بقايا خيال: التسوّل بين نظام التوقيع والبصمة

نشر في 25-03-2022
آخر تحديث 25-03-2022 | 00:08
 يوسف عبدالكريم الزنكوي يبدو أن موضوع البصمة الوراثية اختلط في أذهان بعض السياسيين والنقابين فظنوا أن هناك من يطالب الحكومة بتطبيق نظام البصمة في مسألة الحضور والغياب، ويبدو أن لمن أثار موضوع البصمة الوظيفية ويحاول منع تطبيقها مصالح خاصة لا يريد لها أن تتأثر سلباً بهذا القرار، أو أنه لا يقدر على تكييف نفسه وظروفه مع متطلبات البصمة إن طبقت، فيطالب بإبقاء الوضع على ما هو عليه، وعلى المال العام المتضرر أن يضرب رأسه في الحائط، وإلا فما الذي يضير المخلص في عمله أن يستخدم البصمة عند الدخول والخروج من الدوام؟ أنا أعرف أن مهمة عضو مجلس الأمة (المشرع) تشريع القوانين لتنظيم البلد، ولكن هناك نواب يتهافتون على مشاريع قانونية لا فائدة من ورائها سوى أغراض انتخابية، حتى لو كان فيها خراب البلد.

وإذا كنا نعرف أن غالبية النواب لا يحضرون اجتماعات اللجان البرلمانية ولا ينظرون في التقارير الاقتصادية التي تؤكد أهمية تطبيق البصمة لتحديد أماكن البطالة المقنعة، فكيف يدعي بعض النواب، ومعهم النقابيون، أن تطبيق البصمة مضر بالموظفين؟ فالبصمة لا تقل في أهميتها ولا تختلف عن التوقيع عند الدخول والخروج من الدوام، ولإجبار البعض على الحضور ومن ثم الإنتاج، فلماذا يقبلون بتفاقم ظاهرة التسيب في الوظائف الحكومية حتى بتنا نرى بعض الإدارات خالية من موظفيها، فتتعطل مصالح الناس؟ ولماذا يحولون الدولة إلى مزرعة أبقار لحلبها دون تقديم أي شيء بالمقابل؟ الغريب أن لدى مجلس الأمة والحكومة دراسات محلية وعالمية تؤيد تطبيق البصمة في مؤسسات الدولة لتحقيق المصلحة العامة، ولكنهم لا ينشرونها على الملأ لتأكيد جدوى تطبيق البصمة.

كلنا يعرف أن النظام القديم لتحديد زمن الحضور والغياب صار مخترقاً بسبب تقليد التواقيع وتزويرها على محاضر الحضور والغياب وتزايد حالات التسيب، ورغم ذلك هناك من يدعي البعض بأن نظام البصمة مجحف بحق الموظفين، خصوصاً أولئك الذين يزاولون أعمالاً تتطلب من شاغليها التنقل بين مراكز عدة أثناء الدوام، ولهذا يستوجب الإعفاء من البصمة، ولكن الأغلبية الساحقة من الموظفين لا تنطبق عليهم هذه الصفة الوظيفية، كما أن بإمكان رئيس العمل أن يستثني بعض موظفيه من التقيد بالبصمة، دون أن يجعل الوظيفة مصدر رزق مجاني، أو "سبيلا" للتربح أو منجماً للذهب دون أو يقدم للدولة شيئاً بالمقابل.

ورغم ذلك يبرز بيننا من يتسول عند باب الحكومة ويطالبها بعدم المساواة بين المدير أو من بلغت مدة خدمته أكثر من 25 سنة وبين الموظف الجديد في العمل، إذ يطالبون لهذه الفئة بحق عدم التقاعد وإعفائهم من البصمة، ومنحهم حق الاكتفاء بالتوقيع بالحضور والانصراف لا البصمة، وكأن مقر العمل أشبه ما يكون بالديوانية بدلاً من أن يكون مصنعا للعطاء والإنتاج، ولهذا نتساءل: ما الفائدة المرجوة من موظف غير منتج وغير منجز يأتي إلى الدوام لمجرد الاكتفاء بالتوقيع بالحضور والانصراف؟ وإذا كان لابد من بقائه في الوظيفة لأنه خدم 25 سنة ولا يرغب في التقاعد بسبب قصر فترة الخدمة، فلماذا لا "ينثبر" في بيته ويتسلم راتبه هناك؟

● يوسف عبدالكريم الزنكوي

back to top