سمير غانم... فتى الكوميديا الذهبي (3 - 6)

بطل «دو ري مي فاصوليا» يتألق مع شعبولا

نشر في 05-04-2022
آخر تحديث 05-04-2022 | 00:04
تتابعت رحلة الفنان سمير غانم مع فرقة “ثلاثي أضواء المسرح”، وقدَّم مع رفيق مشواره النجم جورج سيدهم، العديد من المسرحيات الناجحة، وافترق الثنائي عام 1981 بعد تعاونهما الفني طوال عشرين عاماً، وحلَّق غانم منفرداً، واصطدم “ملك الارتجال” بالرقابة أثناء عرض مسرحية “جحا يحكم المدينة”. وفيما يلي تفاصيل الحلقة الثالثة:
تحوَّل مسار سمير غانم من البطولة الجماعية إلى كوميديا “النجم الأوحد” وبخبرته المسرحية فطِن إلى التعاون مع نجوم ونجمات من أجيال مختلفة، واستمر خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات يقدِّم أعماله المسرحية من دون توقف، حتى بلغت نحو 15 عملاً مسرحياً، بالتساوي مع أعماله السابقة في فرقة “الثلاثي”.

وحقّق “ملك الارتجال” حضوره في مسرحيات “الموسم الواحد” ذات الطابع الجماهيري، وتنقلت عروضه بين القاهرة والإسكندرية، وأحياناً إلى عواصم عربية من بينها الكويت التي حرص فيها على زيارة المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1984، وفي كل عام كان يقدِّم عرضاً جديداً، واعتمد في ذلك على وفرة النصوص المسرحية، ورغبته في تقديم الجديد لجمهوره، وشغفه بتعدد الأقنعة، وتجسيد شخصيات متباينة.

اقرأ أيضا

موعد مع الوزير

ورغم الضجة التي أحدثتها مسرحية “جحا يحكم المدينة” (1985)، قدّم غانم في العام التالي “موعد مع الوزير” للكاتب مدحت يوسف والمخرج نبيل الهجرسي، وشاركت في البطولة النجمة إسعاد يونس وأحمد صيام وضياء الميرغني وفادية عكاشة وأحمد عقل، واعتمد العرض على مفارقات كوميدية من خلال تعرية بعض سلبيات المجتمع.

وخرجت مسرحية “فارس وبني خيبان” من دائرة “الموسم الواحد” واستمر عرضها ثلاثة مواسم متتالية حتى عام 1990، وتعد من أنجح مسرحيات سمير غانم بعد انفصاله عن “الثلاثي”، وقام بتأليفها الكاتب عبدالرحمن شوقي، وأخرجها حسن عبدالسلام، وشاركت في بطولتها الفنانة دلال عبدالعزيز إلى جانب حنان شوقي وطلعت زكريا وصبري عبدالمنعم ومصطفى رزق وسيد حاتم.

ودارت أحداث المسرحية في إطار كوميدي حول الإدمان وتجارة المخدرات، ولعب سمير غانم دور الصحافي “فارس مهران” الذي يقتحم مغامرة خطيرة، لإثبات براءة إحدى المُعلِمات العائدات من السفر، والمتهمة بحيازة كمية من مخدر الهيرويين، لكنه يقع ضحية لأحد المحتالين، ويتعاطى المخدرات بالخطأ، ويدخل في حالة من فقدان الوعي، ويلجأ إلى الشرطة التي تتمكن من القبض على العصابة.

«المستخبي» و«الحرامية»

وقدّم غانم عملين مسرحيين عام 1991، الأول بعنوان “المستخبي” إخراج محمود عبدالجليل، وتأليف الكاتب والمنتج الشاب ـ آنذاك ـ أحمد الإبياري، وشارك في بطولتها طلعت زكريا وروجينا ورضا حامد وعادل أمين ونصر سيف، والعمل الثاني “الحرامية أهم” تأليف مجدي الإبياري وإخراج عبدالغني زكي، وشارك في بطولتها وحيد سيف وميمي جمال وحنان شوقي.

وفي عام 1992 استأنف “ملك الارتجال” تعاونه مع المؤلف فيصل ندا في مسرحية “صفقة بمليون دولار” إخراج أحمد النحاس، وشارك في بطولتها النجوم المنتصر بالله وسوسن بدر وعبدالله فرغلي وعزة كمال وأحمد صيام، واستمر عرضها عدة أشهر، وتلاها مسرحية “أخويا هايص وأنا لايص” حتى نهاية الموسم.

