«الدولار القوي» يهدد بدفع الاقتصاد العالمي إلى تباطؤ أكثر عمقاً

نشر في 16-05-2022
آخر تحديث 16-05-2022 | 00:00
الدولار القوي
الدولار القوي
يدفع صعود الدولار الأخير بالاقتصاد العالمي نحو تباطؤ أكبر، بسبب زيادة تكاليف الاقتراض وإذكاء تقلبات الأسواق المالية.

وارتفع مقياس الدولار الذي تتم مراقبته عن كثب بنسبة 7 في المئة منذ يناير إلى أعلى مستوى في عامين، بعد أن شرع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة للحد من التضخم، وقد لجأ المستثمرون لشراء الدولار كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي، وفق تحليل لوكالة "بلومبرغ".

ويساعد ارتفاع العملة بنك الاحتياطي الفدرالي على خفض الأسعار، ودعم الطلب الأميركي على السلع من الخارج، لكنه يهدد أيضًا برفع أسعار الواردات للاقتصادات الأجنبية، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم فيها، واستنزاف رأس المال.

هذا الأمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة للاقتصادات الناشئة، التي تضطر إما إلى السماح لعملاتها بالضعف، أو التدخل لتهدئة انحدارها، أو رفع أسعار الفائدة في محاولة لدعم مستويات صرف العملات الأجنبية لديها. وقد قامت كل من الهند وماليزيا برفع أسعار الفائدة بشكل مفاجئ هذا الشهر، وتدخلت الهند أيضاً في السوق لدعم سعر الصرف.

كما أن الاقتصادات المتقدمة ليست بمنأى أيضاً، ففي الأسبوع الماضي، سجل اليورو أدنى مستوى جديد له في خمس سنوات، وضعف الفرنك السويسري ليبلغ نقطة التكافؤ مع الدولار لأول مرة منذ عام 2019. كما بلغ الين مؤخراً أدنى مستوى له في عقدين.

وقال تولي ماكولي، رئيس اقتصاديات آسيا والمحيط الهادئ في Scotiabank: "إن الوتيرة السريعة لرفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفدرالي تسبب مشاكل للعديد من الاقتصادات الأخرى في العالم، مما أدى إلى نزوح رأس المال وضعف العملة"، بحسب ما نقلته "بلومبرغ".

من المتوقع أن يتوقف النمو العالمي بشكل أساسي هذا العام مع دخول أوروبا في ركود، وتباطؤ الصين بشكل حاد، وتشديد الأوضاع المالية الأميركية بشكل كبير، وفقاً لتوقعات جديدة من معهد التمويل الدولي.

ويرى الاقتصاديون في "مورغان ستانلي" أن النمو هذا العام قد يكون أقل من نصف وتيرة 2021.

مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وسط التقلبات العالمية المستمرة - من الحرب في أوكرانيا إلى عمليات الإغلاق في الصين بسبب تفشي كورونا - بدأ المستثمرون في البحث عن الأمان.

وقال كلاي لوري، مساعد وزير الخزانة الأميركي السابق للشؤون الدولية، والذي يعمل حاليًا نائبا للرئيس التنفيذي في معهد التمويل الدولي: "لطالما كانت الولايات المتحدة ملاذًا آمنًا... ومع ارتفاع أسعار الفائدة، يمكن أن يتدفق المزيد من رأس المال إليها، وقد يكون ذلك ضارًا بالأسواق الناشئة".

وشوهدت تدفقات خارجية بقيمة 4 مليارات دولار من الأوراق المالية للاقتصادات الناشئة في أبريل، وفقاً لمعهد التمويل الدولي. كما تراجعت عملات تلك الأسواق.

ويقول العديد من المصنّعين إن التكاليف المرتفعة التي يواجهونها تعني أنهم لا يحصلون على الكثير من الأرباح.

وتوقعت شركة تويوتا انخفاضًا بنسبة 20 في المئة في الأرباح التشغيلية للسنة المالية الحالية، رغم إعلان مبيعات سنوية قوية للسيارات، مشيرة إلى "ارتفاع غير مسبوق في تكاليف الخدمات اللوجستية والمواد الخام".

من ناحية أخرى، انخفض اليوان الصيني مع انسحاب التدفقات القياسية لرؤوس الأموال من الأسواق المالية في البلاد. وفي الوقت الحالي، لايزال "الرنمينبي" بمعزل عن التأثير الأوسع للدولار، حيث يسمح التضخم المنخفض في الداخل للسلطات بالتركيز على دعم النمو.

قال ألفين تان، المحلل الاستراتيجي في رويال بنك أوف كندا في سنغافورة: "التحول المفاجئ الأخير في اتجاه الرنمينبي له علاقة بالتوقعات الاقتصادية المتدهورة للصين أكثر من سياسة بنك الاحتياطي الفدرالي. لكنه أدى بالتأكيد إلى فصل الدرع الذي يعزل العملات الآسيوية عن ارتفاع الدولار وعجّل بالضعف السريع للعملات الآسيوية في الشهر الماضي"، وفقاً لـ"بلومبرغ".

back to top