الإهمال والتقصير والأخطاء الطبية

نشر في 22-04-2022
آخر تحديث 22-04-2022 | 00:02
 د. فهد مرزوق العنزي المسؤولية الملقاة على عاتق القائمين على مرفق الصحة في غاية الأهمية والخطورة، لتعلقها بصحة الناس وحياتهم، ولها جوانب إنسانية وأخلاقية ومهنية وقانونية مما يلزم معه ضرورة رقابة ورصد أداء هذا المرفق الحيوي، فالطبيب يجب أن يحظى بكل صنوف الاحترام والتقدير وحمايته من الإساءة والتشهير أو التشكيك في كفاءته التي قد يتعرض لها دون وجه حق.

ووقوع الأخطاء الطبية أو التقصير أو الإهمال في حقل الصحة أمر وارد وليس نادر الحدوث، ويحدث في أعرق المستشفيات بالدول المتقدمة، حيث تقع أخطاء طبية منها الفادح والبسيط قد تودي بحياة المريض أو تتسبب بحدوث إعاقة ما، وفي الكويت نظم القانون 70 لسنة 2020 بشأن مزاولة مهنة الطب والمهن المساعدة وحقوق المرضى والمنشآت الصحية ما يطلق عليه في بعض النظم القانونية الأخرى الموافقة بعد التبصير، فأكدت المادة العاشرة من القانون المذكور أن للمريض الحق في تبصيره بكل أمانة ودقة بكل ما يتعلق بحالته الصحية، وعلى الطبيب تحري الدقة والصدق والأمانة في إخباره بالحالة المرضية وطبيعتها ومراحلها وأسبابها ومضاعفاتها المحتملة غير النادر حدوثها خلال العمل الطبي أو بعده، والإجراءات التشخيصية والأساليب العلاجية وفوائد ومخاطر كل منها، وتعريفه بالبدائل المناسبة والخيارات المتاحة بطريقة مبسطة ولائقة وواضحة، وذلك بالقدر الذي تسمح به حالته الجسدية والنفسية، وبناء على ذلك لا يتحقق ما يطلق عليه مفهوم الموافقة المستنيرة إلا إذا قام الطبيب بتبصير المريض في ثلاثة جوانب: التبصير في التشخيص، والتبصير في العلاج، والتبصير اللاحق للعلاج، والمضاعفات المحتملة غير النادرة خلال العمل الطبي وبعده. والأجهزة المعنية في الدولة وكذلك الكوادر القانونية والطبية مدعوة إلى مراجعة تطوير الإجراءات والتشريعات التي تعزز منظومة الحماية الصحية وتحكم الممارسات الطبية بحيث تحقق الملاءمة والتوازن بين حقوق ومسؤوليات المريض والطبيب في آن واحد إلى جانب توفير مدن طبية ومرافق طبية مجهزة بأحدث الأجهزة والأنظمة والمعدات. فالمراجعة التي نقترحها تهدف إلى سد الثغرات في القوانين المعمول بها بحيث توفر الحماية للطبيب إلى جانب توفير العدالة لضحايا الأخطاء الطبية، من خلال إدراك وتوضيح الفرق بين مفاهيم التقصير والإهمال الطبي والمضاعفات الطبية بحيث يكون هذا التوضيح متوافقاً مع المعايير والمقاييس المعمول بها عالميا.

ومن الملاحظ أن القانون 70 لسنة 2020 بشأن مزاولة الطب والمهن المساعدة وحقوق المرضى والمنشآت الصحية قد خلا من أية إشارة فيما يتعلق بوضع الأنظمة والضوابط المسماة «البروتوكولات الطبية» التي تتفق مع المعايير الدولية المعمول بها، والتي تفرض على الأطباء ومقدمي الخدمة الطبية التقيد بها ومن خلالها يتم على أساسها تقديم الخدمة الطبية للمريض، ومعرفة نشوء الخطأ والإهمال الطبي من عدمه.

ضرورة النص في القانون بشكل واضح على إلزام المستشفيات والعيادات الطبية، التي تقدم خدمات صحية بضرورة توفير بوليصة تأمين للأطباء تغطي قيمة تعويض المريض وعائلته في حالة حدوث خطأ طبي، ولا يجوز تحميل الطبيب المسؤولية إلا بعد التيقن من توافر البيئة الملائمة والظروف المناسبة تجنبا للإرهاق الذي يسبب الإرباك، ويرفع من احتمال وقوع الخطأ، ولا بد من التوضيح أن الخطأ قد يكون ناتجا عن أسباب إدارية أو نقص في الكوادر المعاونة أو نقص في الأدوية مثلا.

وتمنياتنا لكل المعنيين بالقطاع الصحي في البلاد بالتوفيق والسداد، داعين الله أن يعينهم على أداء مهامهم المقدسة على أحسن وجه.

د. فهد مرزوق العنزي

back to top