توتر واستفزازات في القدس خلال «مسيرة الأعلام»

بينيت يطلق يد الشرطة ونتنياهو يزيد الوضع اشتعالاً
الفلسطينيون يتصدون لاستفزازات «مسيرة الأعلام» الإسرائيلية
نتنياهو وبن غفير يتقدمان المتشددين... والرئاسة الفلسطينية تتهم تل أبيب باللعب المتهور بالنار

نشر في 29-05-2022 | 18:48
آخر تحديث 29-05-2022 | 18:48
رغم الوضع المتشنج والتحذيرات الدولية من انفجار الأوضاع في الأراضي المحتلة، انطلقت «مسيرة الأعلام»، التي ينظمها الإسرائيليون سنوياً في ذكرى احتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس، بتشجيع من رئيس الحكومة المتطرف نفتالي بينيت ومشاركة نادرة لسلفه بنيامين نتنياهو والنائب المثير للجدل إيتمار بن غفير.
في ظل أجواء مشحونة تلت أسابيع من التوترات والمواجهات الدامية، نقضت إسرائيل جميع المواثيق الدولية وتحدت الوساطات الدولية ونظمت «مسيرة الأعلام» الاستفزازية السنوية، التي يحيي فيها المستوطنون المتطرفون وجماعات الهيكل المزعوم ذكرى احتلال شطر القدس الشرقي خلال حرب 1967، والذي ضمته لاحقاً في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

وفي ظل مواجهة شرسة من الفلسطينيين تخللتها عملية طعن في القدس المحتلة، انطلقت مسيرة المستوطنين من شارع يافا في الجزء الغربي من القدس بالهتافات والغناء والرقص بالأعلام ودخلت البلدة القديمة عبر باب العامود الواصل إلى السوق العربي والحي الإسلامي، قبل أن تصل إلى الحائط الغربي، وهو آخر ما تبقى، بحسب اليهود، من آثار معبدهم الذي دمره الرومان عام 70م.

واحتشد مئات الفلسطينيين منذ ساعات الفجر داخل المسجد الأقصى وأدوا صلاة الفجر بداخله في ظل شكاوى من تقييد دخولهم إلى داخل باحات المسجد، وأقفل معظم التجار أبواب محالهم، في الحي الإسلامي من المدينة القديمة، ولم يخرج السكان إلى الشارع ورفعوا العلم الفلسطيني على أسطح منازلهم.

وفي حين حلّقت طائرات سلاح الجو في سماء قطاع غزة طوال مدة مسيرة الأعلام وبعدها، عزز الجيش الإسرائيلي منظومة الدفاع الجوي بالمزيد من بطاريات «القبة الحديدية» في إطار الاستعداد لاحتمال إطلاق فصائل المقاومة قذائف صاروخية من قطاع غزة أو جنوب لبنان.

وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان تنفيذه وقوات من جهاز الأمن الداخلي وحرس الحدود «عمليات استباقية ووقائية» في الضفة الغربية أفضت إلى اعتقال مشتبه بهم «لضلوعهم في أنشطة إرهابية».

وتوقعت القناة 13 الإسرائيلية عدة سيناريوهات لمسيرة الأعلام أبرزها إطلاق صواريخ من الحدود الشمالية وقطاع غزة ومواجهات في القدس والضفة والمدن المختلطة المعروفة بأراضي 48، مشيرة خصوصاً إلى تهديدات الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصر الله من الشمال وحركة حماس من غزة.

ووضعت الشرطة الإسرائيلية قواتها في حالة تأهب قصوى وجندت 3 آلاف عنصر لتأمين الموكب وحشدت قوى الأمن بكثافة في نقاط مختلفة من القدس الشرقية وفي مدن الضفة الغربية خصوصاً اللد، التي شهدت مسيرة موازية تخللها الاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وبيت لحم والخليل ونابلس ورام الله وغيرها من المناطق، التي تعرضت لحملة مداهمات واقتحامات.

وفي حين انطلقت مسيرات فلسطينية موازية في الأراضي المحتلة والمدن المختلطة، اندلعت مواجهات على طول شوارع مدينة القدس الحجرية الضيقة في محيط جامعة «أبو ديس»، وفي 7 نقاط تماس بالضفة وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت، والرصاص المعدني المغلف بالمطاط خلالها، ما أسفر عن إصابة واعتقال العشرات ومحاصرة العشرات في المصلى القبلي.

