«زلزال الصدر» يخلط التحالفات في العراق

• محمد الحلبوسي : يتوقع انتهاء الانسداد السياسي
• فالح الفياض : «الحشد» لن يسمح لأحد بإسقاط الدولة

نشر في 13-06-2022
آخر تحديث 13-06-2022 | 20:42
عراقية تغطي وجهها من الغبار في بغداد أمس (أ ف ب)
عراقية تغطي وجهها من الغبار في بغداد أمس (أ ف ب)
دخلت العملية السياسية في العراق مرحلة أكثر غموضاً وسط ترقب للتبعات الدستورية لاستقالة جميع نواب زعيم التيار الصدري من البرلمان، وتزايد المخاوف من عنف سياسي في بلد تملك فيه أغلبية الأحزاب السياسية فصائل مسلحة.
وسط توقعات بحصول مرشحيه الخاسرين بالانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر الماضي على نصيب الأسد من مقاعد نواب الكتلة الصدرية المستقيلين، توجهت الأنظار إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يخطط لاستغلال تفكك التحالف الثلاثي لزعماء التيار الصدري مقتدى الصدر والكردي مسعود البارزاني والسني رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لفتح حوار شامل لتشكيل الحكومة العراقية بكل أريحية.

وغداة توقيعه استقالات نواب حليفه الأقوى وفك البارزاني ارتباطه به، أعلن رئيس مجلس النواب، أمس، انطلاق «تفاهمات مختلفة»، مشيراً إلى أن الانسداد السياسي لن يستمر في المرحلة المقبلة.

وقال الحلبوسي، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني عبدالكريم الدغمي، إن «الإجراءات القانونية ستمضي، وعضوية أي نائب في البرلمان تنتهي بتقديم الاستقالة، وبدلاء ممثلي الكتلة الصدرية سيكونون من الخاسرين الأعلى أصواتاً في الدائرة الانتخابية»، مؤكداً أن خيار حل البرلمان وإجراء انتخابات لم يطرح حتى الآن.

ووقع الحلبوسي استقالات نواب الكتلة الصدرية بحضور رئيسهم حسن العذاري، وعلق بالقول: «وقعت استقالاتهم على مضض»، مشيراً إلى بذل جهود لثني الصدر، عن هذه الخطوة.

فك الارتباط

وفي حين أكد زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني احترامه لقرار التيار الصدر، وأعلن استعداده للتطورات اللاحقة، كشف مصدر مطلع أمس، عن اتصال هاتفي أبلغ فيه البارزاني حليفه الصدر عدم قدرته على الاستمرار في حالة الانسداد السياسي لأن كردستان أكبر المتضررين.

وبحسب موقع «المعلومة»، فإن «الاتصال بين البارزاني والصدر كان لمدة ربع ساعة، طرح خلالها الصدر توجهاته المقبلة وعزمه تقديم الاستقالة من البرلمان والانسحاب من التحالف الثلاثي لعدم القدرة على تشكيل الحكومة بمفرده وفق نظام الأغلبية».

وأضاف أن «البارزاني اعتراض عن تلك الخطوة، لكنه أكد عدم قدرته على الاستمرار في حالة الانسداد السياسي وترك كردستان بأزمة خانقة، لاسيما مع وجود قرار حظر تصدير نفط من الإقليم»، مبيناً أن «الاتصال كان بمنزلة نهاية التحالف الثلاثي إلى الأبد في وقت تتحول الأنظار إلى قوى الإطار التنسيقي لفتح الحوار الشامل وتشكيل الحكومة المقبلة بأريحية».

تحركات الإطار

في المقابل، بدأ الإطار التنسيقي الشيعي النظر بالسيناريوهات المطروحة، وأوضح مصدر مطلع أن الإطار ينتظر مبادرة جديدة للبارزاني قد تفضي لتجديد ولاية رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي مع تغيير وزراء كابينته الحالية لتتماشى مع مفهوم الحكومة المنتخبة.