وشهدت “أخويا هايص وأنا لايص” عودة غانم للتعاون مع المؤلف عبدالرحمن شوقي والمخرج حسن عبدالسلام، وشارك في بطولتها زوجته الفنانة دلال عبدالعزيز ورشوان توفيق وإيفا ورجاء أمين ومحمد التاجي، ودارت المسرحية حول شقيقين جسّد شخصيتهما سمير غانم، أحدهما بالغ الثراء والآخر يعاني الفقر، وتتابع الأحداث في سلسلة من المفارقات الكوميدية.

واستقر نجم الكوميديا على بطولة نص مسرحي آخر بعنوان “أنا والنظام وهواك” عام 1994 للمؤلف عبدالرحمن شوقي، وشارك في البطولة جيهان نصر وفايق عزب، وإخراج المخرج السينمائي حسين كمال، صاحب التجارب الناجحة في المسرح الكوميدي مثل “ريا وسكينة” (1983) مع النجوم شادية وسهير البابلي وعبدالمنعم مدبولي وأحمد بدير و”الواد سيد الشغال” (1985) للزعيم عادل إمام، و”عشان خاطر عيونك” (1987) بطولة النجمين فؤاد المهندس وشريهان.

مونيكا والمحظوظ

وكانت “بهلول في استنبول” أول لقاء مسرحي يجمع بين النجم سمير غانم والفنانة إلهام شاهين، تأليف يوسف معاطي وإخراج محمد عبدالعزيز، وشارك في البطولة غسان مطر وطلعت زكريا وبثينة رشوان، وتدور المسرحية حول الشاب بهلول الذي يحاول السفر إلى تركيا عبر عدد من المواقف الكوميدية، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، واستمر عرضها خمسة مواسم متتالية.

وارتبطت المسرحية بموقف صعب للنجم الراحل، وتكبد وقتها ضرائب تصل إلى 175 ألف جنيه، بحسب ما نشرت مجلة “روز اليوسف” المصرية في مارس 2000، ونجح سمير غانم في إنهاء مشكلته مع الضرائب بعد أن عقد مصالحة تقرر بعدها أن يدفع 150 ألف جنيه بدلاً من 400 ألف عن العام 1999، حيث فوجئ بالمبلغ بعد أن أفصح أحد المنتجين بقيمة عقده الحقيقي عن مسرحية “بهلول في استنبول” وعلى أُثره قرر غانم وقف العمل معه.

وخلال عرض “بهلول” قدم “ملك الارتجال” مسرحيتين للعرض التلفزيوني من إخراج محمود أبو جليلة، الأولى “أنا ومراتي ومونيكا” تأليف أحمد الإبياري، والثانية “المحظوظ وأنا” للمؤلف الراحل أبو السعود الإبياري، وقام بإعدادها أحمد الإبياري، وتدور أحداث المسرحية حول قصة حب بين رايق (سمير غانم)، ووردة (جيهان نصر)، التي تحاول والدتها المتسلطة إفشال تلك العلاقة، ولكنهما ينجحان في إتمام زواجهما.

المطرب والكوميديان

وقد فرض سمير غانم حضوره نجماً كوميدياً، لكن مسرحياته اتسعت لمشاركة نجوم آخرين، مثل إلهام شاهين، والفنان وحيد سيف بخفة ظله وقدراته الهائلة على تفجير ينابيع الضحك، والفنانة إسعاد يونس التي حققت نجاحها كممثلة كوميدية متميزة، وظهر أيضاً عددٌ من النجوم الصاعدين ـ آنذاك ـ منهم الفنان طلعت زكريا، وجيهان نصر وحنان شوقي وغيرهم.

وتعامل غانم مع أجيال من المؤلفين والمخرجين، بما يعكس رغبته الدائمة في تقديم الجديد لجمهوره، وصار مسرحه استثنائياً بين الفرق الأخرى، وحمل بعض خصائص مشواره مع فرقة “الثلاثي” منها الكوميديا الغنائية، إذ لا يخلو عمل من أعماله من الغناء التعبيري، بما لديه من قدرات خاصة على أداء تلك الفواصل، وتقليد المطربين الشعبيين أمثال محمد طه وشفيق جلال.

ولم يتوقع غانم أن يزاحمه مطرب شعبي على خشبة المسرح، ولكنه كوَّن مع شعبان عبدالرحيم الشهير بـ”شعبولا” ثنائياً فنياً حقق نجاحاً كبيراً، وأضفى البهجة على جمهور مسرحية “دو ري مي فاصوليا” حين عرضت في عام 2001، تأليف أحمد الإبياري وإخراج محمود أبو جليلة، واستمرت لأربعة مواسم متتالية.