نتنياهو وبينيت

وفي حضور نادر لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو بالإضافة إلى الحاخام يهودا غليك وعضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، اقتحم عدد قياسي من المستوطنين فاق 1800 شخص تحت حماية الشرطة المسجد الأقصى وباحاته على شكل مجموعات وأدوا طقوسهم التلمودية وسجدوا على الأرض ورفعوا الأعلام الإسرائيلية واشتبكوا مع المرابطين الفلسطينيين داخل الحرم القدسي.

وزاد نتنياهو الأوضاع اشتعالاً في المسجد الأقصى بزيارته «حائط البراق» ورفعه علم إسرائيل وتأكيده أنه يحتفل بيوم توحيد مدينة القدس.

وقال بن غفير: «جئت لأؤكد أننا نحن دولة إسرائيل أصحاب السيادة» في المدينة، و»لدعم القوى الأمنية في فرض النظام في جبل الهيكل».

بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي اختار استراتيجية معاكسة لسياسة نتنياهو في التهدئة مع حركتي «فتح» و»حماس»، أن التلويح بالعلم الإسرائيلي في مدينة القدس هو أمر طبيعي.

وقال بينيت، خلال اجتماع حكومته قبيل انطلاق مسيرة: «في هذا اليوم نتعهد بأن القدس لن تقسم أبداً»، مضيفاً: «نحيي يوم القدس ليس فقط وحدة عاصمتنا فحسب ولكن أيضاً وحدة شعبنا».

ومع تصاعد التوتر، قال الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ: «إننا جاهزون اليوم، ومستعدون لأي سيناريو».

لعب بالنار وحرب دينية

في المقابل، حذرت الرئاسة الفلسطينية من تصعيد ميداني خطير على خلفية ما يجرى في القدس، معتبرة أن إسرائيل «تلعب بالنار بلا مسؤولية وبتهور شديد» من خلال السماح بتدنيس المقدسات في القدس.

واتهم المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إسرائيل بأنها «تستهتر بالمجتمع الدولي، ولا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وتعتبر نفسها فوق القانون»، مطالباً المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأميركية بتحمل مسؤولياتها، تجاه ما يجري وعدم التعامل بازدواجية.

من جهتها، دانت الخارجية الأردنية السماح لمتطرفين وأحد أعضاء الكنيست باقتحام المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، محذرة من تفاقم الأوضاع بالسماح بعد المسيرة الاستفزازية والتصعيدية في القدس المحتلة.

وقال الناطق باسم الوزارة هيثم أبوالفول إن «اقتحامات المتطرفين وتصرفاتهم الاستفزازية، التي تتم بحماية من الشرطة الاسرائيلية، تُعدّ انتهاكاً للوضع التاريخي والقانوني القائم، وللقانون الدولي».

وشدد على أنّ «المسجد الأقصى المبارك والحرم القُدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأنّ إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه».

تأهب واستنفار

بدورها، أعلنت الفصائل في غزة حالة التأهب والاستنفار وأكدت أنه لا يمكن للمقاومة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام انتهاكات الاحتلال، داعية إلى «الخروج إلى الشوارع رافعين العلم الفلسطيني، والاشتباك المفتوح مع العدو في نقاط التماس».

وبينما أكدت حركة «فتح» أنها ستبقى تدافع عن المسجد الأقصى المبارك والمقدسات مهما كان حجم التضحيات، اعتبر الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم أن مسيرة الأعلام «استفزاز حقيقي وكبير وعبث بصواعق تفجير سبق أن تسببت في إشعال معركة سيف القدس»، خلال حرب غزة الأخيرة.

والعام الماضي، وبعد أسابيع من التوترات والمواجهات في القدس، أطلقت حركة حماس في يوم المسيرة وابلا من الصواريخ ردت عليها إسرائيل بشن هجوم عسكري واسع النطاق على غزة استمر 11 يوماً وأسفر عن مقتل أكثر من 255 فلسطينياً مقابل 13 شخصا في إسرائيل.

وفي مارس وأبريل الماضيين، وقعت مواجهات في محيط الأقصى، نجم عنها سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى بين الفلسطينيين.

الجيش الإسرائيلي يجند الآلاف ويعزز «القبة الحديدية» تحسباً لسيناريو مواجهة مع الفصائل
back to top