دشداشة... تعال استلم عقب العيد!!

نشر في 07-04-2022
آخر تحديث 07-04-2022 | 00:05
 د. سلطان ماجد السالم أضحت جملة «تعال استلم بعد العيد» هي الدارجة الآن في أوساط الخياطين ولدى كل تاجر أقمشة (بزاز) يتعامل مع محل خياطة داخل العاصمة في (شرق) وصولاً إلى الفحيحيل جنوباً وامتداداً إلى الجهراء غرباً، ولا يستطيع الكويتي أن يفصل لباسه الوطني الممثل بـ»الدشداشة» وذلك نتيجة أزمة عرفت منذ قرابة العشرة أيام على مستوى الإعلام المحلي بـ»أزمة الخيايط»!! وهي فعلا أزمة خاصة لدى الكثيرين الذين اعتادوا على ارتداء اللباس الوطني بالمناسبات كرمضان وعيد الفطر فقط، وتكون هذه الفترة حرجة بالنسبة لهم.

ولكن يا ترى ما الذي حصل وجرى وجعل الدشداشة المفصلة التي اعتاد الناس أن يتسلموها من الخياطين بعيد أيام فقط مادة كتلك المتوافرة في الأسواق السوداء؟! سأستعرض في هذا المقال وعلى عجالة بعض المحطات التي جعلت الدشداشة سلعة ثمينة في شهر رمضان المبارك لسنة 2022 من وجهة نظري الشخصية.

لطالما اعتمد المجتمع الكويتي ومنذ الأزل على العمالة الوافدة التي شكلت حجر أساس في نهضة الدولة إلى جانب الأيدي العاملة الوطنية، وذلك أمر طبيعي وبدهي، خصوصاً في مجتمع يافع (مدني) ما بعد ثورة النفط، فالوافد يعمل في مجالات شتى أغلبها لا يدخل فيها المواطن، والذي أخذ شيئا فشيئا في الدخول والانخراط بالأعمال الإدارية أو النوعية، وكل هذا أيضا بدهي وطبيعي في مجتمع ذي خصوصية كالمجتمع الكويتي، لكن ومنذ فترة تمتد الى عقود من الزمن، أصبح هناك بعض المطالبات بتعديل التركيبة السكانية في الدولة ليكون عدد المواطنين أكثر من 50-70٪ وهذا أمر حميد أيضا وجيد ولا خلاف عليه، ولكن شرط أن يتم بدون امتهان لكرامات الناس وبخس لحقوقهم والاتجار بهم، وكذلك الحط من قيمتهم الإنسانية.

تعديل التركيبة السكانية يجب أن يتم على «أصول» وأسس ودراسة جادة حقيقية لسوق العمل تبدأ بالمجالات التي يمكن للكويتي أن يحتكرها بمهنية عالية دون الحاجة إلى عون من الخارج، وعليه تصبح المسألة مع الأيام مسألة تطوير خبرات وكوادر لتصدير خبرات عالية الكفاءة، ومن جهة أخرى وجب العمل على استبدال واستعواض الكوادر شيئا فشيئا في المجالات المحتكرة للوافدين، ودخول العنصر الوطني بتأن وعناية فائقة ليصبح مع مرور الزمن قادراً على أن يعمل مكان الوافد في ذاك المجال بسهولة.

تعديل التركيبة السكانية يجب ألا يخضع لأصوات النشاز العنصرية، ويجب أن يكون قراراً مدروساً على حسب معطيات سوق العمل، ولك أن تتخيل الحال عزيزي القارئ ما الذي سيحصل لسوق العمل والعمالة في الدولة (وبحسب آخر الإحصاءات لعام 2020) إذا قرر أحدهم أن يجتث نصف عدد الهنود الوافدين البالغين مليونا ومئة ألف هندي أو 670 ألف مصري أو 100 ألف لبناني حسب المؤهل العلمي أو السن؟!!

أرجع وأكرر بأن تعديل التركيبة السكانية أمر مستحق وحميد إذا ما تم على أسس سليمة وعلى (حسب الأصول) لا أن يتم تضييق العيش على من يكاد أن يجمع قوت يومه بسبب ضنك العيش وتراكم مسؤوليات الحياة، وقطعا لا يتم تحديد المسألة بعمر محدد كما كانت الحال مؤخراً في الكويت ليتفاقم العامل النفسي مع صعوبة تغطية متطلبات الحياة على كبار السن من العمالة الوافدة والتي يشكل الخياطون نسبة عالية منهم.

وعليه ورويداً رويداً أصبحت الدشداشة كالخِل الوفي أو العنقاء في حقبة ما بعد كورونا!! وهذه رسالة للمسؤولين فحواها وجوب تعديل التركيبة، ولكن من بعد دراسة مستفيضة لسوق العمل مع حفظ حقوق العمال دون النظر الى جنسياتهم وأعمارهم، لأن ما يحصل مع الخياطين سيحصل مع مهن أخرى حتما في قادم الأيام.

على الهامش:

رئيس الوزراء فقد شعبيته منذ زمن بعيد وها هو بعد إعلان 26 نائبا عدم التعاون يعزل من قاعة عبدالله السالم بإرادة الأمة، ولكن تغيير الوجوه ليس مطمع الشعب ولا طموحه، بل تغيير النهج وطريقة تعامل الحكومات المتعاقبة مع مشاكل الشعب، فالأمة مصدر السلطات وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

د. سلطان ماجد السالم

back to top