هل يتحقق السلام في اليمن أخيراً؟

نشر في 11-04-2022
آخر تحديث 11-04-2022 | 19:00
 بروكينغز لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُقِرّ بوساطة الأمم المتحدة في اليمن صامداً على ما يبدو، وهو يوقف حرباً بدأت منذ سبع سنوات، وتعكس هذه الهدنة طبيعة ميزان القوى ميدانياً، حيث يسيطر المتمردون الحوثيون الشيعة الزيديون على صنعاء ومعظم مناطق شمال اليمن، وتشير جميع المعطيات إلى انتصارهم، وتنقسم بقية مناطق البلد إلى محافظات صغيرة، وفي غضون ذلك، نجحت إيران في ترسيخ مكانتها في شبه الجزيرة العربية.

اتفق الحوثيون والسعوديون في الأسبوع الماضي على وقف إطلاق النار طوال شهرَين تزامناً مع بدء شهر رمضان المبارك، ويمكن تمديد هذه الهدنة بالتراضي، ورُفِع الحصار السعودي عن واردات الوقود، وتم تفريغ حمولة أول سفينة في ميناء الحديدة، ومن المنتظر أن تُسهّل هذه العملية تسليم الأغذية والأدوية ومساعدات أخرى إلى الشعب اليمني، كذلك، رُفِع الحصار عن مطار صنعاء لتنظيم بعض الرحلات التجارية أسبوعياً ويبدو أنها ستتجه إلى القاهرة وعمّان.

يستحق مفاوضو الأمم المتحدة، بقيادة المبعوث الخاص السويدي هانز غروندبرغ، الإشادة نظراً إلى دورهم في إقرار أول اتفاق لوقف إطلاق النار منذ السنة الثانية من الصراع في عام 2016، فقد صمّم غروندبرغ «إطار عمل» لإطلاق المفاوضات، وهو يتجاهل قرارات مجلس الأمن التي تدعو الحوثيين إلى تسليم أسلحتهم والتنازل عن الأراضي، وأعلن الحوثيون وقف إطلاق النار لفترة قصيرة وبشكلٍ أحادي الجانب قبل اتفاق الأمم المتحدة، ويبدو أنهم أصبحوا أكثر انفتاحاً اليوم على عقد هدنة تضمن رفع الحصار جزئياً.

رحّب الرئيس الأميركي جو بايدن بهذا الاتفاق علناً وأشاد بدور الأمم المتحدة وسلطنة عُمان، فضلاً عن الحكومتَين السعودية واليمنية، وسهّل العمانيون التواصل مع المتمردين، ومن الواضح أن السلطان العماني هيثم يسير على خطى سلفه اللامع قابوس الذي كان دبلوماسياً بارعاً ولطالما حاول تخفيف الاضطرابات الإقليمية.

عمد فريق بايدن من جهته إلى تغيير سياسة إدارة ترامب التي كانت ترتكز على منح دعم شامل وغير مشروط للتدخل السعودي في اليمن، وقد كان هذا النهج خاطئاً جداً، فمنذ سنة، دعا بايدن علناً إلى إنهاء الحرب وعلّق بعض المساعدات العسكرية الهجومية إلى السعودية، لكن لم يكن موقفه كافياً لإرضاء منتقديه في الكونغرس، وأعطت معارضة الكونغرس لاستمرار المساعدات الأميركية إلى المملكة أصداءً قوية في الرياض، وسهّل هذا الوضع إقرار وقف إطلاق النار.

يسمح اتفاق وقف إطلاق النار للحوثيين بالاحتفاظ بصواريخهم وطائراتهم المسيّرة التي استعملوها لقصف المدن السعودية والإماراتية والبنية التحتية الخاصة بقطاع الطاقة وتقبّل السعوديون، ولو في مرحلة متأخرة، عجزهم عن منع هذه الضربات واعترفوا بأنهم يُضعِفون بهذه الطريقة ثقة المستثمرين بالمملكة، فقد سبق أن توصّل الإماراتيون إلى هذا الاستنتاج في وقتٍ سابق من هذه السنة.

تستفيد إيران من هذه الهدنة أيضاً، حيث تملك طهران مكانة راسخة في شبه الجزيرة العربية التي تُطِلّ على مضيق باب المندب الاستراتيجي بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

يتمسك الحوثيون باستقلاليتهم ولا يخضعون لسيطرة إيران لكنهم أصبحوا أقرب إلى طهران، لا سيما الحرس الثوري الإيراني، مما كانوا عليه في بداية التدخل السعودي قبل سبع سنوات.

يبقى اتفاق وقف إطلاق النار هشاً، فهو مُعرّض للانهيار من دون سابق إنذار، إذ تتعدد الجهات التخريبية في البلد، منها تنظيم «القاعدة»، وبعض أمراء الحرب المستقلين، وأطراف أخرى تريد أن تستمر الحرب، ويبدو أن تحويل هذه الهدنة إلى عملية سياسية سيطرح تحدياً هائلاً على الجميع، ومن الأفضل إذاً التركيز على اتخاذ خطوات قصيرة الأمد مثل زيادة الرحلات الجوية من صنعاء لإجلاء المصابين، ويجب أن تُعطى الأولوية في المرحلة المقبلة لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار إلى أجل غير مُسمّى.

* بروس ريدل

Brookings Institution

back to top