كانت “دو ري مي فاصوليا” بداية التعارف بين غانم وشعبولا، حين اقترح المؤلف أحمد الإبياري بوصفه منتج المسرحية، أن يمنح المطرب الشعبي فرصة التمثيل المسرحي، لا سيما بعد أن غامر المخرج السينمائي دواد عبدالسيد، بمنحة دور البطولة في فيلم “مواطن ومخبر وحرامي” في العام ذاته، وكشف خلاله عن موهبته الكوميدية.

وتخوف غانم من الفكرة، لاختلاف العمل السينمائي عن المسرحي، فالأول يعتمد على تصوير المشاهد، ويمكن إعادة تصويرها أكثر من مرة، بينما المسرح لا يحتمل الخطأ أو ارتباك الممثل، إلا أن المنتج راهن على شعبان عبدالرحيم، وأقنع “ملك الارتجال” بخوض تلك المغامرة، ونجحت المسرحية بتعاون “الثنائي” كما أشاد بهما الجمهور والنقاد على حد سواء.

وخلال عرض “دو ري مي فاصوليا” توطدت صداقة غانم وعبدالرحيم، وامتدت إلى حياتهما الشخصية، ودائماً ما عبرا عن احترامهما لبعضهما البعض في العديد من اللقاءات التلفزيونية، وكانا يستعيدان الكثير من المواقف الطريفة التي حدثت في الكواليس أو على خشبة المسرح في الأعمال التي تشاركا في بطولتها.

ومن تلك المواقف، عندما ظهر شعبان عبدالرحيم للمرة الأولى على خشبة المسرح، حيث صدر منه موقف تلقائي حاز على إعجاب الجمهور، وكان سمير غانم في غرفته في أثناء العرض ينتظر دخوله إلى المسرح، فسمع صراخاً بين الجمهور، فخرج مسرعاً ليسأل عن السبب، فقالوا إن الجمهور يضج من الضحك على شعبان، وعندما تساءل عن السبب قالوا إن تليفونه الجوال رن وهو يقف على المسرح، فأخرجه ورد عليه، وكان المتصل والدته، ليرد عليها قائلاً: “أيوه يا أمي أنا مع الفنان سمير غانم وهتصل بيكي بعدين”، ما دفع الجمهور للضحك بسبب تلقائيته، لذا طلب المؤلف وهو منتج العمل أيضاً، أحمد الإبياري، من شعبان أن يكرر هذا المشهد يومياً.

وبعد نجاح “دو ري مي فاصوليا” رشّح الإبياري “الثنائي” لمسرحية “عودة المستخبي” ولكن شعبان اعتذر ولم يشارك فيها، أما سر نجاح المسرحية الأولى فكان ذلك التناغم الكبير بين النجمين إلى جانب حب الجمهور لأغنية “دو ري مي فاصوليا” التي حققت رواجاً كبيراً وقت عرض المسرحية.

ولم يترك غانم فرصة في مقابلاته التلفزيونية من دون أن يتحدث عن شعبان عبدالرحيم، وحبه لأغانيه، وشخصيته التلقائية، بل كان يراه أفضل “كوميديان” في مصر، وتلك الشهادة من نجم كوميدي بحجم سمير غانم، كانت مبعثاً للسعادة لدى المطرب الشعبي، ودائماً كان يفتخر بتجربته المسرحية مع “ملك الارتجال”.

وتكرّرت المواقف الطريفة بينهما على شاشة التلفزيون، واعتاد سمير أن يداعب عبدالرحيم ببعض “المقالب” الكوميدية، وبدوره كان المطرب الشعبي يداعبه بقوله إن سمير غانم حاول تقليده بشراء الأقمشة والذهاب بها إلى ترزي آخر ولكنه فشل في ذلك: “ملابسي ماركة مسجلة باسمي فقط”.

وعندما مرض شعبان، تحدث غانم عن حبه للفنان الشعبي، وأنه في حاجة إلى الضحك والسعادة كما أسعد الملايين من الشعب المصري، وتداعت ذكرياته عندما قدما معاً مسرحية “دو ري مي فاصوليا” وقدرته على إضحاك الجمهور، وأن شعبان مر بمواقف كثيرة صعبة في حياته، وتأثر كثيراً برحيله في 3 ديسمبر عام 2019.

