للحقيقة أوجه عدة

نشر في 05-04-2022
آخر تحديث 05-04-2022 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم ‏هل الحقيقة الواحدة تحتمل وجوهاً متعددة؟

‏حيَّرني السؤال، بعد أن أمضيت أمسية كاملة أشاهد فيها الاستجواب الذي تقدَّم به عدد من النواب لرئيس الوزراء، وإجاباته عليهم، وكذلك الجانب القانوني الذي أعدَّه المدافع عن رئيس الوزراء - النائب عبيد الوسمي، مما دفع بي أن أبحث عن مثل هذه الظواهر في التاريخ الإنساني.

***

‏‏• وبما أنني ممن يهتمون بالدراما والمسرح، ولديَّ إلمام - بسيط - بالأدب، فإن هذا الاستجواب الذي تابعته منذ أيام أوقفني أمام حكاية يابانية شهيرة (راشمون)، هي عبارة عن جريمة تحدث في غابة، ولما بدأ البحث في حدوثها ظهرت لها - أثناء التحقيق - أكثر من حقيقة. والغريب أن كل الحقائق التي ظهرت لا تجانب الصواب، مما يدفع بالقارئ لأحداثها أن يؤمن بأن الحقيقة حمَّالة أوجه.

‏* والمتابع للأعمال الدرامية للمبدع بيراندللو سيكتشف أنه أكثر الكُتاب الذين يؤكدون أن الحقيقة الواحدة حمَّالة أوجه، ولا يتسع المجال لضرب الأمثلة التاريخية.

‏***

‏- فتبيَّن لي أن ما تقدم به النواب من أخطاء يتحمَّل مسؤوليتها رئيس الوزراء كانت حقيقة!

‏- وتفنيد رئيس الوزراء برفضه لكل ما ذكره النواب يكاد يلامس الحقيقة!

‏- والرأي القانوني الذي ساقه رجل القانون، والرافض للاستجواب، والداحض لكل ما قاله النواب، من وجهة نظر القانون، لا أملك غير أن أسلِّم به كحقيقة!

‏***

‏فأين هي الحقيقة؟ ومَنْ الرابح ومَنْ الخاسر في هذا كُله؟

‏ربما لقصور في فهمي، واستيعابي لمثل هذا الذي يجري في مجلس الأمة منذ عقود من الزمن، وما يحدث فيه من صراعات، ومساومات، وانتهازية، وتصفية حسابات، وممارسات لم تكن سائدة في المجتمع الطيب قبل ما سُمي خطأ بوجود ديموقراطية، فحاش لله أن يكون ما يحدث في مجلس الأمة ديموقراطية، أو يمت إلى الديموقراطية بصلة غير المسمى الشكلي منها، هو الذي أوصل البلد إلى ما هو عليه من كوارث لا حصر لها ولا نهاية.

‏***

‏أعود إلى الاستجواب:

‏- ليس النواب على خطأ!

‏- رئيس الوزراء الذي فند عدم صحة ما وُجه إليه ليس على خطأ!

‏- ورجل القانون لا يرى أن هذا الاستجواب يقوم على حقيقة قانونية.

‏• إذاً… على كاهل مَنْ تقع كل هذه الأهوال والكوارث في البلد؟

‏لم أجد من إجابة غير القول: تقع على كاهل الشعب، الذي ‏ارتضى لنفسه مشاهدة مثل هذه المسرحيات التي تواصل عروضها ‏منذ عقود، رغم كارثية "التأليف" و"التمثيل" و"الإخراج".

د. نجم عبدالكريم

back to top