اختراق في مفاوضات أوكرانيا وموسكو تعلّق هجومها بمحورين

• كييف تطالب بضمانات دولية لقبول الحياد
• المقترحات الأوكرانية تتضمن مشاورات لـ 15 عاماً بشأن القرم

نشر في 30-03-2022
آخر تحديث 30-03-2022 | 00:04
على غير المتوقع، حققت الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا، التي استضافتها تركيا، اختراقاً بعد تسلُّم موسكو اقتراحات أوكرانية اعتُبرت مقبولة، ومقابلتها ذلك بتعليق هجومها على محورين.
رغم انطلاقتها الفاترة ومن دون مصافحة وتحذيرات من تناول الأكل والشرب على خلفية تقارير بالتسمم، حققت الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين المفاوضين الأوكرانيين والروس في تركيا اختراقاً مهماً في جدار النزاع المستمر منذ أكثر شهر، في وقت تحدث الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين هاتفياً مرة جديدة، لتأمين إطلاق عملية إنسانية، خصوصاً في مدينة ماريوبول المحاصرة.

وبدأت المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني بقصر دولما بخشة في إسطنبول، بلقاء مع الرئيس رجب طيب إردوغان، واستمرت نحو 4 ساعات تخللها فترات راحة من حين لآخر، قبل أن تتواصل مجدداً عبر الإنترنت.

وفي ختام المباحثات، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن المفاوضات الروسية - الأوكرانية بدأت تثمر السلام والتقارب في وجهات النظر، مؤكداً أنه لم يتم الاقتراب من التفاهم في أي محادثات بقدر ما تم التوصل إليه اليوم.

وأكد أوغلو التوصل إلى بعض النقاط، على أن تناقش المفاوضات في الأيام المقبلة بنود الاتفاق، مشدداً على ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق نار في أوكرانيا بأسرع بشكل. وأوضح أن الحديث بين الوفدين تناول أيضاً لقاء الرئيس الروسي بوتين ونظيره الأوكراني زيلنسكي، ويتم حالياً التخطيط للقاء جديد بين وزيرَي خارجيتهما سيرغي لافروف وديميترو كوليبا، لحسم مسار المسائل الأكثر صعوبة خلال اللقاءات القادمة.

تغيّر جذري

ومع انتهاء الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة، قررت وزارة الدفاع الروسية خفض عملياتها القتالية بشكل جذري على محورَي كييف وتشيرنيهيف بشمال أوكرانيا، لتهيئة ظروف مواتية لمواصلة المحادثات السلمية.

وقال نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين: «نظراً إلى أن المفاوضات حول إعداد اتفاق بشأن الوضع الحيادي وغير النووي لأوكرانيا، وكذلك بشأن توفير ضمانات أمنية لها تنتقل إلى المجال العملي، وأخذاً في الاعتبار المبادئ التي نوقشت، قررت وزارة الدفاع تقليص العمليات العسكرية بشكل جذري على محورَي كييف تشيرنيهيف»، موضحاً أن القرار يهدف إلى «تعزيز الثقة المتبادلة وتهيئة الظروف اللازمة لمواصلة المفاوضات، وتحقيق الهدف النهائي وتوقيع الاتفاقية».

معاهدة مشتركة

بدوره، قال كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي: «جرت المفاوضات بشكل بناء. وتلقينا مقترحات أوكرانية للنظر فيها وموقف مصاغ بوضوح لإدراجه بالاتفاقية»، مضيفاً أن الاجتماع بين بوتين وزيلينسكي ممكن بالتزامن مع التوقيع بالأحرف الأولى على المعاهدة بين روسيا وأوكرانيا على مستوى وزيرَي الخارجية، والنظر في تفاصيل الاتفاقية ومناقشة التفاصيل السياسية المختلفة».

وكشف ميدينسكي عن تلقيه «مقترحات خطية من أوكرانيا تؤكد سعيها إلى أن تكون دولة محايدة وخالية من الأسلحة النووية وإنتاج ونشر جميع أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الكيماوية والبكتريولوجية، وحظر القواعد الأجنبية بأراضيها».

حياد وضمانات

من جانبه، أعلن رئيس الوفد الأوكراني ديفيد أراخميا إحراز تقدم كافٍ في المحادثات لحل النزاع مع روسيا، والاتفاق على بعض التفاصيل، مؤكداً أن «نتائج الاجتماع كافية لعقد لقاء على مستوى القادة.

