المعارضة وزعيق الطواحين

نشر في 18-03-2022
آخر تحديث 18-03-2022 | 00:00
 ناجي الملا أُناشد الجناح المعارض من أعضاء مجلس الأمة وبالأخص العضو المحترم شعيب المويزري والعضو المحترم محمد المطير أن يهجروا العصبية ولا يسمحوا للانفعال المفرط أن يأخذ بزمام ألسنتهم ومواقفهم، ولابد أن يضعوا أعصابهم في صقيع الحكمة ولا يستفزهم خصمهم أيا كان وبالغاً ما بلغت ألاعيبه ورهاناته.

خصمكم حكومة لم تحل مشكلة تطاير الحصى والحفر في الشوارع ولم تقارب معالجة تورم التركيبة السكانية وارتفاع أسعار العقار والإيجارات وكثرة الجرائم والضغط على المرافق والبنية التحتية، وبالتالي عدم حل أزمة السكن وحوادث المرور، أما مشكلة عجز الموازنة ورداءة الخدمات الصحية والتعليمية فهو من غير المُفكَر فيه لديها.

ولكن نقطة قوة الخصم تكمن في أنه للأسف يعرف أين تكمن أزرار استفزاز نواب المعارضة، فهو يلعب ويتحكم فيهم، وكأنهم أحجار شطرنج صماء أو طين رخو أمامه يشكله كيف يشاء، وهذا لا يليق بهم، ولا يليق بمن يتصدى لمصالح الشعب، إذ لا يتناسب وطبيعة المهمة التي خولها لهم هذا الشعب والتي تتطلب أعظم قدر من الحكمة والدهاء والوعي الاستباقي الذي يبطل مفعول الفخاخ وينزع صواعق ألغام الاستفزاز المزروعة لهم.

الداهية هو من يموه أزراره وربما يتصنع انفعالات وردود فعل ظاهرها يخالف بواطنها، لربما يكون انفعاله بارداً من حيث يتوقع خصومه أنه سيكون ملتهبا والعكس صحيح، أما إن كانت انفعالاته منفلتة من عقال الدهاء والفطنة فسيتحول إلى ألعوبه بيد خصمه ويُمَل حتى من مؤيديه، وهنا الخطر، إذ يستحوذ عليهم اليأس.

ويجب أن يمتد هذا الدهاء والذكاء لمستويات أوسع، بحيث يشمل جميع أطراف الخصومة، وبحيث يقلب توقعاتهم عليهم، فيجب ألا يجره خصمه للساحة التي يختارها له ويمارس فيها أفانين خططه، ويستنزف قواه ويخرجه من طوره ليظهر للناس كشخصية عصابية غير مستحقة للثقة.

أنا أرى أن خير وسيلة لجر خصومكم إلى الساحة التي تفضحهم وتعريهم وتجردهم من كل ألاعيبهم هي وضع رؤية وبرنامج إنقاذي وإصلاحي محدد وجاهز للتنفيذ، ويدفَع به بقوة وذكاء إلى قناعة الشعب، ويشغل الساحة السياسية والاجتماعية ويحرك العقول والمنظمات الحيوية في المجتمع، ويكون برنامجا متكاملا وعبقريا، ومثال ذلك: وضع برنامج محدد للإسكان معزز بعروض شركات ونماذج قائمة في الدول المتقدمة وفي دول خليجية وفي دول مثل تركيا بتفاصيلها وإيجابياتها من حيث تناسبها مع بيئة الكويت واحتياجات المواطنين وتكاليفها، ومدد إنجازها وإمكانية تصنيع موادها وتركيبها وبنائها في الكويت بعمالة كويتية، ويتم تحديد المناطق وتحرير السواحل، بحيث تكون أغلبها مدنا بحرية، وقد وضعنا بعض تفاصيلها في مقالاتنا السابقة، ومثال آخر الخصخصة للقطاع الإنتاجي يقدم بشكل ترتيب زمني حسب أولويات مبررة، ومشفوعا بضمانات وإجراءات ومسوغات تقنع وتحشد التأييد الشعبي للخصخصة، وإصلاح التركيبة السكانية وفق خطة وبرنامج محدد من الإجراءات والسياسات والعقوبات، وأيضا التأمين الصحي الذي يغطي العلاج في الداخل والخارج، والتعليم وكيف يرتقي إلى مستويات تضمن التوافق مع المعايير الدولية، وكيف يلبي احتياج سوق العمل، ويتكامل مع النشاط الاقتصادي، والمواصلات وكيف تكون وسائل النقل راقية وجاذبة وموضوعة وفق خطة تغني عن امتلاك العمالة والطلبة سيارات خاصة، وتنهي زحمة المرور، وتصل وسائل النقل إلى المحطات وفق جدول زمني محسوب بالدقيقة... إلخ.

في غياب برنامج محدد بهذه المواصفات تتحول الساحة إلى حلبة صراع أجوف بشع تُستنزَف فيه المعارضة، ولا نرى طحينا لرحى هذا الصراع، بل يصكُّ آذاننا زعيق ونعيق شِقِّي الرَّحي الفارغة من أي حبوب.

● ناجي الملا

back to top