احتجاجات بلا قيادة في سريلانكا

على المستوى التكتيكي، سيكون غياب القيادة مؤثراً على المدى القريب أيضاً، فخلال احتجاج 31 مارس الذي أجّج المظاهرات، تفوّقت قوى الأمن عددياً على المحتجين منذ الساعات الأولى من يوم 1 أبريل بسبب غياب التنسيق في طريقة توزيع المتظاهرين، مما أدى إلى اعتقال أعداد كبيرة منهم، وهذا الوضع يكشف طبيعة المخاطر الناجمة عن غياب القيادة المنظّمة والبارعة استراتيجياً، فوقعت حوادث مماثلة خلال تحركات احتجاجية أخرى كانت تفتقر إلى القيادة حول العالم، مثل الانسحاب السريع من مطار هونغ كونغ في عام 2019. لطالما كان تنظيم الحركات الاجتماعية التي تتكل على قيادة واضحة يتطلب وقتاً طويلاً، احتاجت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة إلى عشر سنوات قبل أن تصل إلى واشنطن، وفي سريلانكا احتاج حزب «جاناثا فيموكثي بريمونا»، حين كان في ذروة مهاراته التنظيمية، إلى خمس سنوات تقريباً لتنظيم حركة ضد حكومة «الحزب الوطني المتحد» الذي يفتقر إلى الشعبية، وأمضى المعلمون في سريلانكا نحو عقد من الزمن وهم ينظمون العمل النقابي الذي مهّد لرفع أجورهم. على صعيد آخر، تكون مواقع التواصل الاجتماعي فاعلة جداً لإنشاء حركات اجتماعية سريعة رغم غياب القادة أو السياسات الملموسة، لكن يبقى تحويل قوة الاحتجاجات العفوية إلى تغيير سياسي حقيقي هدفاً مختلفاً بالكامل، لا سيما إذا تزامن مع مقاومة مطوّلة من أصحاب السلطة. أصرّ الرئيس راجاباكسا على التمسك بمنصبه، ويسهل أن تخسر الجهات التي تطالب باستقالته تركيزها ووجهتها وفرصة إحداث تغيير فعلي نظراً إلى غياب الهياكل والقادة لإقناع الناس بالنزول إلى الشارع مع مرور الأيام.كي تُحقق الاحتجاجات أهدافها إذاً، يجب أن يدرك المحتجون العفويون أهمية التعاون مع الأحزاب السياسية المعارِضة، ويجب أن تقود هذه الأحزاب الاحتجاجات لإحداث تغيير إيجابي بدل أن تستغلها فئات قوية من المجتمع لمصلحتها، وفي نهاية المطاف، يُفترض أن ينبثق قادة حقيقيون من الاحتجاجات لتحويل مشاعر المواطنين المحتدمة إلى تغيير مثمر. * راثيندرا كورويتا