واقترح الوفد الأوكراني تبنّي وضع محايد مقابل ضمانات أمنية، من الولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة المتحدة الأعضاء في مجلس الأمن، بالاضافة إلى تركيا وألمانيا وبولندا وإسرائيل، مبيناً أن مقترحاته تشمل أيضاً فترة مشاورات مدتها 15 عاماً بشأن وضع شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا، ويمكن أن تدخل حيز التنفيذ فقط في حالة وقف إطلاق النار الكامل.

وقال أراخميا: «نريد آلية دولية من الضمانات الأمنية تعمل من خلالها دول ضامنة؛ مثل إسرائيل وبولندا وكندا وتركيا، بطريقة شبيهة للفصل الخامس من ميثاق حلف شمال الأطلسي، بل حتى بشكل أكثر صرامة»، لافتاً إلى أن «المكسب الأول لنا هو نقل ​المفاوضات​ من بيلا​روسيا​ إلى تركيا».

وتوقّع أراخميا اتفاقا بشأن الحدود يحقق الأمن داخل أوكرانيا، وعلى جميع حدودها المرسومة عام 1991»، لافتا إلى أنه «سيكون هناك استفتاء عام على أي اتفاق مع روسيا، وهذا لا يمكن الحديث عنه دون رجوع ​اللاجئين​ إلى منازلهم وموافقة البرلمان.

وإذ شدد رئيس الوفد الأوكراني على أنه «لا أحد يستطيع منع أوكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تعهّد بأنها لن تنضم لحلف شمال الأطلسي (​ناتو​)، وستحاسب أي أوكراني تجاوز بحقّ الأسرى، مستبعداً التوصل إلى اتفاق قبل انسحاب الجيش الروسي إلى مناطقه في 23 فبراير»».

واعتبر مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، أن إقرار الضمانات الأمنية الدولية ما زال يعدّ قضية أساسية قبل الموافقة على وقف إطلاق النار، مشيراً إلى مناقشة خطوات لحل القضايا الإنسانية وتبادل سجناء الحرب.

وقبل انطلاق الاجتماع، حذّر كوليبا وفده من لمس أي أسطح أو تناول الأكل أو الشرب مع نظرائهم الروس، عقب ما تردّد عن تسمّم رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش ومفاوضين أوكرانيين.

ومع وضع إردوغان وفدَي موسكو وكييف تحت الضغط للتوصل إلى حلول تنهي الحرب، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع بوتين هاتفياً مرة جديدة، في وقت بدا الوضع هادئاً نسبياً في محيط العاصمة الأوكرانية.

ووفق قصر الإليزيه، فإن ماكرون ناقش مع بوتين «تأمين إطلاق عملية إنسانية في ماريوبول المحاصرة وإجلاء المحاصرين فيها بالتعاون بين فرنسا واليونان وتركيا في الأيام القليلة المقبلة»، متّهما روسيا بـ «عدم احترام القانون الإنساني الدولي». وذكّرت المتحدثة باسم «الخارجية» الفرنسية، آن كلير لوغاندر، أن ماكرون أجرى سلسلة من المحادثات المطولة مع بوتين، ويعتزم إبقاء هذه القناة للاتصال مفتوحة.

سفراء البلطيق

إلى ذلك، استدعت «الخارجية» الروسية، أمس، سفراء دول البلطيق لإبلاغهم بقرار طردها 10 دبلوماسيين؛ هم 3 من أستونيا ولاتفيا و4 من ليتوانيا، في رد مماثل على تحرّك منسق من الدول الثلاث للتضامن مع أوكرانيا وإبعادها 10 من البعثات الروسية في 18 الجاري بدعوى ممارستهم أنشطة «لا تتوافق مع وضعهم».

في المقابل، قررت «الخارجية» الهولندية طرد 17 دبلوماسياً روسياً لتنفيذهم أنشطة تجسسية. كما قررت «الخارجية» البلجيكية طرد 21 دبلوماسياً روسيا بتهمتَي التجسس وتهديد الأمن.

ميدانياً، قتل شخصان على الأقل في غارة روسية دمرت جزئياً مبنى الإدارة الإقليمية في ميكولاييف. وكتب الحاكم فيتالي كيم: «نبحث عن 8 مدنيين و3 جنود».

طرد 38 دبلوماسياً روسياً من هولندا وبلجيكا بتهمة التجسس... وموسكو تُبعد 10 من دول البلطيق
back to top