النواب والمسؤولية

نشر في 11-03-2022
آخر تحديث 11-03-2022 | 00:03
 حبيب السنافي جلبة حديث الفساد المستشري في البلد أثناء استجواب وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي أثارت الشك في حقيقة رغبة طرفي المسؤولية، الحكومة وأعضاء البرلمان في التصدي لأسباب ومسببي الفساد، فالحديث عن العلة أولى من الحديث عن المعلول، ومن يرد تفادي الحرب يتجنب شرارتها، ومن يرم القضاء على الصعاب والمعضلات يقوّض بواعثها، ومن يأمل القضاء على الفساد فإن عليه اجتثاث أسبابه وكشف وسائله وفضح مقاوليه، هذه هي الآلية المفترضة، أما التصاريح اللفظية الحكومية فهي الهراء بعينه، ونوابنا منذ يومهم الأول في البرلمان يخططون لاستمراريتهم فيه بكل الوسائل المتاحة.

علينا الإقرار بأن معظم النواب غير مؤهلين سياسياً لتولي مسؤولياتهم المنوطة بهم، فرق جلي بين كونهم أصحاب شهادات جامعية متخصصة وبين كونهم ملمين بقواعد العمل السياسي النيابي، وكيفية المناورة السياسية وتكتيكاتها المتبعة عند الأزمات والمعضلات، فهم مخفقون في خلق واستغلال نوادر الفرص السياسية وابتكار الحلول التوافقية، ويفتقرون كثيراً للمبادرات والدينامية الفكرية، فالولوج للسياسة يرتكز على امتلاك فطرة وخبرة سياسية ومعرفة قانونية وكاريزما اجتماعية قادرة على إدراك القرار الصائب بحكمة وفطنة.

ليس من مهام عضو البرلمان التدخل المباشر في مطالب المواطنين المنافية للحريات، كالمواطن المعترض على أحداث ووقائع تقع هنا وهناك، وما على المواطن سوى التوجه للجهات الحكومية وتقديم شكوى رسمية، هذا أقصى ماعليه أداؤه، أما النائب فمسؤوليته متابعة الأحداث وتصويب الخلل

وسد القصور التشريعي من خلال تشريع القوانين الدستورية التي تحفط حقوق الأفراد والجماعات، خطأ جسيم ما نلاحظه من تدخل مباشر لبعض النواب في القضايا والفعاليات المجتمعية، فعليه ألا يتقمص دور الشرطي والمباحث والمحامي في آن واحد.

الحكومة والبرلمان تاها في نزال التحدي والمنافسة والصراع على مرتع السلطة والثروة، وكأن مفهوم السياسة لديهما هو تقويض وتحجيم أحدهما للآخر، وهذا له حظه الوافر من الخواء الفكري والانكفاء الثقافي.

الفساد لا يتسنى محوه، هو متأصل بالوجود الإنساني، نوازعه ومصالحه، ومن يتابع أخبار البرلمانات في العالم سيذهله استشراء وتغلغل أشكال الفساد فيها بنسب مرتفعة وحتى في أرقى وأعتق البرلمانات كالبرلمان البريطاني والكونغرس الأميركي، بالرغم من صيتهما الديموقراطي.

حبيب السنافي

back to top