انتصار الشرّاح تتألق مع «سمير وعيلته الكتير»

شاركت الفنانة الراحلة انتصار الشرّاح مع الراحل سمير غانم في مسلسل “سمير وعيلته الكتير” عام 2009، وينتمي هذا العمل لنوعية مسلسلات “الميني تياترو”، وتم تصوير حلقاته على خشبة المسرح، وفي حضور الجمهور ومدة الحلقة لا تزيد على 20 دقيقة.

ودارت أحداث المسلسل في إطار كوميدي، حول رجل أعمال مصري (سمير) دائم السفر إلى الخارج بحكم عمله التجاري، والذي يتزوج من امرأة من كل بلد يسافر إليه، لكنه يعود إلى مصر بعد الأزمة المالية العالمية.

ويعد “سمير وعيلته الكتير” العمل المشترك الوحيد بين غانم والشراح، التي جسدت شخصية إحدى زوجات “سمير” مع كل من الممثلة السورية سوسن ميخائيل، والممثلة المصرية رانيا يوسف، والمسلسل من تأليف أحمد سلامة، وإخراج أحمد البدري.

والمعروف أن الشرّاح كانت تتفرد بين ممثلات جيلها في أداء الأدوار الكوميدية، وشكلت ثنائياً كوميدياً مع الفنان داود حسين وقدما معاً أعمالاً كوميدية بارزة منها “مع الأنغام” و”فضائيات” و”كوكتيل” و”عش الزوجية” وغيرها، وشاء القدر أن ترحل يوم 31 يوليو 2021، بعد رحيل الفنان سمير غانم بأشهر قليلة.

آخر مكالمة مع شعبان

إلى جانب مسرحية “دو ري مي فاصوليا” التي انطلق عرضها عام 2001، التقى المطرب الشعبي الراحل شعبان عبدالرحيم في عدة أعمال فنية أخرى مع النجم الراحل سمير غانم، منها مسلسل “عبدالحميد أكاديمي” عام 2005 ومسرحية “سيبوني أغني” عام 2017، آخر عمل جميع بينهما على المسرح.

وروى عصام شعبان (نجل المطرب الراحل) أسرار آخر مكالمة هاتفية بين والده والفنان سمير غانم، عندما داهم المرض والده، ونُقِل إلى المستشفي، وكان يتلقى مكالمات كثيرة من زملائه وجمهوره للاطمئنان عليه، وفي إحدى المرات، وجد والده يبكي بشدة، وبعد انتهاء المكالمة سأله عن المتصل، فقال له: “عمك سمير زعلان عليَّ”، وكانت تلك هي المكالمة الأخيرة بينهما قبل أن يودع شعبان الدنيا.

مواقف طريفة مع إلهام شاهين

شاركت النجمة إلهام شاهين مع الراحل سمير غانم في أعمال فنية عدة، سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون، منها فيلم “احترس عصابة النساء” و”فوازير فطوطة”، وكانت أهم تجاربها معه في مسرحية “بهلول في استنبول” التي استمر عرضها خمس سنوات متتالية لما حققته من نجاح كبير.

وشهدت كواليس تلك المسرحية العديد من المواقف الطريفة، فذات مرة أعطى أحد الأشخاص الفنانة إلهام شاهين وردة في الكواليس قبل صعودها إلى المسرح، فلم تجد مكاناً لها فوضعتها في فستانها، فقام سمير بتركيب أكثر من 20 “إفيه” عنها، وأصابتها حالة دهشة لسرعته في ارتجال وتركيب الجُمل المضحكة التي تسببت في إضحاكها وفريق المسرحية حتى نهاية اليوم.

كذلك ارتبطت إلهام بصداقة أسرية مع النجم الراحل سمير غانم وزوجته الراحلة دلال عبدالعزيز وابنتيه دنيا وإيمي، وكان آخر لقاء معهم في أحد المصايف، وبعدها حدث تفشي وباء كورونا، ورحل الثنائي “غانم ودلال” كأشهر زوجين في الوسط الفني، بعد قصة حب وزواج دامت أكثر من 40 عاماً.

أحمد الجمَّال

«فارس وبني خيبان» مغامرة مسرحية خطيرة في عالم الإدمان

ملك الارتجال يتعاون مع فيصل ندا في «صفقة بمليون دولار»

منتج مسرحي يتسبب في أزمة بين «الكوميديان» والضرائب

فرض حضوره نجماً كوميدياً لكن مسرحياته اتسعت لمشاركة نجوم آخرين
back to top