الأم وحماية أبنائها

نشر في 10-06-2022
آخر تحديث 10-06-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب علاقة الأم بأبنائها لا مثيل لها، علاقة متفردة مبنية على الحماية والرعاية والحب اللا متناهي غير المشروط، وحماية الطفل يعد سلوكاً يجمع بين الحب والاهتمام والخوف على الطفل، ولا تعني الحماية مساعدة الطفل ومساندته والدفاع عنه حين يكون في موضع خطر فقط، بل تتنوع أساليب وطرق الحماية من أبسطها، وهي توفير الأكل الصحي له حماية لصحته البدنية والعقلية، إلى حمايته من الانجراف في التصرفات المغلوطة أو الصداقات المضرة وغيره.

حماية الأم للطفل ودعمه في جميع الظروف سلوك تشترك فيه جميع الأمهات إلا ما ندر، وهو سلوك يجعلها تشعر بالفخر بذاتها كونها تستطيع أن توفر الحماية المطلوبة لأبنائها، وعلى الطرف الآخر نجد أن الطفل ينتظر ذلك ويتوقعه، والبعض منهم يطلبه صراحة، ويشعر بالحزن والإحباط إذا كانت الحماية مهددة أو ليست كما يتوقع ويتمنى.

وإن كانت الحماية تجعل الطفل غالباً ما يشعر بالراحة والسعادة، فإنها قد لا تكون دائما كذلك، فقد يكون منعه من الحصول على ما يريد أو منعه من القيام بعمل ما في مواقف معينة على الرغم من أنه يوفر له الحماية المطلوبة، إلا أنه يجعله يشعر بالإحباط أو الحزن أو حتى الغضب، فمنع الطفل من الخروج للعب وقت الدراسة أوضح دليل على ذلك وغيره الكثير.

ومن البدهي أن تحتاج الأم إلى أن تكون قوية واثقة من نفسها محبة لأبنائها حازمة بحب مع بعض المرونة؛ حتى تستطيع أن تمارس دورها المهم وتستطيع حماية الطفل وتربيته التربية الصحيحة، لكن ماذا لو كانت الأم تتعرض للاعتداء الجسدي أو اللفظي أو قلة الاحترام من الأب على سبيل المثال؟ في هذه الحالة يصعب عليها القيام بأداء أدوارها المطلوبة منها لحماية الطفل بأريحية واقتدار، فعلى سبيل المثال لن يستمع الطفل لأم قد شاهد الأب وهو يهينها ويحقرها أو حتى يضربها خصوصا إن كانت لا تدافع عن نفسها، فكيف لها أن تحمي أطفالها إن لم تستطع حماية نفسها؟

وبالمثل لو كان هناك اختلاف في المبادئ والمعايير بين الأبوين فإنه من الصعب على الأم أن تمارس دورها بدقة وبطريقة صحيحة، فالقوانين التي تضعها لحماية الطفل قد تواجه برفض أو حتى استهزاء من الأب وهكذا، ومن المهم بمكان أن نتذكر دور بعض الجدات على وجه الخصوص، فتدخلهن في تربية الأطفال على الطريقة التي يحسبنها مناسبة، قد تجعل الطفل فاقداً للثقة بأمه أو رافضاً لها لأنها باختصار ليست على هواه وكما يريد كما هي قوانين الجدة.

ويجب ألا ننسى أن التفرقة بين الأبناء في التنشئة لها تأثير مباشر على مدى تقبل الطفل لقوانين الحماية التي تفرضها عليه الأم أو الأبوان معاً، فحينما يشعر الطفل أنه أقل من إخوته في حب الأم خاصة وفي اهتمامها نجده يفقد ثقته بتعاملها معه ويشكك بمدى حبها له، وبالتالي ينعكس ذلك على مدى تقبله للقوانين التي توضع لصالحه ويرتاب فيها ويرفضها.

باختصار، إن بناء جسر قوي من الثقة والحب والاحترام المتبادل بين الطفل ووالديه مهم جداً لسهولة تفهم الطفل وتقبله للمعايير والقوانين التي يطلب منه الالتزام بها والحفاظ عليها حماية له في كل مراحل حياته.

● د. نبيلة شهاب

back to top