العراق: الميليشيات تشغّل «محركات الفوضى»

تنامي دور «المحكمة العليا» يطرح سيناريوهات الإطاحة بالكاظمي

نشر في 09-03-2022
آخر تحديث 09-03-2022 | 00:03
عراقيتان تعملان في مصنع للطوب في النهروان قرب بغداد أمس (رويترز)
عراقيتان تعملان في مصنع للطوب في النهروان قرب بغداد أمس (رويترز)
قالت مصادر سياسية رفيعة في بغداد إن حكومة مصطفى الكاظمي ترصد تحركات حثيثة لدى الفصائل الموالية لطهران، تهدف الى استثمار تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على الاقتصاد العراقي، إذ تنخرط وسائل الإعلام والأجنحة السياسية لما يُعرف بـ «قوى الإطار التنسيقي» في استغلال الزيادة الملحوظة لأسعار السلع الغذائية، بهدف خلق فوضى، وسط احتجاجات شعبية متوقعة، مشيرة الى أن ذلك نوع جديد من التصعيد السياسي الخطير.

وتذكر المصادر لـ «الجريدة» أنه من الممكن خروج الأحداث عن السيطرة، وقد يخلق الأمر فرصة للفصائل كي تدعو الى إلغاء نتائج الانتخابات العامة التي تلقّت فيها خسارة مدوية، وصولا للدعوة إلى تسليم السلطة لحكومة مؤقتة تديرها المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى، الموصوف بأنه خاضع لضغوط طهران.

وتصف المصادر ذلك بأنه ورقة كبرى قد تفكر ايران في اللجوء اليها قبل الصيف، ردا على صمود الموقف التفاوضي حول تشكيل الحكومة المقبلة، لدى القوى الفائزة في الانتخابات، خصوصا تيار مقتدى الصدر وحزب الزعيم الكردي مسعود بارزاني والقوى السنيّة، وهم أبرز المعارضين لمحور إيران في العراق.

وترصد الأوساط السياسية تصاعدا فيما تصفه بـ «آليات صناعة الفوضى»، فرغم فشل الفصائل في محاولاتها السابقة لإلغاء نتائج الانتخابات منذ اقتراع اكتوبر الماضي، فإن ظهور منطقة نزاع جديدة مثل أوكرانيا وتداعيات ذلك، يخدم حاليا أجواء الفوضى التي قد تفتح شهية إيران لاستغلالها، مع الأطراف التي تريد معاقبة جناح مصطفى الكاظمي وحلفائه العرب والأكراد.

ورغم صعود أسعار النفط، تتوقع بغداد وحلفاؤها آثارا كبيرة على اقتصادات الشرق الأوسط خلال الأسابيع المقبلة، لكن وجود حكومة مشلولة في بغداد سيضاعف آثار الصراع الأوكراني، على حالة العراق. وتوضح المصادر أن حكومة الكاظمي ستبقى برسم تصريف الأعمال، وتعجز عن التكيف مع الظروف الطارئة، لأنها مقيدة بنفقات تشغيلية محددة جدا.

وقالت أوساط مقربة من الحكومة، إن الكاظمي سيبادر الى إعلان حزمة إجراءات طوارئ لمعالجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وحماية الطبقة الأشد فقرا، وإنه سيطالب البرلمان بتوفير غطاء قانوني للإصلاحات المالية والتجارية العاجلة.

يأتي ذلك وسط «تغوّل كبير» لدور المحكمة العليا التي باتت تتدخل في تفاصيل الإدارة اليومية بشكل يثير أشد أنواع القلق من استغلال الجناح الإيراني الضاغط للقضاء، وفقا للقرارات الأخيرة التي صدرت عن المحكمة في مسائل النزاع السياسي الكبرى.

وتؤكد المصادر أن المحكمة رفضت طلبا حكوميا بتأجيل النظر في عدد من القضايا الحساسة التي يصعب حلها خلال فترة المفاوضات على تشكيل الحكومة المقبلة، خصوصا ملف النزاع على إدارة نفط اقليم كردستان العراق، وحل لجنة أمنية عليا يديرها وكيل الاستخبارات الفريق أحمد ابو رغيف، وتحقق منذ شهور في فوضى الفساد المالي وتهريب نحو ١٠٠ مليار دولار من العمولات المشبوهة خارج العراق.

وتتركز خشية الأوساط السياسية على استخدام القضاء لفرض مزيد من القيود على حكومة الكاظمي لجعلها عاجزة حيال الأزمة الاقتصادية والأمنية، وإجبار القوى الأخرى على الاعتراف بظرف طوارئ قد يطلق يد حلفاء إيران في البلاد، بعد نجاح تيار من الأحزاب التقليدية في محاصرة الفصائل سياسيا، بعد أن خسرت معظم نفوذها في اقتراع اكتوبر النيابي.

وبلغ تدخل القضاء في تفاصيل الإدارة حد أن المحكمة العليا بدأت تنظر حتى في سعر صرف الدينار، الذي غيّره البنك المركزي قبل سنة للتماشي مع تذبذب اسواق النفط والعجز الكبير في الموازنة العامة، مما يعني تناميا لدور القضاء وسط فراغ سياسي لا يبدو أنه أمام انفراج قريب.

محمد البصري

back to top