرار مشاكل سلاسل التوريد، مع تزايد إمكانية انزلاق الاقتصاد إلى حالة من الركود. إذ تسارعت وتيرة تضخم مؤشر أسعار المستهلكين إلى مستويات أسوأ من المتوقع بزيادة بلغت نسبتها 8.6 في المئة على أساس سنوي في مايو (معدل التضخم الأساسي وصل إلى 6 في المئة)، فيما تعد أعلى قراءة يسجلها المؤشر منذ عام 1981. وكانت زيادات الأسعار واسعة النطاق، مما يلقي بظلال من الشك على مدى اقتراب التضخم من الوصول إلى ذروته، مما يزيد من الضغوط على مجلس الاحتياطي الفدرالي لتشديد سياسته النقدية خاصة في ظل تزايد توقعات التضخم.

وفي هذا الصدد، رفع الفدرالي سعر الفائدة بنسبة 0.75 في المئة في اجتماعه الذي عقد في 15 يونيو (لتصل بذلك الزيادات التراكمية إلى 1.5 في المئة منذ مارس) في حين تشير خارطة نقاط تصويت الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة لزيادة أخرى بنسبة 1.75 في المئة حتى نهاية العام.

إضافة لذلك، بدأ الفدرالي تقليص الميزانية العمومية في يونيو بمعدل شهري قدره 47.5 مليار دولار، والذي سيرتفع بعد ذلك إلى 95 مليارا بعد ثلاثة أشهر، رغم عدم اتضاح الرؤية بشأن قدرة الاحتياطي الفدرالي على الالتزام بهذه الخطة.

وفي الوقت الحالي، يتوقع الفدرالي وصول معدل تضخم الانفاق الاستهلاكي الشخصي إلى 5.2 في المئة في عام 2022 (أحدث قراءة عند مستوى 6.3 في المئة على أساس سنوي) و2.6 في المئة في عام 2023، مقابل 4.3 في المئة و2.7 في المئة على التوالي وفقاً للتوقعات السابقة.

وواصل الرئيس باول تأكيده لقوة الاقتصاد الأميركي وقدرته على التعامل مع سياسة نقدية أكثر تشدداً. إلا أن الاحتياطي الفدرالي خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 إلى 1.7 في المئة مقابل 2.8 في المئة في وقت سابق، وتوقع وصول معدل النمو في عام 2023 إلى 1.7 في المئة مقابل 2.2 في المئة. وأدى الارتفاع الكبير لمعدل التضخم إلى تراجع ثقة المستهلك، إذ وصل مؤشر جامعة ميشيغان إلى 50.2 في يونيو (مقابل 58.4 في مايو)، مما يعتبر أدنى مستوياته على الإطلاق.

أوروبا تواجه شبح الركود وأزمة طاقة

يتعرض اقتصاد منطقة اليورو لخطر الركود إذ بدأت تتجلى تداعيات حرب أوكرانيا، هذا إلى جانب ارتفاع الأسعار الحاد، مما أضعف النشاط الاستهلاكي والتجاري، رغم أن البيانات حتى الآن تشير إلى حالة من الانكماش أكثر من الدخول في ركود مباشر. وتم تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2022 إلى 0.6 في المئة على أساس ربع سنوي مقابل 0.3 في المئة في وقت سابق، إلا أنه من المتوقع ظهور أرقام أقرب بكثير إلى الصفر في الفترة الممتدة ما بين الربعين الثاني والرابع. وتراجعت قراءة مؤشر مديري المشتريات هامشياً في مايو إلى 54.8 مقابل 55.8 في أبريل، مع استمرار استقرار مؤشر قطاع الخدمات بشكل جيد (56.1)، ألا أنه قد يتراجع مع تلاشي تأثير إعادة فتح الأنشطة التجارية بعد انحسار موجة كوفيد-19 الأخيرة وتزايد ضغوط التكلفة. أما قطاع التصنيع فجاءت أوضاعه أكثر قتامة بسبب ضعف الطلب الخارجي، واضطرابات سلاسل التوريد وتأثير ارتفاع تكاليف الطاقة. وربما قد يزداد الوضع سوءاً مع بدء تطبيق العقوبات على واردات النفط الروسي، إذ من المقرر أن يوقف الاتحاد الأوروبي معظم عمليات الشراء بنهاية العام مما قد يؤدي إلى تأجيج الأوضاع مع اقتراب دخول أسواق الطاقة الأوروبية بالفعل في أزمة عميقة. وقد تشمل الجولة التالية من المقترحات خفض واردات الغاز، إلا أن الآثار الخطيرة المنعكسة على الاقتصاد الأوروبي – يجري حالياً مناقشة تقنين الطاقة الشتوية - قد يجعل من الصعب تطبيق ذلك دون الدخول في عواقب وخيمة.

back to top