وقال المصدر القيادي: «نحن في انتظار مصادقة مفوضية الانتخابات على استقالة نواب الكتلة الصدرية وتسمية بدلاء عنهم، وعندها سيبدأ الإطار جولة جديدة من المباحثات مع جميع القوى لتشكيل الحكومة حسب الاستحقاق والثقل السياسي، وهو سيناريو قد لا يحظى بقبول الجميع».

وأشار المصدر إلى أن «السيناريو الأقرب للتنفيذ هو أن يسعى الإطار لإقناع زعيم التيار الصدري بالعدول عن قرار الاستقالة مقابل أن يشارك الإطار بـ 50 نائباً شيعياً، بالإضافة لنواب الكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة الأكبر والوصول إلى تفاهمات مشتركة حول رئيس الوزراء القادم، فضلاً عن توزيع الوزارات بما يتناسب والثقل السياسي بمعنى آخر الوزارات الـ 12 المخصصة للمكون الشيعي سيتفق على منح 8 منها للصدر بينها وزارة واحدة سيادية مقابل أربع وزارات للإطار التنسيقي بينها ثلاث سيادية».

وينص قانون الانتخابات العراقي على أنه عند استقالة نائب، يتولى منصب النائب المستقيل صاحب ثاني أكبر عدد من الأصوات في دائرته.

وشرح المحلل السياسي عباس كاظم في مركز «أتلانتيك كاونسل» أن ذلك «يعني توزع مقاعد الصدريين الـ 73 على مختلف الأطراف السياسية». وأضاف «يتوقع أن يستفيد الإطار التنسيقي من ذلك بارتفاع عدد مقاعدهم، وكذلك المستقلون».

وبعد ثمانية أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة، لا تزال الأطراف السياسية الأساسية عاجزة عن الاتفاق على الحكومة المقبلة، ويدعي كل منها إن لديه الأغلبية في البرلمان الذي يضمّ 329 نائباً.

وبسبب الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور، أخفق البرلمان ثلاث مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطياً المهل التي ينص عليها الدستور.

وطرحت خيارات لتجاوز انسداد الأفق السياسي منها حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، لكن لا يمكن حل البرلمان إلا بقرار من مجلس النواب نفسه.

اعتذار وإغلاق

وبعد وقت قليل من استقالة الكتلة الصدرية، أعلن السفير العراقي في بريطانيا جعفر الصدر انسحابه من الترشيح لرئاسة الحكومة.

وكتب الصدر وهو نجل المرجع الشيعي الراحل محمد باقر الصدر، في تغريدة، «كنت قبلت ترشيح سماحة السيد الصدر دام ظله دعماً لمشروعه الوطنيّ الإصلاحي، وقد حان الآن وقت الاعتذار والانسحاب، شكراً لسماحته ولتحالف إنقاذ الوطن على ثقتهم».

وفي تطور مواز، وجه الصدر في اليوم نفسه، بإغلاق جميع مؤسسات التيار الصدري في العراق، باستثناء 6 فقط.

في غضون ذلك، طمأن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أمس، زعيم التيار الصدري بأن قواته لن تكون طرفاً في أي معركة سياسية ولن يكون أداة للتسلط أو القمع، مضيفاً: «الحشد حام للعراق مع القوات الأخرى، ولن يكون جندياً لحكومة أو أفراد، بل طرفاً حافظاً للسلم الأهلي والأمن». وتابع الفياض: «أوجه كلامي للسيد مقتدى الصدر الحشد الشعبي سيدافع عن الدولة، ولن نسمح لأحد بإسقاط الدولة».

وفي رسالة لقيادة الهيئة، أمس الأول، أثنى الصدر على فتوى تأسيس الحشد في يونيو 2014 بعد سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة الموصل، ودعا إلى فصله عن الفصائل المسلحة وتنظيم قياداته والالتزام بالمركزية وتصفيته من المسيئين ورفض زجّه بالسياسة والتجارة والخلافات والصراعات السياسية وما شاكل ذلك.

back to top